قانون جديد يسهّل الحصول على الجنسية

المستشار الألماني يهاجم خطط «إعادة التهجير» العنصرية

صورة

شبّه المستشار الألماني، أولاف شولتس، خطط المتطرّفين اليمينيين في ألمانيا لـ«إعادة تهجير» المهاجرين بالأيديولوجية العنصرية للنازيين. وفي الحلقة المنشورة، أول من أمس، من سلسلة فيديوهاته الأسبوعية التي تحمل عنوان «المستشار باختصار»، قال شولتس: «إذا كان هناك شيء لا يجب أبداً أن يجد له مكاناً في ألمانيا مرة أخرى، فهو الأيديولوجية العنصرية للاشتراكيين القوميين (النازيين). ولم يتم التعبير عن شيء آخر (سوى هذه الأيديولوجية) في خطط إعادة التوطين المقززة التي ينادي بها المتطرّفون».

ورأى شولتس أن جميع الأشخاص في ألمانيا مدعوون إلى تبني موقف واضح وصريح «دعماً للتماسك والتسامح، ولدولتنا ألمانيا الديمقراطية». ويعتزم متظاهرون الخروج في كل أنحاء ألمانيا، مطلع الأسبوع المقبل، للاحتجاج على اليمين المتطرف، ومن المتوقع مشاركة عشرات آلاف الأشخاص في هذه التظاهرات.

وأفادت بيانات أولية للشرطة في مدينة هامبورغ، شمال ألمانيا، بخروج أكثر من 30 ألف شخص إلى الشوارع للاحتجاج على اليمين المتطرف، فيما قدر المنظمون عدد المشاركين بـ35 ألف شخص. من جانبه، قال عمدة هامبورغ، بيتر تشنتشر، إن «الرسالة الموجهة إلى (حزب البديل من أجل ألمانيا) وشبكته اليمينية، هي: نحن الأغلبية ونحن أقوياء لأننا متحدون ولأننا عازمون على عدم السماح بتدمير بلادنا وديمقراطيتنا مرة ثانية، بعد عام 1945».

وكانت منصّة «كوريكتيف» الإعلامية كشفت أن مسؤولين كبار في (حزب البديل) التقوا في مدينة بوتسدام، شرق ألمانيا، في الـ25 من نوفمبر الماضي، مع شخصيات يمينية متطرّفة، من بينها النمساوي مارتن زيلنر، الذي تزعم على مدار فترة طويلة حركة الهوية الاشتراكية الأوروبية المتطرّفة، التي تعارض بشدة هجرة المسلمين إلى أوروبا. وكان زيلنر كشف أنه تحدث في اجتماع بوتسدام عن «إعادة التهجير».

يذكر أن اليمينيين المتطرّفين يقصدون باستخدام مثل هذه العبارة ضرورة مغادرة عدد كبير من الأشخاص ذوي الأصول الأجنبية لألمانيا حتى بالإكراه. وأثار التقرير غضباً في ألمانيا، وشهدت مدن عدة احتجاجات جماهيرية ضد (حزب البديل) مطلع الأسبوع الماضي، وكان شولتس ووزيرة خارجيته، أنالينا بيربوك، شاركا في تظاهرة في مدينة بوتسدام احتجاجاً على اليمين المتطرف.

خطط شيطانية

أوضح المستشار الألماني، في مقطع الفيديو المنشور، أن اليمينيين المتطرّفين أجروا مشاورات في بوتسدام حول كيفية طرد ملايين الأشخاص من ألمانيا، وقال: «عند التفكير في مثل هذا الأمر تسري البرودة الشديدة في عمودك الفقري»، ووصف هذه الخطط بـ«الشيطانية».

ورأى شولتس أن من «المخيف» أن بعض المهاجرين صاروا يتساءلون الآن حول ما إذا كان لايزال لهم مستقبل في ألمانيا، وقال مخاطباً كل الأشخاص ذوي الأصول المهاجرة: «أنتم جزء منا، بلادنا تحتاج إليكم»، مشيرا إلى أن هذه هي أيضاً الرسالة التي يبعث بها قانون الجنسية الجديد الذي تم إقراره في البرلمان.

في هذا السياق، تبنّى النواب الألمان، أول من أمس، قانوناً يخفّف شروط الحصول على الجنسية ويوسّع إمكانية حمل جنسيتين للحدّ بشكل ملحوظ من نقص العمالة الذي تعانيه أكبر قوة اقتصادية في أوروبا. وسيكون من الممكن، الآن، التقدّم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية، بعد خمس سنوات من الإقامة في البلاد بدلاً من ثماني سنوات حالياً، وذلك بموجب هذا النص الذي تدعمه حكومة شولتس، وصادق عليه مجلس النواب.

كذلك، سيفتح القانون المجال أمام إمكانية حصول مزيد من الأشخاص على جنسية مزدوجة، الأمر الذي يشكّل فرصة بالنسبة للجالية التركية الكبيرة في ألمانيا، التي تضم نحو 1.5 مليون شخص.

جنسية مزدوجة

وقال شولتس: «في الولايات المتحدة، من الطبيعي تماماً أن نقول عن شخص إنه ألماني - أميركي.. أعتقد أنّ هذا الشعور بكونك ألمانياً وإيطالياً أو ألمانياً وتركياً يتوافق مع واقع العديد من مواطنينا في هذا البلد.. الاعتراف بذلك ينم عن الاحترام».

وتقتصر الجنسية المزدوجة حتى الآن على مواطني الاتحاد الأوروبي وسويسرا.

من جهتها، أكّدت وزيرة الداخلية الاشتراكية الديمقراطية، نانسي فيزر، بعد إقرار القانون، أنّ «إصلاحنا حاسم بالنسبة للوضع الاقتصادي الألماني». وأضافت: «نحن في خضمّ منافسة عالمية لجذب أفضل العقول. ونحن بحاجة ماسّة إلى العمالة الماهرة في العديد من قطاعات اقتصادنا».

وتشهد ألمانيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 82 مليون نسمة، شيخوخة ديموغرافية ما يؤدي إلى تفاقم مشكلات نقص العمالة.

من جانبه، أكد وزير المال الألماني، كريستيان ليندنر، أن ألمانيا التي عانت انكماشا في عام 2023 «ليست رجلاً مريضاً»، ولكنها ببساطة «رجل متعب يحتاج إلى قهوة»، على شكل إصلاحات هيكلية لإعادة إطلاق النمو.

ووصف العديد من المراقبين، أخيراً، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بأنه «رجل أوروبا المريض»، وهو تعبير استُخدم في أواخر تسعينات القرن الماضي، بعد إعادة توحيد ألمانيا.

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي في أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 0.3% في عام 2023، بعد نمو بنسبة 1.8% في عام 2022، وفقاً لبيانات رسمية مصحّحة بحسب متغيّرات الأسعار.

وقال ليندنر، أثناء حديث خلال المنتدى الاقتصادي العالمي، في «دافوس»، في جبال الألب السويسرية، الذي انتهى، أول من أمس: «أعرف أن بعض الناس يعتقدون أن ألمانيا رجل مريض». وتابع: «ألمانيا ليست رجلاً مريضاً». وأضاف: «ألمانيا، بعد فترة ناجحة جداً منذ عام 2012، والسنوات الأخيرة التي شهدت أزمات، أصبحت رجلاً متعباً إثر ليلة لم ينم خلالها جيداً».

وأكد أن «توقعات النمو الضعيف بمثابة دعوة إلى الاستيقاظ، وسنتناول قهوة جيدة، أي أننا سنجري إصلاحات هيكلية، ثم نواصل النجاح اقتصادياً».

تراجع النمو

تراجع النمو الألماني، العام الماضي، بنسبة كبيرة عن متوسط الاتحاد الأوروبي، الذي من المتوقع أنه سجل نمواً في عام 2023، وفقا لأحدث توقعات صادرة عن المفوضية الأوروبية، مع ارتفاع النمو بشكل ملحوظ في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

كذلك، أتت ألمانيا خلف دول صناعية كبرى أخرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ولكن يتوقع أن يبدأ اقتصادها بالتعافي في العام الجاري. وتتوقع الحكومة نمواً في عام 2024، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً أقل من المتوقع.

وقال ليندنر: «توقعات النمو ليست كما ننتظر أن تكون، ولكن اقتصادنا صلب». وأضاف: «علينا من الآن فصاعداً أن نقوم بواجباتنا». وتابع: «كان علينا حل مسألة الدين والعجز، ولكن نجحنا».

وفي 15 نوفمبر، قضت المحكمة الدستورية الألمانية بأن حكومة المستشار أولاف شولتس، انتهكت قانون الديون المنصوص عنه في الدستور، عندما حولت 60 مليار يورو مخصصة لدعم مكافحة الأوبئة إلى صندوق للمناخ. وبعد قرار المحكمة، علّقت الحكومة معظم المشروعات التي يتم تمويلها من خلال صندوق المناخ، وجمّدت أي إنفاق جديد لبقية عام 2023.

ويرى المعهد الاقتصادي «أي إف أو»، أنّ هذه التخفيضات في الميزانية من شأنها أن تكلف ألمانيا تراجعاً في النمو في الأشهر المقبلة. وتواجه البلاد، أيضاً، تحديات هيكلية، مثل نقص العمالة، وشيخوخة السكان، ونقص الاستثمار، ما يمكن أن يؤدي إلى استمرار تباطؤ النمو.


. أتت ألمانيا خلف دول صناعية كبرى أخرى، ولكن يتوقع أن يبدأ اقتصادها بالتعافي في العام الجاري.

. علّقت الحكومة معظم المشروعات التي يتم تمويلها من خلال صندوق المناخ، وجمّدت أي إنفاق جديد.

تويتر