سودانيون ينتظرون شحنة أسطوانات الغاز في القضارف في ظل تأزم الأوضاع في البلاد. أ.ف.ب

الجيش السوداني: استهداف مقار الشرطة ليس انتصاراً عسكرياً

قال الجيش السوداني، أمس، إن سيطرة قوات الدعم السريع على أحد مقار الشرطة «ليس انتصاراً عسكرياً»، مشدداً على أن هذه الخطوة تعد «مخالفة واضحة للقانون الدولي وأعراف الحرب»، فيما شدد المتحدث باسم العملية السياسية في السودان، خالد يوسف، على ضرورة اعتماد حل سلمي لإنهاء المعارك الدائرة في بلاده.

وقال الجيش السوداني في بيان: «استولت الميليشيا المتمردة (الأحد) على أحد مقار الشرطة السودانية، بعد مهاجمتها لثلاثة أيام متواصلة، علماً أن مرافق الشرطة في جميع أنحاء العالم، تعتبر مرافق خدمية لا علاقة لها بالعمليات العسكرية».

وأضاف: «ما جرى من استهداف لمقار الشرطة ليس انتصاراً عسكرياً لميليشيا لا تتورع عن ارتكاب جميع أنواع الانتهاكات، بقدر ما هو هزيمة أخلاقية وتعدٍّ سافر على مؤسسات الدولة المعنية بحماية المدنيين، ما يستوجب الإدانة والاستهجان».

وكانت قوات الدعم السريع أعلنت، الأحد، «السيطرة بشكل كامل على معسكر لقوات الاحتياطي المركزي، التابعة للشرطة جنوبي الخرطوم»، ونشرت لقطات لمقاتليها داخل المنشأة، وكان بعضهم يخرج صناديق ذخيرة من أحد المستودعات.

وذكرت في وقت لاحق أنها صادرت 160 عربة كاملة التسليح، و75 ناقلة جنود مدرعة، و27 دبابة.

من جانبه، شدد المتحدث باسم العملية السياسية في السودان، خالد يوسف، على ضرورة اعتماد حل سلمي لإنهاء المعارك الدائرة في بلاده، داعياً «القوى المدنية إلى طرح حلول، وعدم تأجيج نيران الحرب».

وقال في بيان: «قلناها قبل اندلاع الحرب، وكررناها عند اندلاع شرارتها الأولى. هذه حرب لا منتصر فيها، ومآلاتها واضحة للعيان، وهي إمكانية تحولها لحرب ذات طبيعة إثنية وقبلية (الجنينة وكتم وطويلة وزالنجي)، واحتمالية أن تقوي نزعات تفتيت كيان وحدة الدولة (غرب دارفور وجنوب كردفان)».

وحذر يوسف من أن «القادم أسوأ»، ومن احتمال أن تتحول الأحداث إلى «حرب عابرة للحدود، تعلو فيها الأجندات الخارجية، ويصبح جميع أهل السودان بلا قدرة على إيقافها، وتصبح السيادة والقرار الوطني أثراً بعد عين».

وتابع: «المخرج واحد فقط، وهو يضيق يوماً بعد يوم. حل سياسي سلمي شامل، يجعل هذه الحرب آخر حروب السودان، بمعالجة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشل الدولة السودانية، بل قرب انهيارها، وعلى رأسها الوصول لجيش واحد مهني وقومي ينأى عن السياسة وصراعات السلطة ويتفرغ لمهام حماية حدود البلاد وأمنها».

وأكد يوسف «التمسك بهذا الخيار»، قائلاً: «سنحفر الصخر بأظافرنا حتى تسكت أصوات البنادق، وتعلو رايات التعقل والحكمة، لن نستمع للخطابات الغوغائية، ولن ترهبنا المزايدات والأكاذيب الفارغة».

ووجه دعوة للقوى المدنية، بالقول: «واجب القوى المدنية الديمقراطية أن توحد صفها وتطرح مشروعاً وطنياً متكاملاً لوقف الحرب وبناء السلام تحت ظل دولة مدنية ديمقراطية».

واختتم يوسف البيان بالقول: «القوى المدنية ليس مكانها أن تجلس في مقاعد مشجعي الأطراف المتقاتلة مرددة هتافات المساطب الشعبية، بل دورها أن تجترح الحلول، وتعتزل الفتنة، ولا تؤجج نيران الحرب، وتخمد أصوات الكراهية والعنصرية، وتبني سودان المستقبل».

وقال ضابط متقاعد في الجيش، طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة «فرانس برس»، إن «سيطرة متمردي الدعم السريع على الاحتياطي المركزي إن استمرت، فسيكون لها تأثير كبير في المعركة في الخرطوم».

وتابع المصدر نفسه «موقع رئاسة الاحتياطي جنوب الخرطوم يجعله يتحكم في المدخل الجنوبي للعاصمة، كما أن الدعم السريع بوجوده في الاحتياطي ومعسكره الرئيس في طيبة جنوب الاحتياطي، وسيطرته على مصنع اليرموك للصناعات العسكرية، أصبح مهدداً رئيساً لقيادة سلاح المدرعات في الشجرة، وهو إحدى أدوات تفوق الجيش».

وحتى وإن خسرت قوات الدعم السريع لاحقاً هذا الموقع الاستراتيجي، تظهر أشرطة الفيديو التي بثتها أجهزة الدعاية التابعة لها رجالها يستولون على مخزونات كبيرة من الأسلحة والذخائر، ما يجعلها قادرة على الاستمرار طويلاً في حرب الاستنزاف التي اندلعت في 15 من أبريل.

أسفرت المعارك منذ اندلاعها عن مقتل 2800 شخص، وفق منظمات غير حكومية، كما نزح في الداخل أو لجأ إلى الدول المجاورة 2.5 مليون سوداني، وفق الأمم المتحدة.

لكن يرجح أن تكون الحصيلة أعلى بكثير، لأن أياً من الطرفين المتحاربين لم يصدر بيانات رسمية حول خسائرهما والكثير من الجثث مازالت منتشرة في شوارع الخرطوم أو دارفور في غرب البلاد عند الحدود مع تشاد، حيث تدور أعنف المواجهات.

والأحد سجلت «14 حالة وفاة، بينها طفلان» في محيط مقر قوات الاحتياط، على ما ذكر مكتب التوثيق للانتهاكات، الذي يحاول تنظيم عمليات الإنقاذ والنقل إلى المستشفيات القليلة التي لا تزال بالخدمة في المنطقة.

وأضاف المصدر نفسه أن «عدد الإصابات بلغ 217، خضع منهم 147 للجراحة، وبلغ عدد الإصابات البليغة والحرجة 72».

«الحركة الشعبية» تهاجم مناطق في «النيل الأزرق»

هاجم متمردو قوات الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، في ولاية النيل الأزرق، مدينة الكرمك الحدودية مع إثيوبيا، ودارت اشتباكات بينهم وبين الجيش، الأمر الذي أجبر المواطنين على الفرار إلى داخل الأراضي الإثيوبية. ولم يوقع الحلو على اتفاق السلام التاريخي الذي أبرم عام 2020 بجوبا، بين مجموعات التمرد المسلحة في السودان والحكومة المدنية الانتقالية التي تولت السلطة عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

وقال مسؤول حكومي سوداني، أمس، إن الجيش يتصدى لهجوم من «الحركة الشعبية - شمال» التي يقودها الحلو على ولاية النيل الأزرق جنوب شرق البلاد.

وقال مدير الشركة السودانية للمعادن الحكومية مبارك أردول في تغريدة: «القوات المسلحة تتصدى لهجوم على منطقة جنوب الكرمك بالنيل الأزرق من الجيش الشعبي/ شمال».

وأضاف: «المعارك تدور حالياً بعد توقف الحرب في هذه المنطقة لأكثر من 10 أعوام»، مشيراً إلى«عبور مواطنين إلى إثيوبيا».

الأكثر مشاركة