كريستيان نوبلكور.. فرنسية ناضلت من أجل إنقاذ آثار النوبة

احتفل أبناء النوبة ولفيف من المثقفين في مختلف أنحاء العالم بـ«يوم النوبة العالمي»، الذي أقرته منظمة «اليونسكو» ليكون في السابع من يونيو من كل عام، تخليداً للحضارة والتراث النوبيين، اللذين تركا بصمتيهما على الحضارة الإنسانية، وتم اختيار يوم (7/7) من قبل النوبيين، لما يمثله من رمز للخير والعطاء في ثقافتهم القديمة. وفي حين شهدت مصر مهرجانات واحتفالات فنية باليوم، احتفت صحف وكتابات بالتوازي بشخصية عالمة الآثار الفرنسية كريستيان ديروش نوبلكور، التي لعبت دوراً بارزاً في إنقاذ آثار النوبة مطلع الستينات، كما أنها كتبت كتاباً مهماً عن «أسرار المعابد النوبية» تمت ترجمته إلى العربية.

وقال الكاتب والمفكر المصري د. محمد أبوالغار في مقال له بـ«المصري اليوم»، إن «كريستيان ديروش نوبلكور نشأت في عائلة فرنسية من الطبقة الوسطى المثقفة، شجعها والدها على زيارة متحف اللوفر، وقررت دراسة اللغة الهيروغليفية، وفي عام 1937 حصلت على منحة في معهد الآثار الفرنسي بالقاهرة».

وتابع أبوالغار، الذي استند إلى كتاب «إمبراطورية النيل التي أنقذت آثار مصر من الدمار» لـ(لين أولسون)، «تم إسناد حفريات في أدفو، لكريستيان ديروش نوبلكور، حيث قامت بنصب الخيمة والناموسية، لتقاوم الحشرات والعقارب، كما قامت بالاختلاط بالأهالي، وتعلمت اللغة العربية».

وقال الأثري الدكتور محمود ماهر في مقدمة كتاب لديروش نوبلكور عن «أسرار معابد النوبة»، إن «نوبلكور كان لها دور فعّال وحماسة بالغة في المشاركة مع العديد من علماء الآثار المصريين والأجانب في حملة إنقاذ آثار النوبة وتسجيلها، حيث كانت تعمل حينذاك أمينة في قسم الآثار بمتحف اللوفر، ومستشارة اليونسكو لمركز تسجيل الآثار المصرية، ولها نشاط ملحوظ في إصدار مؤلفات فرعونية».

وكانت حملة إنقاذ آثار النوبة قد انطلقت في مطلع الستينات، بدعوة من اليونسكو، واستجابة لنداء مصر والسودان، تحت إشراف وزير الثقافة المصري وقتئذ الدكتور ثروت عكاشة، بعد أن كانت المياه قد غمرت أجزاء من هذه الآثار، إثر بناء سد أسوان أوائل القرن الـ20، وبعد أن تعرضت لخطر الغرق الكامل، إثر البدء في بناء السد العالي عام 1960، وارتكز المشروع على فك حجارة الآثار، التي يبلغ عددها 23، وتقطيعها وإعادة تركيبها، وأسهمت في الحملة 50 دولة من مختلف الدول، جمعتهم أهداف علمية وإنسانية، على الرغم من الخلافات التي كانت تسود العالم أثناء الحرب الباردة، بحسب مصادر متطابقة.

وذكر كتاب أولسن «أن ديروش نوبلكور مسحت مناطق النوبة التي كانت ستغمرها مياه السد، وقامت بالاتصال بالعائلات الملكية الأوروبية، لتدعم مشروع إنقاذ الآثار، كما اتصلت بالزعيم الفرنسي شارل ديغول، وذهبت إليه وهي غارقة في مياه الأمطار، لتقنعه بالأمر نفسه». ووصف الكاتب الصحافي، جوشيا هامر في مقال له عن «ديروش نوبلكور الأثرية الفرنسية، بأنها كسرت احتكار الرجال للاكتشافات الأثرية في مصر، بدءاً من جيوفاني بلزوني الذي حدد مدخل الهرم الثاني عام 1818، مروراً بهوارد كارتر 1923 الذي اكتشف مقبرة توت عنخ أمون، وحتى الأثري المصري الحالي زاهي حواس».

الجدير بالذكر أن ديروش نوبلكور تملك إلى جانب تاريخها الأثري، سجلاً سياسياً مهماً، حيث شاركت في مطلع حياتها في النضال ضد النازية في فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت تطبع وتوزع مجلة سرية تُسمى «المقاومة»، وتم اعتقالها من قبل جهاز الأمن السري النازي، وظلت في الاعتقال ثم تم إطلاق سراحها.

• كريستيان كان لها دور فعّال وحماسة بالغة في المشاركة مع العديد من العلماء المصريين والأجانب في حملة إنقاذ الآثار بالنوبة.

الأكثر مشاركة