أوكرانيا تعاني "مجاعة قذائف" بسبب غزة
بعد أيام قليلة من بدء الحرب في قطاع غزة، بدأ قادة الجيش الروسي يشعرون أن الأسلحة الأوكرانية على جبهات القتال في أوكرانيا أصبحت تطلق قذائفها بشكل أقل بكثير عما سبقه في الشهور الماضية.
وعلى مدى الأيام الماضية تحدث الإعلامان الغربي والأوكراني عن "مجاعة القذائف" التي تعاني منها القوات المسلحة الأوكراني، فيما كان الرئيس فولوديمير زيلينسكي على علم أيضًا بانخفاض إمدادات الذخيرة، وناقش ذلك في اجتماع مع القادة العسكريين الأوكرانيين.
وعلى هذه الخلفية، دعت كييف جيشها إلى الحفاظ على القذائف و"استخدامها بشكل محدد"، فضلاً عن الحد من الهجوم المضاد في اتجاهات معينة، حيث انخفض توريد القذائف إلى أوكرانيا بسبب الحاجة إلى دعم إسرائيل، والتي أصبح دعمها الآن أولوية قصوى للغرب.
تل أبيب أولى من كييف
في كييف، يفهمون أنه لن يكون هناك "وفرة في الذخيرة" القادمة من الغرب بنفس الحجم كما كان من قبل.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن، قال قبل أيام قليلة إن واشنطن ستساعد كلاً من إسرائيل وأوكرانيا بشكل متساوٍ، إلا أن ممثلي البنتاغون كشفوا حقيقة أن الأولوية هي لإسرائيل.
كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن الولايات المتحدة بدأت في تحويل وجهة "عشرات الآلاف من القذائف" من أوكرانيا إلى إسرائيل.
ومن غير المرجح أن يكون الرئيس الأوكراني زيلينسكي مسروراً بتصريحات البنتاغون حول استمرار تدفق الأسلحة إلى تل أبيب.
وبالنظر إلى أن مخزونات القذائف عيار 155 ملم وأنظمة الأسلحة الأخرى التي "استنفدت بالفعل"، فإنه سيكون من الصعب الآن على الولايات المتحدة إمداد بلدين في نفس الوقت.
في كييف وموسكو يدركون أن المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا انخفضت حتى منتصف أكتوبر بنسبة 93.5% مقارنة ببداية العام.
فخلال الشهر الماضي، تلقت كييف حزمة واحدة فقط من المساعدات العسكرية من البنتاغون. ويبدو أن التدفقات المالية من واشنطن إلى كييف سوف تنخفض تدريجياً إلى مستوى ضئيل.
جيش يدمن القذائف
وما يعمق مشكلة القذائف التي بات يعانيها الجيش الأوكراني، هي أن هذا الجيش مدمن على القذائف من عيار 155 ملم.
ويذكر في هذا الصدد، أن دول الناتو تستخدم المدافع من عيار 155 ملم، وقامت الولايات المتحدة بتزويد كييف بمدافع هاوتزر البعيدة المدى (عيار 155 ملم) من طراز "إم 777"، إلى جانب مدافع ألمانية ذاتية الدفع من طراز PzH2000، وKrab البولندية، وقيصر الفرنسية.
وتستخدم القوات الأوكرانية هذه المدافع بكثرة لقصف المدن التابعة لمنطقتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين التي اعلنتا استقلالهما عن أوكرانيا ومن ثم انضمامها الى روسيا.
جميع هذه المدافع تستخدم عيار 155 ملم، ووقف أو على الأقل تقليل إمدادات القذائف لها سيؤدي حتما إلى انخفاض في كثافة العمليات العسكرية الأوكرانية ضد الجيش الروسي.
وعلى خلفية التحول في المساعدات الأميركية لإسرائيل، فإن احتمالات قيام الجيش الأوكراني بعمليات قتالية تبدو قاتمة للغاية.
وقد تجد دبابات أبرامز الأميركية هي، التي تم تسليمها إلى أوكرانيا، نفسها في وضع مماثل.
لقد تم تزويد أوكرانيا بإمدادات من قذائف 120 ملم لمدفع الدبابة، ولكن يجب تجديدها باستمرار. وإذا ذهبت هذه القذائف أيضًا إلى إسرائيل، التي تستخدم دبابتها ميركافا قذيفة 120 ملم، فإن دبابات أبرامز الأوكرانية ستصبح مجرد "جرار مدرع" على حد وصف العسكريين الروس.
تحذيرات مبكرة
مع اندلاع الحرب في أوكرانيا كان يعد توفير قذائف المدفعية من عيار 155 ملم واحداً من أكبر المجالات التي تثير قلق الغرب، كونها ذخيرة رئيسية، بعدما تحولت الحرب إلى حد كبير إلى حرب مدفعية ميدانية.
وقبل اندلاع الأزمة في قطاع غزة، كانت القوات الأوكرانية والروسية تطلق الآلاف من قذائف الهاوتزر عيار 155 ملم على بعضها بعضاً، بما يصل إلى 20 ألف قذيفة يومياً للروس.
وكان البنتاغون يعلق حينها بأنه سيرفع إنتاجه من قذائف المدفعية بنسبة 500% في غضون عامين؛ حتى يتمكن في النهاية من إنتاج 90 ألف قذيفة أو أكثر شهرياً.
ولم تكن تصريحات ممثلي البنتاغون في هذا السياق مقنعة، خاصة وأن العديد من الخبراء أثاروا القلق وحذروا من أن حرب أوكرانيا تلتهم المخزونات العسكرية الأميركية التي قد تستغرق سنوات لتجديدها.
كما سلط تحليل نشره "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن، في بداية العام الحالي، الضوء على أن الكمية التي تستخدمها القوات الأوكرانية كل شهر على طول خط المواجهة البالغ 1000 كيلومتر تتجاوز معدل الإنتاج الأميركي.
وقال التحليل إن ذلك سيتطلب من الدول الأخرى الاستمرار في توفير كميات كبيرة من قذائف المدفعية، أو إجبار أوكرانيا على الحد من استخدامها لها.
كما حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، قبل أشهر، من أنّ أوكرانيا تستخدم في حربها ضدّ القوات الروسية كميات من الذخائر تفوق تلك التي يمكن لدول الحلف أن تنتجه.
وقال: "هذا يستنزف مخزوننا، ويضغط على صناعاتنا الدفاعية"، داعياً دول الحلف إلى الاستثمار وبناء مصانع جديدة.