5 مفاهيم خاطئة حول الجيش الأميركي


تهيمن بعض المفاهيم على الثقافة الشعبية عندما يتعلق الأمر بالجيش الأميركي. وسواء أكانت «هوليوود» تصنع فيلماً حربياً، مثل «بيرل هاربور»، وما تخلله من أخطاء تاريخية؛ أو تصوير غير واقعي لظروف الحرب في أعمال أخرى، يظهر العديد من الروايات التي تشوّه صورة الجيش الأميركي. والتغلب على بعض هذه المفاهيم الخاطئة يعني معالجة خمس أساطير شائعة يفترضها معظم الناس حول القوات المسلحة الأميركية.

1 - الوجود في كل مكان
يحب العديد من المثقفين الترويج للسرد القائل بأن الولايات المتحدة أصبحت نوعاً من الإمبراطورية الاستعمارية الجديدة ذات القواعد العسكرية في كل مكان، للسيطرة على البلدان وتحقيق مكاسب استغلالية للرأسماليين الأميركيين. إلا أن هذه التأكيدات لا تتطابق مع الواقع. وعلى سبيل المثال، أعلنت إحدى المنظمات السياسية، في دراسة أجريت عام 2021، أن الولايات المتحدة لديها نحو 750 قاعدة عسكرية في 80 دولة و«مستعمرات» مختلفة (مصطلح غريب للأراضي الأميركية في غوام وبورتوريكو وجزر فيرجن). ولسوء الحظ، فإن التقرير لا يميز بين المنشآت العسكرية الفعلية لاستعراض القوة العسكرية والمرافق المخصصة للمدنيين والمقاولين. وعلى سبيل المثال، تحدد مجموعة البيانات مقبرة «واردوغ سيمتري»، في غوام، وستة مواقع صغيرة للبحث والتطوير في جزر البهاما، ومدرج طائرات كمرافق «عسكرية».
والحقيقة هي أن الجيش الأميركي لديه بضع عشرات من القواعد العسكرية الرئيسة خارج الولايات المتحدة. وتقع هذه في المقام الأول في البلدان الحليفة في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. وتفاوضت وزارة الخارجية على هذه الاتفاقيات، ودفعت الحكومات المضيفة مليارات الدولارات مقابل وجود الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، يتمركز نحو 85% من القوات العسكرية العاملة في الولايات المتحدة. ومن بين الـ15% المتمركزين والمنتشرين في الخارج، يمثل هؤلاء الأفراد مواقع القوة اللازمة للاستجابة بكفاءة للأزمات أو الصراعات التي لم تظهر أي دولة مسؤولة أخرى القدرة على القيام بها.

2- مهمة قتالية بحتة
من المؤكد أن المؤسسة العسكرية الأميركية تهتم أكثر بتنظيم وتدريب وتجهيز قواتها للقيام بعمليات قتالية واسعة النطاق. ولكن الجيش الأميركي يفعل أكثر من مجرد خوض الحروب. وينشر الرئيس القوات لأداء مجموعة من المهام غير القتالية التي كان يشار إليها باسم «العمليات العسكرية غير الحربية»؛ سواء كان ذلك من خلال تقديم المساعدة الإنسانية لمكافحة فيروس إيبولا في إفريقيا، على سبيل المثال، أو إعادة الرهائن الذين احتجزهم تنظيم «داعش» في سورية، أو الاستجابة لفيروس «كوفيد-19»، أو المشاركة في مشاريع هندسة الأشغال المدنية المحلية، فإن الجيش الأميركي يوفر مجموعة واسعة من القدرات للحكومة الأميركية، والحلفاء والشركاء.
إن العديد من الأنشطة تعود بالنفع على المصلحة العامة العالمية، مثل مساعدة البلدان على مكافحة الصيد غير المشروع.
أحد الأهداف الرئيسة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة هو الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد، من خلال مساعدة البلدان على معالجة العجز الأمني. وتشمل هذه الأنشطة عمليات مكافحة الإرهاب في إفريقيا، وبعثات التعاون الأمني في جميع أنحاء العالم، والتدريبات العسكرية مع اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، والمساعدة الأمنية لأوكرانيا، ومجموعة من عمليات مكافحة القرصنة ومكافحة المخدرات في جميع أنحاء إفريقيا، إضافة إلى ضمان حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي والقطب الشمالي والبحر الأحمر، وتضمن هذه الأنشطة عدم قيام أي جهة عنيفة بإيذاء العولمة أو تقويض النظام الدولي القائم على القواعد.

3- مناورة محدودة
ويشير بعض المحللين إلى أن الجيش الأميركي لا يمكنه التعامل إلا مع أزمة واحدة، بينما يرى آخرون أنه «لا يمكن للقوات العسكرية الأميركية أن تقاتل على جبهتين». وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تتولى القتال في أوكرانيا، فإن هذا يقود بعض النقاد إلى المطالبة بوقف الدعم لأوروبا للحفاظ على الموارد اللازمة لحروب مستقبلية مع الصين. إن مثل هذه الآراء مضللة لأنها تلمح إلى أن القيادة السياسية الأميركية مركزية للغاية. وهم يتجاهلون كيف تعتمد وزارة الدفاع على القيادات القتالية لتوظيف القوة ودمج الحلفاء والشركاء في هذه العمليات. وتقدم 54 دولة مساعدات عسكرية ومالية للدفاع عن أوكرانيا، بينما الدعم الأوروبي أكبر مما تقدمه واشنطن.
وفي أي سيناريو صيني، من المؤكد أن تايوان ستدافع عن نفسها أولاً، ومن المرجح أن يحشد الدبلوماسيون الأميركيون الدعم الدولي، ويكرروا نجاحهم مع أوكرانيا. ويوضح ظهور مفاهيم مثل الردع المتكامل أن الولايات المتحدة يمكنها تعزيز حلفائها وشركائها للقيام بالجزء الأكبر من القتال وأول المستجيبين في الأزمات حيث يظل الجيش الأميركي في دور داعم.

4- ميزانية خيالية
تبلغ ميزانية الجيش الأميركي لعام 2023 أكثر من 816 مليار دولار، ومن المتوقع أن تزيد على 842 مليار دولار في عام 2024. وعند إضافة كُلفة مزايا المحاربين القدامى والتحديث النووي، فإن كُلفة الأمن القومي تتجاوز بسهولة تريليون دولار. ومن المؤكد أن الناس العاديين سيصابون بصدمة شديدة لأن هذا الرقم يصعب تصوره، ولكن نسبة إلى الاقتصاد البالغ 24 تريليون دولار، فهو منخفض. علاوة على ذلك، هناك الكثير من الإنفاق غير الدفاعي في ميزانية وزارة الدفاع، مثل الصحة العامة، ودعم الشركات الصغيرة، والتعليم العالي.
لقد انتهى السلام الطويل بلا شك، ويقود المنافسون لأميركا الإنفاق الدفاعي. ومن المتوقع أن تنفق الصين نحو 700 مليار دولار على جيشها. وتعمل الصين، أيضاً، على تحديث جيشها، وتمتلك أكبر قوة بحرية في العالم، وتأمل في مضاعفة أسلحتها النووية إلى ثلاثة أمثالها. وتعتزم روسيا إنفاق 391 مليار دولار على قواتها المسلحة في عام 2024 على الرغم من إنفاق أكثر من 102 مليار دولار، فقط، العام الماضي. وروسيا هي أكبر دولة تمتلك أسلحة نووية في العالم وقد وجهت تهديدات متكررة باستخدامها في أوروبا.

5- أزمة التجنيد
لقد أصبح التجنيد في الجيش الأميركي تحدياً، لكن حله ليس صعباً وبالتأكيد ليس أزمة، كما قد يرى البعض. ويشير مراقبون إلى أن أزمة التجنيد هذه وتصور «الجيش المستيقظ» هو ما يسبب الضعف العسكري الأميركي. ومع ذلك، كانت القوات المسلحة الأميركية، تاريخياً، دائماً أكثر تقدمية وشمولية من المجتمع المدني الأميركي. وقد قام الرئيس هاري ترومان بإلغاء الفصل العنصري في الجيش في عام 1948، قبل وقت طويل من إقرار قانون الحقوق المدنية في عام 1964. ومنذ ذلك الحين، اتجهت السياسات العسكرية نحو المساواة في المعاملة والمساواة بين الجميع.
إن هذا السعي لتحقيق الشمولية والتنوّع هو قوة استراتيجية تجعل الجيش الأميركي فعالاً للغاية. ويُتوقع من كل عنصر في الخدمة أن يعامل الجميع بالكرامة والاحترام اللذين ينبغي منحهما لجميع البشر.
أخيراً، مثل أي مؤسسة حكومية أخرى، فإن الجيش الأميركي هو مؤسسة ذات بيروقراطيتها، وقوانينها وقواعدها الخاصة، ومجموعة من التقاليد لكل فرع عسكري؛ غير أن وزارة الدفاع الأميركية هي أيضاً أكبر جهة توظيف في العالم، حيث يبلغ عدد موظفيها 3.2 ملايين موظف.
عن «ناشيونل إنترست»

 

 

 

 

 

 

 

الأكثر مشاركة