أوكرانيا كانت ثالث أقوى دولة نووية في العالم .. فمن أقنعها بالتخلي عن أسلحتها ؟
قبل 27 عاما وافقت أوكرانيا على إزالة ترسانتها النووية باتفاق أبرمته مع روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، تخلّت بموجبه كييف عن نحو 1800 رأس نووي، بحسب تقديرات الخبراء العسكريين.
ففي عام 1994 وعقب إعلان انهيار الاتحاد السوفيتي بـ3 أعوام، وقعت البلدان الثلاث مع أوكرانيا "مذكرة بودابست".
ونصت مذكرة نزع سلاح أوكرانيا النووي على "استقلال وسيادة الحدود المعلنة لأوكرانيا"، لقاء موافقة كييف على إزالة تلك الأسلحة من العهد السوفيتي من على أراضيها والانضمام لمعاهدة الحد من انتشار تلك الأسلحة.
وفي خضم العملية العسكرية الروسية الحالية، ألمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل غير مباشر إلى احتمال عودة بلاده لحيازة أسلحة نووية عبر الانسحاب من تلك الاتفاقية.
وبحسب مراقبين، فإن انضمام أوكرانيا لتلك المذكرة تسبب لها في خلل جيوسياسي، وجعلها مكشوفة في حربها الأخيرة مع روسيا، كما أضعف من قوتها العسكرية.
واتفاقية بودابست، تم توقيعها في مدينة بودابست، عاصمة هنغاريا في 4 ديسمبر 1994، ونصت على أن "اتحاد روسيا الفيدرالي وبريطانيا والولايات المتحدة تعيد التأكيد على التزامها بالامتناع عن التهديد أو استخدام القوة ضد وحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأوكرانيا، وأن أيا من أسلحتها لن تُستخدم ضد كييف باستثناء حالات الدفاع عن النفس بما يتوافق مع قرارات الأمم المتحدة".
كما ينص البند السادس في الاتفاق على أن موسكو وواشنطن ولندن "ستتشاور في حال طرأ وضع ما يهدد أمن أوكرانيا".
وتلك التعهدات لعبت دورا رئيسيًا في إقناع الحكومة الأوكرانية آنذاك بالتخلي عما يُعد ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، وتشير تقديرات إلى أنها كانت تتكون من حوالي 1800 رأس حربي نووي استراتيجي.
وكانت تلك الأسلحة عبارة عن صواريخ قصيرة المدى وأخرى من طراز "كروز" تُطلق من الجو، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وتوقيع المعاهدة عام 1994، أعادت أوكرانيا جميع أسلحتها النووية إلى روسيا بحلول عام 1996.
وتلميحات الرئيس الأوكراني حول مذكرة بودابست، رد عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، بأنه "بفضل الإرث السوفياتي لأوكرانيا لا ينقصهم سوى نظام لتخصيب اليورانيوم، لكن هذه مجرد مسألة تقنية وليست مشكلة غير قابلة للحل".
وبدوره، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن "كييف تخطط لحيازة أسلحة نووية".
ورغم أن تلك الاتفاقية اعتبرت بمثابة "تطمينات أمنية" حصلت عليها أوكرانيا مقابل التخلي عن ترسانتها النووية، لكن كييف وافقت مقابل 3 ضمانات أمنية لحمايتها من أي هجوم روسي محتمل.
وحينها طلبت كييف تعويضا ماليا عن قيمة اليورانيوم عالي التخصيب في الرؤوس الحربية النووية، والذي يمكن مزجه لاستخدامه كوقود للمفاعلات النووية، ووافقت روسيا على دفع تلك المبالغ.
أما الثاني فتعلق بتغطية كلفة التخلص من الصواريخ البالستية العابرة للقارات وصوامعها ومنصات إطلاقها، ووافقت الولايات المتحدة على تغطية تلك التكاليف.
والشرط الثالث كان يتعلق بحصول كييف على ضمانات لأمنها بمجرد تخلصها من الأسلحة النووية، وهو ما تضمنته مذكرة بودابست.
وفي تقرير ل "سكاي نيوز عربية" يقول أسامة بدر، سفير مصر الأسبق في كييف: "إن أوكرانيا كانت ثالث أقوى دولة نووية في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وكان من الممكن أن تظل نووية حتى الآن وتحتفظ بمكانتها كدولة ردع، لولا تكالب الشرق والغرب من الخارج وأنصار البيئة من الداخل، وأقنعوها بتدمير أسلحتها النووية طواعية".
ويضيف بدر: "وقعت أوكرانيا في هذا الفخ ودمرت أسلحتها، وانضمت إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية عام 1994، على أن تكون صديقة لكل الأطراف وذات وضعية خاصة".
ويردف: "وحاليا وبعد أن تهربت كل الدول من تنفيذ التزاماتها تجاه سلامة الأراضي الأوكرانية بحجة خرقها مذكرة بودابست وتقديمها طلبات للانضمام إلى الناتو، فالحل الأمثل للخروج من تلك الأزمة هو إعلان أوكرانيا حرصها والتزامها بمذكرة بودابست وحيادها الكامل تجاه الشرق والغرب، وطلب صداقة الجميع على قدم المساواة".