الإمارات تؤكد تضامنها الكامل مع فرنسا وتدعو إلى التهدئة وخفض التصعيد
أعربت دولة الإمارات عن تضامنها الكامل مع فرنسا، مؤكدة على ضرورة عودة التهدئة وخفض التصعيد واحترام قواعد ومبادئ القانون في فرنسا. وأكدت وزارة الخارجية في بيان لها ثقتها في قدرة فرنسا على تجاوز الأحداث الجارية، مشيرة إلى أن فرنسا تعد مثالاً للدولة التي تراعي مصالح شعبها. وأشارت الوزارة إلى موقف دولة الإمارات الداعي إلى تحقيق الاستقرار والأمن، وحماية المنشآت المدنية ومؤسسات الدولة.
في الأثناء احتدمت أعمال الشغب في المدن بجميع أنحاء فرنسا لليلة الرابعة على الرغم من الانتشار المكثف للشرطة واعتقال 1311 شخصاً، حيث أضرمت النيران في السيارات والمباني ونهبت المتاجر، فيما أرجأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة رسمية إلى ألمانيا كان من المقرر أن تبدأ اليوم الأحد في ظل الاضطرابات التي تجتاح فرنسا في الوقت الراهن.
وألقت الشرطة القبض على أكثر من 1311 شخصاً، فيما تجمعت أسرة وأصدقاء الشاب نائل، الذي أشعل مقتله برصاص الشرطة الاضطرابات، أمس، لتشييع جثمانه في ضاحية بباريس حيث لقي حتفه.
ونشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعربات مدرعة عدة، خلال الليل، للتصدي لأسوأ أزمة تواجه الرئيس إيمانويل ماكرون منذ احتجاجات «السترات الصفراء» التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018.
وقالت وزارة الداخلية إنه جرى إشعال النيران في أكثر من 1350 سيارة في البلاد في الليلة الرابعة من أعمال الشغب، إلى جانب اندلاع نحو 2560 حريقاً في الطرقات العامة، وتمت مهاجمة 31 مركز شرطة.
ونهب لصوص عشرات المتاجر وأضرموا النار في نحو 2000 سيارة منذ اندلاع أعمال الشغب التي امتدت إلى مدن منها مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورغ وليل.
وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح منذ اندلاع الاضطرابات، وجرى اعتقال المئات من مثيري الشغب، مضيفاً أن متوسط أعمارهم 17 عاماً.
وبدأت مراسم دفن نائل، الذي قتل في ضاحية نانتير بباريس، أمس، بمشاهدة العائلة والأصدقاء للنعش المفتوح. وقالت والدة نائل التي تعرف باسم (مونيا م)، لتلفزيون «فرانس 5» إنها تشعر بالغضب من الشرطي، لكن ليس من الشرطة بشكل عام.
واصطف المئات لدخول مسجد نانتير الكبير، الذي كان يحرسه متطوعون يرتدون سترات صفراء، بينما تابع الجنازة بضع عشرات من المارة من الجانب الآخر من الشارع.
وأعلنت الرئاسة الألمانية في بيان، أمس، أن الرئيس الفرنسي أجَّل زيارة الدولة التي كانت مقررة لألمانيا ابتداءً من مساء الأحد، بعد أربعة أيام من أعمال الشغب التي تشهدها فرنسا.
وقالت الرئاسة الألمانية إن «الرئيس الفرنسي ماكرون تحدث هاتفياً مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير وأطلعه على الوضع في بلاده. وطلب الرئيس ماكرون تأجيل زيارة الدولة المقررة إلى ألمانيا».
وأكد «الإليزيه» لـ«فرانس برس» أن ماكرون يرغب بالبقاء في فرنسا خلال الأيام المقبلة. ولم يتم تحديد موعد جديد للزيارة، وفق مصدر فرنسي.
وأضاف البيان الألماني أن «الرئيس الألماني يأسف لإلغاء الزيارة ويتفهم تماماً الوضع» في فرنسا، الذي «يتابعه باهتمام كبير. ويأمل أن يتوقف العنف في الشوارع قريباً، وأن يحل السلم الاجتماعي مجدداً». وعلى الرغم من مناشدة ماكرون للآباء إبقاء أطفالهم في المنزل، استمرت الاشتباكات في الشوارع بين المتظاهرين الشباب والشرطة.
ومع ذلك كانت الأضرار واسعة النطاق من باريس إلى مرسيليا وليون وحتى بعيداً في الأراضي الفرنسية في الخارج، حيث توفي رجل يبلغ من العمر 54 عاماً بعد إصابته برصاصة طائشة في غيانا الفرنسية.
وقالت الشرطة إن مثيري الشغب في وسط مرسيليا نهبوا متجراً للأسلحة النارية وسرقوا بعض بنادق الصيد لكن دون ذخيرة. وأضافت الشرطة أنها اعتقلت شخصاً بحوزته بندقية ربما نُهبت من المتجر الذي يخضع الآن لحراسة الشرطة.
ودعا بينوا بايان رئيس بلدية مرسيليا الحكومة إلى إرسال قوات إضافية على الفور. وقال في تغريدة في ساعة متأخرة الجمعة إن «مشاهد النهب والعنف غير مقبولة».
وأصيب ثلاثة من أفراد الشرطة بجروح طفيفة في ساعة مبكرة من صباح أمس، وحلقت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة في سماء المنطقة.
وفي ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية، نشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر لقمع الاضطرابات.
وطلب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان من السلطات المحلية وقف حركة جميع الحافلات والترام، ووجه رسالة لرجال الإطفاء وعناصر الشرطة قال فيها إنه يستطيع الاعتماد عليهم.
ورداً على سؤال في برنامج تلفزيوني عما إذا كان بإمكان الحكومة إعلان حالة الطوارئ، قال دارمانان: «بكل بساطة نحن لا نستبعد أي فرضية، وسنرى بعد هذه الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية».
وفي باريس، أخلت الشرطة ساحة الكونكورد الشهيرة في وسط العاصمة باريس من المحتجين ليل الجمعة بعد أن بدأت فيها تظاهرة دون تخطيط مسبق.
وغادر ماكرون قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل مبكراً لحضور ثاني اجتماع أزمة تعقده الحكومة في غضون يومين، وطلب من وسائل التواصل الاجتماعي إزالة لقطات الشغب «الأكثر حساسية»، والكشف عن هويات المستخدمين الذين يؤججون العنف.
وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي اشتعال النيران في مواقع حضرية. وأضرمت النار في ترام بمدينة ليون شرق البلاد، كما احترقت 12 حافلة في محطة في أوبيرفيلييه شمال باريس.
واجتمع دارمانان مع ممثلين من شركات «ميتا» و«تويتر» و«سناب شات» و«تيك توك»، وقالت «سناب شات» إنها لا تتهاون مطلقاً مع المحتوى الذي يروج للعنف. وأعادت الاضطرابات إلى الأذهان أعمال شغب استمرت ثلاثة أسابيع اندلعت في أنحاء البلاد عام 2005، وأجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ بعد وفاة شابين صعقاً بالكهرباء في محطة للكهرباء في أثناء اختبائهما من الشرطة.