الغرب متردّد في مواصلة دعمها
خسارة «أفدييفكا» تضع أوكرانيا في موقف صعب
حققت القوات الروسية انتصاراً رمزياً مهماً بحسم معركة أفدييفكا، بعد قتال شرس استمر لأكثر من أربعة أشهر مع القوات الأوكرانية حول تلك المدينة الاستراتيجية في شرق أوكرانيا، لتبعث برسالة مهمة قبل أيام من دخول الحرب عامها الثالث، وتطرح تساؤلاً بشأن قدرة حلفاء كييف على مساعدتها.
وأقرّت أوكرانيا بخسارة تلك المعركة، واعترف كبار قادتها العسكريين بأن قرار سحب قواتهم من الخطوط الأمامية جاء حفاظاً على أرواح العسكريين الأوكرانيين، بينما هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات بلاده على النجاح والنصر المهم «بتحرير مدينة أفدييفكا بجمهورية دونيتسك الشعبية»، بعد أن استمع إلى تقرير لوزير الدفاع، سيرغي شويغو، بشأن آخر التطوّرات على الأرض يؤكد فرض موسكو السيطرة الكاملة على المدينة، «والعمل على تطهيرها من المتطرّفين الأوكرانيين».
وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أنه يتم حالياً اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطهير المدينة نهائياً من المسلحين، ودحر الوحدات الأوكرانية التي غادرت المدينة واستقرت في مصنع أفدييفكا للكيماويات، حسبما ذكرت قناة «آر تي» على موقعها الإلكتروني، مساء أول من أمس.
واعتبرت الوزارة أن «تحرير مدينة أفدييفكا أتاح نقل خط المواجهة بعيداً عن دونيتسك، وبالتالي حمايته بشكل كبير من الهجمات الإرهابية التي يشنها نظام كييف الإجرامي»، مضيفة أنه «لم يتم نشر المعلومات حول تقدم قواتنا إلا بعد هزيمة العدو بالكامل والسيطرة على المدينة».
ووصفت شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأميركية هذا التطور بأنه بمثابة «نصر كبير» للرئيس الروسي، وبأنه الأكبر منذ سقوط مدينة باخموت في يد القوات الروسية في شهر مايو الماضي، التي كانت البوابة الرئيسة لروسيا للتقدم في دونيتسك.
ورأت الشبكة الأميركية أن هذا النصر جاء في «توقيت حاسم»، حيث «تبحث روسيا عن دفعة معنوية مع اقتراب الذكرى السنوية الثانية لهجوم موسكو واسع النطاق على أوكرانيا في 24 فبراير، وقبل الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس في روسيا».
من جهته، عزا الرئيس الأميركي جو بايدن، ما حدث إلى «تقاعس» المشرّعين الأميركيين، وعدم قدرة الكونغرس على تمرير المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا. وقال بايدن: «انسحب الجيش الأوكراني من أفدييفكا بعد أن اضطر الجنود الأوكرانيون إلى تقنين استخدام الذخيرة، بسبب تضاؤل الإمدادات نتيجة لتقاعس الكونغرس، ما أدى إلى أول مكاسب ملحوظة لروسيا منذ أشهر»، حسبما نقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية.
وشدد بايدن على ضرورة تمرير الكونغرس «مشروع قانون التمويل الإضافي للأمن القومي لإعادة إمداد القوات الأوكرانية» بشكل عاجل، حسب بيان للبيت الأبيض.
تباطؤ المساعدات
وجاءت كلمات بايدن، خلال محادثة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد لقاء الأخير مع نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، في مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي هيمنت عليه مسألة المساعدات الغربية المقدمة لكييف.
وأعرب مسؤولون أميركيون، أخيراً، عن قلقهم بشأن المكاسب الروسية، وأشاروا إلى أنها «انعكاس لتباطؤ المساعدات»، بحسب «سي إن إن»، التي نقلت عن بيان للمتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، أدريان واتسون، قالت فيه: «هذه هي كلفة تقاعس الكونغرس. يواصل الأوكرانيون القتال بشجاعة، لكن الإمدادات لديهم بدأت تنفد. من المهم أن يوافق مجلس النواب على تمويل إضافي لأوكرانيا دون تأخير، حتى نتمكن من تزويد أوكرانيا بذخائر المدفعية، وغيرها من المعدات الحيوية التي تحتاجها للدفاع عن بلادها».
وتُعدّ الولايات المتحدة أكبر داعم منفرد لأوكرانيا، إلا أن نحو 60 مليار دولار لكييف معطّلة بسبب خلافات سياسية بين المشرّعين الأميركيين.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن موافقة جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في وقت سابق من هذا الشهر على حزمة مساعدات مالية بقيمة 54 مليار دولار لأوكرانيا، جاءت متأخرة ، لتمنى كييف بخسارة أخرى ذات مغزى.
وربما هذا ما دفع زيلينسكي للقيام (الجمعة) برحلة أخرى إلى غرب أوروبا، بهدف الضغط على حلفاء بلاده الغربيين لمواصلة تقديم الدعم العسكري، وفقاً لـ«فوكس نيوز».
وخلال كلمته أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، أول من أمس، حث زيلينسكي الدول الغربية على مساعدة أوكرانيا على هزيمة بوتين، محذراً من أن «الحرب تشكل تهديداً للعالم بأسره».
وأضاف زيلينسكي: «إلى متى سيسمح العالم لروسيا بأن تكون هكذا؟ هذا هو السؤال الرئيس اليوم. من فضلكم، كل شخص في العالم، لا تسألوا أوكرانيا متى ستنتهي الحرب. اسألوا أنفسكم، لماذا لايزال بوتين قادراً على مواصلة هذه الحرب».
وسلطت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية الضوء على مقطع فيديو مصور نشره عسكريون أوكرانيون لأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي يظهرون فيه في قبو مظلم بمصنع أفدييفكا لفحم الكوك، وقالوا إنهم كانوا يحتمون من قنابل جوية تزن 500 كيلوغرام تلقيها عليهم القوات الروسية، ووصفت الصحيفة مقطع الفيديو بالمروع، ويظهر فيه أيضاً مستشفى ميداني يعالج الجرحى، وقالت: «يذكرنا (الفيديو) بالقتال الذي دام شهوراً في أوكرانيا في مصنع آزوفستال للصلب في عام 2022».
مرحلة مهمة
وتطرقت الصحيفة إلى أهمية الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا في هذه المرحلة المهمة من الحرب، محذرة من أن «الذخائر على وشك النفاد في البلاد، كما أن قذائف المدفعية على وشك النفاد، ما لم يأذن الكونغرس بتقديم المزيد من المساعدات».
وحصلت أوكرانيا على مساعدات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات من واشنطن وحلفائها الغربيين منذ بداية الحرب، إلا أن الرئيس الأوكراني لا يكف عن المطالبة بالمزيد.
ويرى محللون أن أوكرانيا ربما تواجه شهوراً صعبة، في ظل تقدم القوات الروسية وشُح الإمدادات، خصوصاً مع نقص الذخيرة عالمياً، وتسرب إحساس لدى حلفاء كييف بأن مطالب زيلينسكي - التي لا تنتهي - لم تغير الوضع على الأرض كثيراً، على الرغم من تفاؤله من قبل بالحصول مثلاً على دبابات «ليوبارد»، وتأكيده أنها ستسهم في قلب الموازين خلال ما عرف بالهجوم المضاد، الذي أجمع العديد من دوائر التحليل السياسي على فشله في تحقيق أهدافه المرجوة.
• 60 مليار دولار معطّلة بسبب خلافات سياسية بين المشرّعين الأميركيين.
• أوكرانيا ربما تواجه شهوراً صعبة، في ظل تقدم القوات الروسية وشُح الإمدادات.
• موافقة دول الاتحاد الأوروبي على حزمة مساعدات مالية لأوكرانيا جاءت متأخرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news