اشتداد حدة المنافسة على الرئاسة في تركيا مع اقتراب موعد الانتخابات

مع دخول حملة الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تركيا مراحلها الأخيرة، هناك فريق من المنافسين يصر على تبديد آمال الرئيس رجب طيب أردوغان، في مد أمد حكمه لعقد ثالث. ففي 18 مايو المقبل، سيتعين على الناخبين الاختيار ما بين رئيس يوصف بأنه متفرد بالسلطة، وأربعة من قادة المعارضة يكرسون جهودهم، ليس فقط لهزيمة أردوغان، بل أيضاً لكبح سلطات من يشغل منصب الرئيس.

ويقول الكاتب الأميركي، بوبي غوش، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن مرشح المعارضة الرئيس لمنصب الرئيس هو كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، وهو سياسي مخضرم، ولكنه يفتقر إلى الكاريزما بشكل واضح، وتدعمه ثلاث شخصيات تتمتع بهذه الصفة بشكل كبير: ميرال اكشنير رئيسة حزب الخير «إيي»، ومنصور يافاش عمدة أنقرة، وأكرم إمام أوغلو عمدة اسطنبول.

وتمثل هذه الشخصيات أقوى تحد يواجهه أردوغان في حياته، والذي يأتي في وقت يجد فيه الرئيس وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه نفسيهما في موقف ضعيف، فهناك استياء واسع النطاق إزاء الحالة المؤسفة للاقتصاد، وغضب بسبب سوء تعامل الحكومة مع تداعيات الزلزالين اللذين دمرا جنوب شرق تركيا في فبراير الماضي.

رهان

ويضيف غوش أن استطلاعات الرأي أظهرت تقدم تحالف المعارضة المعروف بـ«تحالف الأمة» على «تحالف الشعب» الذي يقوده حزب العدالة والتنمية. ومن بين من يراهنون على نتيجة الانتخابات، يبدي المستثمرون الأجانب والمتعاملون في السندات دلالات تفاؤل على أن عهد أردوغان ربما يكون على وشك الانتهاء.

فما الذي سيحل محل هذا العهد؟ يتمثل التوقع الآمن الوحيد في حدوث تغيير في أسلوب التعامل في المستويات العليا. فبينما يُعرف أردوغان بأنه عنيف، يتم تشبيه كليتشدار أوغلو بالمهاتما غاندي، لأنه يتسم بالهدوء بشكل طبيعي، وهناك حتى تشابه طفيف في البدن، ولكن للحفاظ على وجود حلفائه، سيحتاج كليتشدار أوغلو إلى مهارات القيادة التي كانت تتمتع بها شخصية تاريخية أخرى، هي أبراهام لنكولن.

ومثل فريق المنافسين الذين حشدهم الرئيس الأميركي أثناء الحرب الأهلية، فإن الأتراك الأربعة بعيدون كثيراً عن أن يكونوا أصدقاء بسرعة، فكل منهم لديه آمال في أن يصبح رئيساً. ومن المفارقات، التزامهم جميعاً الآن بإضعاف هذا المنصب. وربما أهم تعهد في البرنامج المشترك للمعارضة، هو العودة إلى شكل برلماني للحكومة، وتغيير التحول لنظام رئاسي حققه أردوغان بعد استفتاء في عام 2017.

ويقول غوش إن هذا وعد ربما لن يستطيعوا تحقيقه. فمن أجل تغيير الدستور، سيحتاج كليتشدار أوغلو إلى الفوز بالرئاسة، وإلى تمتع تحالف الأمة بأغلبية ثلاثة أخماس في البرلمان، وهذا أمر غير محتمل. وعلى أي حال، تكفي أغلبية بسيطة للدعوة لإجراء استفتاء جديد، لكن أردوغان وحزب العدالة والتنمية سيقاومان بكل ما يملكان.

وإذا ما فاز كليتشدار أوغلو بالرئاسة، فسيكون قادراً على التخلي عن بعض السلطات التي جمعها أردوغان في يديه، وتعزيز المؤسسات التي أضعفها. وستكون البداية الجيدة استعادة استقلال البنك المركزي، الذي أصبح في السنوات الأخيرة خاضعاً لسيطرة متزايدة من جانب القصر الرئاسي، حيث تخضع السياسة النقدية الآن لأفكار أردوغان الغريبة عن أسعار الفائدة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في التضخم، وإضعاف العملة، وفقدان ثقة المستثمرين بالاقتصاد التركي.

وأوضح غوش أن وجود بنك مركزي مستقل أمر حيوي لتحقيق إصلاح شامل للاقتصاد التركي، ترى جميع أحزاب المعارضة أنه ضروري. وقال بيلجي يلماز، أستاذ العلوم المالية بكلية وارتون لإدارة الأعمال التابعة لجامعة بنسيلفانيا، ومستشار أكشنير لوكالة بلومبرغ للأنباء، إن «النظام الحالي غير قابل للاستدامة». ومن المتوقع تكليف يلماز بدور اقتصادي كبير إذا فازت المعارضة.

تحديات

ويضيف غوش إن من الطبيعي أن أردوغان ليس مسؤولاً عن كل التحديات التي تنتظر كليتشدار أوغلو إذا ما أصبح رئيساً. وقد تظهر بعض التحديات نتيجة طموحات وأجندات فريق منافسيه. وهناك اختلاف بين الشخصيات التركية الأربع البارزة بشأن الأيديولوجية السياسية لكل منهما.

ويقول غوش في ختام تقريره إنه إذا ما فاز كليتشدار أوغلو، فمن المتوقع أن يصبح الثلاثة الآخرون نواباً للرئيس، وهو ترتيب غير معتاد وغير مستقر بالنسبة لأي حكومة. والتعامل مع هذا الأمر لن يكون سهلاً، وربما يحتاج كليتشدار أوغلو إلى البدء الآن في قراءة كتاب المؤرخة الأميركية، دوريس كيرنز جودوين، عن حياة أبراهام لنكولن.

• في 18 مايو المقبل سيتعين على الناخبين الاختيار ما بين رئيس يوصف بأنه متفرد بالسلطة و4 من قادة المعارضة يكرسون جهودهم، ليس فقط لهزيمة أردوغان، بل أيضاً لكبح سلطات من يشغل المنصب.

الأكثر مشاركة