بايدن محط انتقاد بعد رفعه لواء "النظام" ضد الاحتجاجات الجامعية
بعدما لزم الصمت فترة طويلة حيال التعبئة الطالبية في جامعات أميركية على خلفية الحرب في غزة، أكد الرئيس جو بايدن الخميس ضرورة أن يسود "النظام" في الأحرام، ما جعله عرضة لانتقادات من اليمين ومن الطلاب المؤيدين للفلسطينيين.
وقال الرئيس الديموقراطي البالغ 81 عاما من البيت الأبيض "نحن لسنا أمة استبدادية حيث نُسكت الناس أو نقوم بسحق المعارضة"، مضيفاً "لكننا لسنا دولة خارجة عن القانون... نحن مجتمع مدني، ويجب على النظام أن يسود".
وأكد الرئيس الأميركي أنه لا يمكن السماح للاحتجاجات بأن تعيق انتظام الصفوف ومواعيد التخرج لآلاف الطلاب في أحرام جامعية في مختلف أنحاء البلاد.
وأضاف "لا يجب أن يكون ثمة أي مكان في أي حرم جامعي، لا مكان في الولايات المتحدة، لمعاداة السامية، أو التهديدات بالعنف حيال الطلاب اليهود"، متابعا "لا مكان لخطاب الكراهية أو العنف من أي نوع، أكان معاداة للسامية أم رهاب الإسلام أو التمييز ضد الأميركيين العرب أو الأميركيين الفلسطينيين". واعتبر ذلك "خاطئا".
وكان هذا الخطاب الذي أعلن عنه قبل وقت وجيز فقط من موعده، أول تعليق لبايدن على الاحتجاجات في الجامعات منذ 22 أبريل، حين قال ردا على سؤال "أدين مظاهر معاداة السامية .... وأدين أيضا أولئك الذين لا يفهمون ما يحدث للفلسطينيين".
واستمر الخطاب أربع دقائق، ولم يذكر فيه الرئيس الداعم لإسرائيل، كلمة "غزة" على الإطلاق، وذكر الفلسطينيين مرة واحدة فقط بحديثه عن أولئك الذين يحملون جواز السفر الأميركي منهم، وضرورة ألا يتعرضوا لـ"التمييز"، حالهم كحال الأميركيين العرب.
- دفع من ترامب؟
وأتى خطاب بايدن بعد ساعات من انتقادات وجّهها له دونالد ترامب، سلفه في البيت الأبيض ومنافسه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر.
وقال ترامب لدى وصوله إلى محكمة في نيويورك الخميس "إنّهم يساريون متطرّفون مجانين ويجب أن نوقفهم الآن لأنّ الأمر سيستمرّ ويزداد سوءاً".
هل وجد بايدن نفسه مضطرا للخروج عن صمته بشأن الاحتجاجات التي قد تقوّض حملته الانتخابية، ردّاً على ترامب؟
بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار، فالرئيس الأميركي "لا يحتاج الى أن يتبع أيا كان".
وانتقد خصوم جمهوريون لبايدن الخطاب.
وكتب النائب الجمهوري ريتشارد هدسون على منصة إكس "جو بايدن يخشى اليسار الراديكالي الى درجة يعجز معها حتى عن أن يدين بلا لبس الاضطهاد المعادي للسامية في الأحرام الجامعية".
بدورهم، انتقد المؤيدون للاحتجاجات دعوة بايدن الى إحلال "النظام". وكتبت الاستاذة في جامعة كولومبيا والكاتبة في صحيفة واشنطن بوست كارن عطايا "لدى بايدن الجرأة ليقول إن الاحتجاج يجب ألا يسبب الفوضى، بينما يعتزم التحدث خلال حفل تخرج مورهاوس، جامعة مارتن لوثر كينغ" في 19 مايو.
وأشارت الى أن المناضل من أجل حقوق السود في الولايات المتحدة "تحدّث عن هؤلاء المعتدلين البيض الذين يكرّسون أنفسهم للنظام أكثر من العدالة".
وكان أليكس كينا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا كومنولث يونيفرسيتي، قد أكد قبل خطاب الرئيس الأميركي، أن "الاحتجاجات وضعت بايدن في موقف حساس لأنه اعتمد كثيرا للفوز في عام 2020 على الشباب، وعلى المسلمين والأميركيين من أصل عربي".
لكن جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأميركي، وهي منظمة تمثل الأميركيين من أصول عربية، يقدّر أن البيت الأبيض "مقتنع بأنه سيصمد أمام هذه العاصفة وسينتصر رغم كل شيء على دونالد ترامب في نوفمبر".
وحذّر من أن ذلك "سوء تقدير خطير".
ومنذ بداية الحرب في غزة إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، كان بايدن هدفا لانتقادات شديدة بسبب دعمه غير المشروط للدولة العبرية.
وأظهر استطلاع للرأي نشرته جامعة هارفارد في منتصف أبريل الماضي، أنه يحظى بأفضلية بين الأميركيين تحت سن الثلاثين: 45% من نوايا التصويت مقابل 37% لدونالد ترامب، بفارق ثماني نقاط مئوية.
لكن هذه النسبة أدنى بكثير مما كانت عليه قبل أربع سنوات. ففي ربيع عام 2020: كان الديموقراطي يتقدم بـ23 نقطة على خصمه الجمهوري.
- 1968
من الممكن أن يستعيد الرئيس الأميركي رضا بعض الناخبين الشباب بحلول نوفمبر، إذا تم التوصل إلى اتفاق بين حماس والسلطات الإسرائيلية بشأن وقف إطلاق النار وتبادل رهائن محتجزين في غزة بأسرى فلسطينيين.
يرى كينا أن ذلك "سيكون أمرا جللا" و"يساهم ربما في وضع حد لبعض الاحتجاجات واستعادة الاستقرار" في الجامعات.
وتضغط الإدارة الأميركية من أجل التوصل إلى اتفاق. وحضّ وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في إسرائيل الأربعاء حماس على الموافقة على مقترح الهدنة الأخير المطروح عليها.
إذا فشل الاتفاق، واستمرت الاحتجاجات في الجامعات، فسوف يعقد الديموقراطيون مؤتمرهم في ظل توتر شديد للغاية هذا الصيف.
ومن المنتظر أن يرشح الحزب جو بايدن رسميا في أغسطس في شيكاغو.
في عام 1968، انعقد في المدينة مؤتمر ديموقراطي سادته الفوضى على خلفية التظاهرات ضد حرب فيتنام، بعد فترة وجيزة من تخلي الرئيس المنتهية ولايته ليندون جونسون عن الترشح
حينذاك، نأى طالب القانون جو بايدن بنفسه عن الاحتجاجات. وفي كتاب نشره عام 2007، يستذكر رؤيته طلابا يحتلون مبنى في جامعته في سيراكيوز (شمال شرق البلاد) وتعليقه "انظر إلى هؤلاء الحمقى"، مضيفا "إلى تلك الدرجة كنت بعيدا عن الحراك المناهض للحرب".