بينها غزو شامل.. هذه سيناريوهات روسيا المحتملة في الازمة الاوكرانية
بإعلانه اعتراف موسكو باستقلال منطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا وإصداره أمراً للقوات الروسية بدخول هاتين المنطقتين «لحفظ السلام»، حيّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحلّلين وجعلهم يتساءلون عمّا إذا الكرملين بصدد الإعداد لتوغّل أوسع نطاقاً.
وينقسم المحلّلون بشأن الاستراتيجية التي تعتزم روسيا اتّباعها في ملف أوكرانيا، ففي حين يعتقد بعضهم أنّ غزواً أوسع نطاقاً لا يزال مطروحا، يتوقع آخرون أن يحافظ بوتين على الوضع القائم الجديد، أقلّه في الوقت الراهن.
وفي خطاب متّقد وجّهه وقالت الرئاسة الفرنسية إن «البارانويا» (جنون الارتياب) طغت عليه، شكّك بوتين في حقّ أوكرانيا في إقامة دولة وطعن بشرعية حكومتها، بل ذهب إلى حدّ اتّهام كييف بالسعي لحيازة قنبلة نووية.
وإذ ضمّن بوتين خطابه سرداً تاريخياً طويلاً، اكتفى بالاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين، لكنّه وجّه تحذيراً حازماً للحكومة الأوكرانية التي حمّلها «كامل المسؤولية» عن أيّ سفك للدماء.
وفي ما يلي تلقي وكالة فرانس برس نظرة على السيناريوهات المستقبلية التي قد تكون روسيا تعدّ لها في ما يتعلق بأوكرانيا:
غزو شامل
في الأسابيع الأخيرة أشارت المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى تقارير استخبارية تفيد بأنّ روسيا تخطّط لغزو شامل لأوكرانيا وستسعى للسيطرة على عاصمتها كييف.
وأجلت الولايات المتحدة دبلوماسييها من البلاد في حين قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن بوتين «يبحث عن ذريعة لشن هجوم شامل».
وتحشد روسيا منذ أسابيع نحو 150 ألف عسكري عند الحدود مع أوكرانيا، ما يدفع بعض المحلّلين إلى التشكيك في مضيّ بوتين قدما في هذه التعبئة الواسعة النطاق لمجرّد الاعتراف باستقلال منطقتين يسيطر عليهما أساساً انفصاليون موالون لموسكو.
وقال مايكل كوفمان مدير دراسات الشؤون الروسية في مركز «نيفل أناليسز» ومقرّه الولايات المتحدة «إنها الخطوة الأولى في إطار عملية عسكرية روسية يرجّح أن تكون واسعة النطاق لفرض تغيير النظام»، وهو سبق أن توقّع مرارا أن تقدم روسيا على غزو واسع النطاق لأوكرانيا.
توغل إضافي
لكن حتى في حال اعتبرت موسكو أنّ إطلاق حملة عسكرية للسيطرة على كييف ينطوي على مخاطر سياسية وعسكرية، يبقى بمقدورها أن تختار المضيّ قدماً في مواجهة قد تكون شديدة الدموية من خلال توغّل محدود النطاق.
ولا تسيطر «جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان» على كامل النطاق الإداري لمنطقتي دونيتسك ولوغانسك، لكنّ الانفصاليين يؤكّدون «سيادتهم» على هذا النطاق بأكمله.
وقد تستخدم روسيا قواتها سعياً لإخراج الحكومة الأوكرانية من هاتين المنطقتين، في حين يبقى السؤال مطروحا ًبشأن الحدود الجغرافية لهاتين «الجمهوريتين» اللتين اعترف بوتين باستقلالهما.
وقد يسعى بوتين إلى الدفع بقواته شمالاً نحو مدينة ماريوبول ثم يسعى بعد ذلك إلى ربطها بشبه جزيرة القرم الواقعة على البحر الأسود والتي ضمّتها روسيا في العام 2014، علماً بأنّ ما يربط أراضي شبه الجزيرة بالأراضي الروسية هو جسر فقط لا غير.
ورجّح أستاذ السياسات الروسية في كلية «كينغز كولدج» في لندن سام غرين أن «يتوقف بوتين عند خط المراقبة الحالي وأن يسعى إلى السيطرة على الأمور هناك بهدف تجنّب التصعيد».
وتابع «لكنّه (بوتين) سيبقي الاحتمالات مفتوحة على الذهاب أبعد من ذلك من أجل مواصلة الضغوط».
وضع قائم جديد
واحتفت وسائل الإعلام التابعة للحكومة الروسية باعتراف موسكو باستقلال المنطقتين الانفصاليتين ووصفته بأنه انتصار لروسيا التي تمكّن بوتين في الأسابيع الأخيرة من وضع هواجسها الأمنية في أعلى سلّم جدول أعمال الغرب.
وخطابه الذي استمر أكثر من ساعة أشعر البعض بأن النزاع انتهى عند هذا الحدّ وبأنّ روسيا ستتعرض لعقوبات يضاف إليها توقيف خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي يربطها بألمانيا.
وفي حين أمر بوتين القوات الروسية بـ«حفظ السلام» في المنطقتين الانفصاليتين، قال نائب وزير الخارجية الروسي أندري رودينكو إنّ لا ضرورة لإرسال قوات إلى شرق أوكرانيا في الوقت الراهن.
وأقرّ مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأنّ ما شهدناه إلى الآن ليس غزواً «شاملاً».
وتبعث روسيا برسائل ملتبسة حول الحدود الجغرافية للمنطقتين اللتين اعترفت باستقلالهما، وتختلف آراء المشرّعين الموالين للحكومة بشأن حصر الاعتراف بنطاق أراضي «جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين».
والثلاثاء أعلن الرئيس الروسي أنّ روسيا تعترف بسيادة الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا على كامل منطقتي لوغانسك ودونيتسك وليس فقط على المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وقال بوتين «اعترفنا باستقلال هاتين الجمهوريتين، ما يعني اعترافنا بكل مواثيقهما بما في ذلك دستورهما. وفي الدستور، رسمت حدود منطقتي دونيتسك ولوغانسك كما كانت عندما كانتا جزءا من أوكرانيا». لكنه أوضح أنه يجب ترسيم الحدود الدقيقة في محادثات بين الجمهوريتين الانفصاليتين وأوكرانيا.
وبعيد خطاب بوتين، كتب مدير مركز كارنيغي للأبحاث في موسكو ديمتري ترينين «روسيا-أوكرانيا: لا حرب كبرى. بل استقرار على خط الجبهة في الوقت الراهن».
لكنّه أقر بأنّ موسكو «تجاوزت خطاً مهمّاً» باعترافها باستقلال المنطقتين بالتزامن مع إقدامها بحكم الأمر الواقع على سحب الاعتراف من حكومة كييف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news