توسعة «جبل أبوغنيم».. حزام استيطاني يحاصر القدس وبيت لحم
بوتيرة متصاعدة، ومن دون توقف، يمضي الاحتلال الإسرائيلي قدماً في طريق توسعة حدود ووحدات مستوطنة «جبل أبوغنيم»، المعروفة إسرائيلياً بـ«هار حوما»، الجاثمة على أراضي المقدسيين جنوب شرق مدينة القدس الشريف، من خلال مصادرة عشرات الدونمات من أراضي بلدات المدينة المقدسة، لإغلاقها كاملة، وإحكام حصارها بشكل مطلق.
وتتخذ عمليات نهب الأراضي، وإقامة وحدات استيطانية جديدة داخل «هار جوما»، شكل حزام استيطاني عازل، يلتف حول أراضي المدينة المقدسة، ما يعزز سياسة فصلها عن مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، والفصل بين أحياء المدينتين الفلسطينيتين.
ومستوطنة «هار حوما» الجاثمة على أراضي جبل أبوغنيم، هي إحدى أكبر مستوطنات جنوب شرق القدس، والتي صادرت (2600) دونم من أراضي قريتي صور باهر، وأم طوبا المقدسيتين، وبلدة بيت ساحور داخل بيت لحم، فيما باتت تفصل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين عن مهد المسيح بجدار عازل.
التهام مساحات شاسعة
تعد اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم في بلدية الاحتلال الجهة التي صادقت على مخطط توسعة حدود الأراضي الفلسطينية التي تلتهمها مستوطنة «جبل أبوغنيم»، وإقامة مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة بداخلها على مرحلتين، والاستيلاء على 90 دونماً من أراضي صور باهر وأم طوبا، وذلك بحسب الباحث في شؤون مدينة القدس، فخري أبودياب.
ويشير أبودياب إلى أن الاحتلال سيقيم (344) وحدة استيطانية جديدة داخل مستوطنة جبل أبوغنيم، ضمن المرحلة الأولى لمخطط توسعتها، لتشهد مرحلتها الثانية إقامة (259) وحدة، والتي ستكون حلقة الوصل بين «هار حوما»، والمستوطنات الجاثمة على أراضي الفلسطينيين في القدس وبيت لحم.
ويقول الباحث في شؤون القدس في حديثه لـ«الإمارات اليوم»: «إن حدود التوسعة الجديدة تمتد انطلاقاً من (هار حوما) القريبة من بلدة أم طوبا، مروراً بأحياء عدة وبلدات مقدسية، حيث ستتصل مستوطنة جبل أبوغنيم بمستوطنتي (جفعات هماتوس)، و(جيلو) في بلدة بيت صفافا».
ويتابع أبودياب: «يصل مخطط إقامة وحدات استيطانية جنوب القدس إلى (الشارع الأميركي)، الذي قضم مساحات شاسعة من أراضي صور باهر، وأم طوبا، وجبل المكبر، وبلدة سلوان، في قلب البلدة القديمة بالمدينة المقدسة».
تطويق وتمزيق
من جهته، يقول مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل التفكجي «إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المنطقة الجنوبية في القدس منذ مطلع العام الجاري، وذلك من خلال المصادقة على خمسة مخططات جديدة، لبناء (3557) وحدة استيطانية جديدة، إحداها بين مستوطنتي (هار حوما) المقامة على أراضي جبل أبوغنيم في قرية صور باهر، ومستوطنة (جفعات هماتوس) في بلدة بيت صفافا، ومخطط آخر سيقام أعلى قمة التلة الفرنسية باتجاه جبل المشارف وسط المدينة المقدسة».
ويوضح التفكجي أن هدف الاحتلال من مشروع توسعة مستوطنة «هار حوما»، تطويق الأحياء الفلسطينية بالمستوطنات، وتقسيمها إلى «كانتونات» صغيرة ومحاصرة.
ويلفت إلى أن ذلك يسهم في تمزيق وحدة البلدات الفلسطينية الجغرافية، وتغيير ملامحها الديموغرافية، ويعزز سياسة العزل بينها، وتحديداً بين صور باهر، وأم طوبا المقدسيتين، وبين مدينة بيت لحم وبلدة بيت ساحور، إحدى أهم المناطق الفلسطينية في مهد المسيح.
خنق المتنفس الوحيدبلدة بيت صفافا الواقعة جنوب القدس، وإلى الشمال من بيت لحم، تجاور بلدتي أم طوبا وصور باهر، ولكنها الأكثر تضرراً من توسعة مستوطنة «هار حوما»، والتي تقضي على المساحات المتبقية في البلدة، وضمها إلى مستوطنة «جفعات هماتوس» الجاثمة على أراضي الفلسطينيين، ضمن مخطط التوسعة، وبالتالي يحرم السكان من متنفسهم الأخير.
وحرمت بيت صفافا من ثلثي مساحة أراضيها، فلم يتبق للسكان سوى (1500) دونم، من أصل (4500) دونم، نتيجة إقامة المستوطنات التي تحاصرها، والشوارع الاستيطانية التي تشتت أوصالها، وتعزل سكانها.
ويقيم الاحتلال أربع مستوطنات فوق أراضي الفلسطينيين، والتي تحكم حصار بيت صفافا المقدسية من جهاتها الأربع، وتقيد حركة السكان وحريتهم داخل أراضيهم.
اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم في بلدية الاحتلال هي الجهة التي صادقت على مخطط توسعة حدود الأراضي الفلسطينية التي تلتهمها مستوطنة «جبل أبوغنيم»، وإقامة مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة بداخلها على مرحلتين، والاستيلاء على 90 دونماً من أراضي صور باهر وأم طوبا.