انقلاب الغابون.. عسكريون يعلنون «إنهاء النظام القائم»

أعلن عسكريون، أمس، «إنهاء النظام القائم» في الغابون، ووضع الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو أونديمبا قيد الإقامة الجبرية، بعد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية، التي كرّست فوز بونغو بولاية ثالثة.

وحتى هذا الانقلاب، بقيت عائلة بونغو تحكم الدولة الغنية بالنفط، والواقعة في وسط إفريقيا منذ أكثر من 55 عاماً.

وأعلن الأربعاء العسكريون الذين نفّذوا الانقلاب أن بونغو الذي خلف والده في عام 2009، وضع قيد الإقامة الجبرية، «وهو محاط بعائلته وأطبائه»، فيما أوقف أحد أبنائه بتهمة «الخيانة العظمى».

وأضاف الكولونيل الذي تلا ليل الثلاثاء الأربعاء البيان، الذي أعلن فيه الجيش «إنهاء النظام القائم»، أنه «تم توقيف» نور الدين بونغو فالنتان، ابن الرئيس ومستشاره المقرب، وإيان غيزلان نغولو، رئيس مكتب بونغو، ومحمد علي ساليو، نائب رئيس مكتبه، وعبد الحسيني، وهو مستشار آخر للرئاسة، وجيسيي إيلا إيكوغا، وهو مستشار خاص وناطق رسمي باسم الرئاسة، بالإضافة إلى أهم رجلين في الحزب الديمقراطي الغابوني القوي الذي يتزعمه بونغو.

وأوضح أنهم أوقفوا خصوصاً بتهم «الخيانة العظمى لمؤسسات الدولة، واختلاس أموال عامة على نطاق واسع، واختلاس مالي دولي ضمن عصابة منظمة، والتزوير وتزوير توقيع رئيس الجمهورية، والفساد والاتجار في المخدرات».

وفي وقت لاحق، أظهرت صور بثها التلفزيون الحكومي مئات الجنود يحملون قائد الحرس الرئاسي الجنرال بريس أوليغي أنغيما، على الأكتاف احتفالاً بالنصر.

ولم تتأخر ردود الفعل الدولية على هذا الانقلاب الجديد في الدولة الناطقة بالفرنسية. دعت الصين إلى «ضمان أمن» الرئيس علي بونغو، فيما دانت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، «الانقلاب العسكري»، وأعربت روسيا عن «قلقها العميق»، بينما اعتبرت دول الكومنولث الوضع في الغابون «مثيراً للقلق»، مذكّرة البلاد بالتزاماتها فيما يتعلق باحترام الديمقراطية.

وقال رئيس مجلس السلام والأمن، التابع للاتحاد الإفريقي ويلي نياميتوي، أمس، إنه عقد اجتماعاً طارئاً مع بوروندي والسنغال والكاميرون، لتحليل الوضع في الغابون، إذ يقول إن محاولة انقلاب تجري هناك.

وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد، إنه «يدين بشدة» ما وصفها بمحاولة انقلاب في الغابون. وفور إعلان فوز بونغو رسمياً بحصوله على 64.27% من الأصوات ليل الثلاثاء الأربعاء، ظهرت مجموعة تضم نحو 12 عسكرياً عبر شاشة محطة «غابون 24» من القصر الرئاسي.

وأعلن أحد العسكريين، وهو كولونيل في الجيش، في بيان بث بعد ذلك عبر القناة الأولى في التلفزيون الغابوني: «نحن قوات الدفاع والأمن المجتمعة ضمن لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات، قررنا باسم الشعب الغابوني الدفاع عن السلام، من خلال إنهاء النظام القائم». وأوضح «لهذه الغاية، ألغيت الانتخابات العامة التي جرت في 26 أغسطس الجاري، فضلاً عن نتائجها».

ومن بين هؤلاء العسكريين عناصر من الحرس الجمهوري المنوط حماية الرئاسة، فضلاً عن جنود من الجيش، وعناصر من الشرطة. والضباط الأربعة الكبار هم اثنان من الحرس الجمهوري واثنان من الجيش.

واعتبر العسكريون أن الانتخابات «لم تستوف شروط الاقتراع الشفاف»، واستنكروا «حكماً غير مسؤول يتسبب في تدهور مستمر للتماسك الاجتماعي، ما قد يؤدي إلى دخول البلاد في حالة من الفوضى».

وأعلنوا حل كل مؤسسات البلاد، وإغلاق حدود الغابون «حتى إشعار آخر».

وأتى هذا التطور فيما تشهد البلاد حظر تجول وانقطاع الإنترنت في كل المناطق في إطار إجراءات اتخذتها الحكومة، السبت قبل إغلاق مراكز الاقتراع من أجل الحؤول دون نشر «أنباء كاذبة»، ووقوع «أعمال عنف» محتملة، ثم عادت خدمة الإنترنت في وقت لاحق.

وبعد تلاوة بيان العسكريين سُمع إطلاق نار من أسلحة آلية في أحياء عدة من ليبرفيل. لكن تلك الطلقات المتفرقة توقفت بعد فترة وجيزة.

في حي بلان سييل الشعبي في ليبرفيل، القريب من وسط المدينة، شاهد مراسل وكالة فرانس برس نحو 100 شخص على جسر، بعضهم مشاة وآخرون في السيارات، يهتفون «إنه التحرير!»، و«بونغو اخرج!». وعلى صوت أبواق السيارات، صفّقوا لشرطة مكافحة الشغب التي حضر عناصرها ملثّمين.

وبحسب المصدر نفسه، فإن جنوداً كانوا في سيارة نقل رفعوا أذرعهم تعبيراً عن النصر، وسط تصفيق الحشود.

وفي منطقة أكاندا الغنية، على مقربة من منزل علي بونغو، وقف سكان على عتبات منازلهم، من دون أن يجرؤوا على الخروج، فيما كان جنود من وحدة خاصة يطلبون منهم دخول منازلهم.

وانتخب بونغو، البالغ 64 عاماً، في عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو أونغيمبا الذي حكم هذا البلد الصغير الواقع في وسط إفريقيا، والغني بالنفط، لأكثر من 41 عاماً. ونددت المعارضة بتواصل حكم «سلالة بونغو» أكثر من 55 عاماً. وكان علي بونغو مرشحاً لولاية ثالثة، خفضت من سبع سنوات إلى خمس، في انتخابات السبت، التي شملت ثلاثة اقتراعات رئاسية وتشريعية وبلدية كلها بدورة واحدة.

العقيد أنغيما.. منسق انقلاب الغابون

 

ظهرت مجموعة من كبار ضباط الجيش الغابوني على شاشة التلفزيون في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، وأعلنت الاستيلاء على السلطة، بعد وقت قصير من إعلان مركز الانتخابات فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة.

وفي مقطع فيديو متداول، ظهرت مجموعة من الجنود المحتفين بالانقلاب، يتوسطهم العقيد بريس كلوتير أوليغي أنغيما، الذي يعتقد أنه من قاد الانقلاب ضد الرئيس بونغو.

نشر موقع «موند أفريك» الفرنسي المتخصص بالتحقيقات حول العقيد أنغيما، حيث قال إنه أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في الجيش الغابوني، فهو قائد الحرس الجمهوري، وتولى هذا المنصب منذ مارس عام 2020.

والحرس الجمهوري تشكيلة عسكرية مستقلة تابعة لجهاز الدرك، وتتولى حماية الشخصيات والمؤسسات العامة، وهي التشكيلة الأمنية الأقوى في الغابون.

عندما وصل علي بونغو إلى السلطة، أصبح أنغيما ملحقاً عسكرياً في سفارة الغابون في المغرب ثم في السنغال.

بعد مرور عام على تدهور الحالة الصحية للرئيس علي بونغو، تم استدعاء أنغيما إلى الغابون.

بعد ستة أشهر، تمت ترقيته ليتسلم قائد الحرس الجمهوري.

يمتلك عقارات عديدة في الولايات المتحدة، تبلغ قيمتها أكثر من مليون دولار.

ولم ترد تقارير بعد عن مكان بونغو، الذي كان آخر مرة ظهر فيها علناً عندما أدلى بصوته في الانتخابات السبت الماضي.

الأكثر مشاركة