الحزن يخيم على لبنان في ذكرى انفجار مرفأ بيروت
خلت شوارع بيروت، التي عادة ما تكون مكتظة بالمارة والمتسوقين اليوم الجمعة، وأغلقت المتاجر أبوابها، فيما تخيم فوق الرؤوس ذكريات واحد من أشد الأيام رعبا في تاريخ لبنان الحديث، لكن إعلان اليوم مناسبة حداد وطني في عموم البلاد ليس غاية ما يتمناه أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت ولا الوجهاء الدينيون ولا الجماعات الحقوقية في الداخل والخارج.
وفي مثل هذا اليوم في الرابع من أغسطس 2020، وبعد الساعة 1600 بتوقيت جرينتش مباشرة، انفجرت مئات الأطنان من نترات الأمونيوم المخزنة في مستودع بالمرفأ مما أدى إلى تصاعد سحابة ضخمة من الدخان فوق المدينة، ولقي 220 شخصا على الأقل حتفهم وأصيب الآلاف وتحولت مساحات شاسعة من المدينة إلى أطلال حزينة.
لكن رغم الدمار، لم يُحاسب أي من الشخصيات البارزة، فيما تعطل التحقيق بفعل الإجراءات القانونية، الأمر الذي أثار موجة من الغضب في لبنان والخارج.
ويقول الناجون من الانفجار وأهالي الضحايا إن غياب المساءلة يزيد معاناتهم ويجعلهم يشعرون كأن حياتهم توقفت عند تلك المساحة الزمنية المليئة بالألم في عام 2020.
وفقدت ريتا حِتي ابنها (26 عاما) وزوج أختها (34 عاما) وابن أختها (21 عاما)، وجميعهم يعملون بمحطة إطفاء بيروت استجابوا لبلاغ باندلاع حريق في المرفأ في الرابع من أغسطس وقُتلوا جميعا عندما وقع الانفجار المروع.
وقالت ريتا لـ "رويترز": "كانوا بعز حياتهن. قصفولهن حياتهن، وقتلونا معهن".
وبشق الأنفس، أعيد بناء العديد من المتاجر والمطاعم التي دمرها الانفجار، ليقبل عليها السياح والمغتربون اللبنانيون الذين ظلوا تدفقوا عليها حتى ساعة متأخرة من مساء الخميس.
لكن الشوارع، التي عادة ما تكون مزدحمة في يوم الجمعة، أصبحت خاوية مع شروق شمس اليوم في مناسبة الحداد الوطني.
ويُعتقد أن الانفجار نتج عن نشوب حريق في أحد المستودعات. وكانت المواد الكيميائية مخزنة في الميناء منذ عام 2013 حين أُفرغت خلال توقف مفاجئ لسفينة، لكن لم يطالب أحد بالشحنة وبقيت هناك رغم معرفة كبار المسؤولين بوجودها.
وتوقف التحقيق، الذي يقوده القاضي طارق بيطار، منذ أواخر عام 2021 بسبب عدد كبير من الشكاوى القانونية التي قدمها ضده بعض المشتبه بهم، بمن فيهم مسؤولون حاليون وسابقون.
وفي قداس أقامته الكنيسة عشية ذكرى الانفجار، أيد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي دعوات تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق ودعا إلى وقف التدخل في التحقيق.
وقال الراعي "ما يؤلم هذه العائلات ويؤلمنا بالأكثر هو عدم اكتراث المسؤولين في الدولة المنشغلين بمصالحهم وحساباتهم الرخيصة".
ووقع الانفجار في الوقت الذي كان يعاني فيه لبنان بالفعل تحت وطأة انهيار مالي بدأ في عام 2019 وجائحة كوفيد-19. وتفاقم الانهيار الاقتصادي منذ ذلك الحين وفقدت الليرة 98% من قيمتها وازدادت الناس فقراً.