الجفاف يدفع شرق إفريقيا نحو شفير كارثة إنسانية
يواجه القرن الإفريقي مخاطر جفاف شديد، يمكن أن يضاعف الأزمات الإنسانية الموجودة فيه أصلاً، بما فيها الصراع المدمر في إثيوبيا، الذي أدى إلى نزوح نحو مليوني شخص من ديارهم.
وبالنظر إلى أن هذا الجفاف سيؤدي إلى تدمير المحاصيل ونفوق المواشي، فمن المتوقع أن يعاني نحو 13 مليون شخص مستويات عالية من الجوع، وفق تقرير برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة.
وأدت ظروف القحط هذه حتى الآن إلى انخفاض إنتاج الأغذية ونفوق نحو 1.5 مليون من المواشي، وهي خسارة كبيرة، من شأنها أن تفاقم من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة برمتها. وتأثر نحو ستة ملايين شخص من الجفاف، وعلى الأرجح سيكون هؤلاء بحاجة إلى المساعدات الغذائية. وكذلك الأمر بالنسبة للصومال المجاورة، فقد أدى الجفاف إلى نزوح نحو 245 ألف شخص من منازلهم. ويمكن أن يرتفع هذا العدد إلى 1.4 مليون شخص، إذا ساءت حالة الجفاف، وفق توقعات المجلس النرويجي للاجئين.
وقال كبير الخبراء في مركز إفريقيا، التابع لمركز «أتلانتك كاونسل» كاميرون هيدسون، إن العديد من سكان المنطقة هم الأكثر ضعفاً أمام الجفاف، وأشار إلى أن أجزاء من المنطقة قد تعرضت لهجوم أسراب الجراد، إضافة إلى الصراعات الطويلة الأمد، وأضاف «بعد أن تضاف ظروف الجفاف إلى كل هذه الصعوبات التي تعانيها المنطقة، فسيكون ذلك إنذاراً بحدوث كارثة».
السيناريو الأسوأ
وكان الجفاف الأخير رهيباً، لأن المنطقة عانت فترات طويلة انخفض فيها هطول الأمطار إلى حد كبير. وتسعى الحكومات الغربية والمنظمات الدولية جاهدة للتعامل مع المجاعة، وتجنبها إذا ظهر السيناريو الأسوأ في الأشهر المقبلة.
وخلال هذا الأسبوع، أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي أكبر وكالة مساعدات أميركية، أنها تخصص 39 مليون دولار للتعامل مع الجفاف، حيث تهدف هذه الأموال إلى مساعدة نحو 1.6 مليون شخص لمواجهة الظروف الأكثر جفافاً في المنطقة.
ودعت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، إلى جمع 130 مليون دولار، من أجل تمويل المساعدات في المنطقة، وقال مدير المنظمة لحالات الطوارئ رين بولسين، في بيان، بالتأكيد نحن على شفا كارثة، وأكد أن الأموال التي تجمعها منظمته تهدف إلى مساعدة سكان الأرياف في كل من إثيوبيا، وكينيا، والصومال، بما فيها دعم الري وإعادة تأهيل أنظمة المياه، وإرسال الأموال إلى أكثر السكان تضرراً بالجفاف.
خشية
ويخشى المسؤولون والخبراء أنه يمكن أن يواجهوا صعوبة في جمع الأموال لتخفيف أسوأ الآثار المترتبة على هذا الجفاف، من المانحين الدوليين، بعد سنوات من تعرض المنطقة للعديد من الأزمات والجفاف. وقال هيدسون، أدى تاريخ المنطقة في الجفاف إلى إضعاف الاستجابة الدولية لها.
ولم يعد ينظر إلى الجفاف باعتباره ظروفاً استثنائية. وإنما باعتباره أمراً متوقعاً، ويزيد تغير المناخ من شدة تكرار الجفاف، ما يسهم في زيادة تقلب المناخ. ووصل نقص المياه في إثيوبيا إلى مستويات قياسية.
ويمكن أن يؤدي نقص المياه إلى توترات تحيط بمشروع سد صخم، كالذي تقوم الحكومة الإثيوبية بإنشائه على النيل الأزرق. وتقول الحكومة الإثيوبية إن المشروع سيعمل على زيادة الطاقة في المنطقة، ويمكن أن يخفف الآثار السيئة للجفاف على المجتمع الزراعي.
ويمكن أن يؤدي تقلص إنتاج الغذاء في المنطقة إلى نتائج كارثية، فقد هبط معدل إنتاج الغذاء في كينيا بنسبة 70%، ما أدى إلى ارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار المواد الغذائية. وسيعاني نحو نصف الأطفال تحت سن الخامسة في الصومال، أي نحو 1.4 مليون، سوء التغذية السيئ خلال الأشهر المقبلة، وفق صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة. ويواجه نحو 5.5 ملايين طفل في هذه المنطقة المخاطر. وقال مدير مركز مخاطر المناخ في جامعة كاليفورنيا كريس فانك، هذا النوع من الأزمات يعتبر مثالاً لانعدام الأمن الغذائي.
وفي ظل توقعات شبكة أنظمة الإنذار المبكر للمجاعات، وهو برنامج يتتبع الأزمات الغذائية، فإن هناك أجزاء من المنطقة ربما ستواجه فصلاً قليل المطر هذا الربيع. وإذا تحققت هذه التوقعات، فإن هذا الوضع سيكون بمثابة سابقة تاريخية، وهو أمر لم يشاهد مثله في المنطقة من قبل، وفق ما تقوله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
• يخشى المسؤولون والخبراء مواجهة صعوبة في جمع الأموال، لتخفيف الآثار المترتبة على هذا الجفاف من المانحين الدوليين.
• كان الجفاف الأخير رهيباً، لأن المنطقة عانت فترات طويلة انخفض فيها هطول الأمطار إلى حد كبير. وتسعى الحكومات الغربية، والمنظمات الدولية، جاهدة للتعامل مع المجاعة، وتجنبها إذا ظهر السيناريو الأسوأ في الأشهر المقبلة.
• 5.5 ملايين طفل في منطقة شرق إفريقيا يواجهون المخاطر.
روبي غرامر ■ مراسل أمن قومي ودبلوماسي في الـ«فورين بوليسي»