كامالا هاريس تتأهب لخلافة بايدن

ما يزال الجدل والنقاش السياسي محتدمين بشأن لياقة الرئيس الأميركي جو بايدن، وبعد المناظرة مع الرئيس السابق دونالد ترامب، اعترفت كامالا هاريس بأن أداءه كان كارثياً، ثم سرعان ما أكدت أنه قادر على التعافي.

كانت هذه هي رسالة نائبة الرئيس منذ تعثر بايدن بشكل سيئ في 27 يونيو، في أول مناظرة له مع الرئيس السابق، وهو تحوّل مذهل ترك حملة بايدن تترنح، وأثار تساؤلات بين الديمقراطيين عما إذا كان ينبغي لهاريس أن تكون على تذكرة الترشيح الديمقراطي لمنصب الرئيس.

وإذا كانت لنائبة الرئيس مصلحة شخصية - بما في ذلك احتمال أن تصبح المرشحة - في فشل الرئيس بايدن، فهي وفريقها لن يعترفوا بذلك. وبكل المظاهر، بما في ذلك الافتقار الواضح للتسريبات، ظلوا مخلصين بثبات للرجل الذي أوصل هاريس إلى هذه اللحظة.

ويقول المحللون إن هذه سياسة ذكية. ومع تسليط الأضواء على كل خطوة تقوم بها، لدى هاريس الآن فرصة لإعادة تقديم نفسها للجمهور الأميركي بعد بداية صعبة نائبة للرئيس. وتضمنت تعثراتها مهام سياسية صعبة لم تستغل نقاط قوتها فيها، وأخطاء لفظية «رفيعة المستوى»، وضحكاً محرجاً في بعض الأحيان تحوّل إلى ردة فعل عكسية.

ولم تكن مشكلات هاريس كلها من صنعها، ففي وقت مبكر بدا أن بايدن ينأى بنفسه عنها وهي تكافح. ووصفها بأنها «عمل قيد التقدم»، وفقاً لكتاب يؤرخ أول عامين له في منصبه. وبالنسبة لهاريس، تفاقمت الضغوط بسبب وضعها كأول امرأة تتقلد هذا المنصب في البلاد، وأول نائبة رئيس سوداء لديها أصول من جنوب آسيا، وبسبب تقدم الرئيس في السن.

وتقول إحدى السياسيات الديمقراطيات (من كاليفورنيا) وقد عرفت هاريس وعملت معها منذ أكثر من 20 عاماً: «لقد كانت مشيتها على حبل مشدود وزلق للغاية، وكان الأمر صعباً».

لقد أصر بايدن مراراً على أنه لن ينسحب من سباق 2024، لكن إذا أصبحت نائبته هي المرشحة، كما تقول النائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، التي طلبت عدم ذكر اسمها، فإن أولئك الذين يعرفونها يعتقدون أنها مستعدة للتحدي.

وتضيف: «لا يمكنك أن تصبحي، كامرأة ملونة، عضواً في البرلمان عن سان فرانسيسكو، أو نائباً عن ولاية كاليفورنيا، أو عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية كاليفورنيا، أو أول امرأة تتولى منصب نائب الرئيس، إذا كنتِ مجرد دمية». وأشارت إلى الأدوار السابقة لهاريس بوصفها مدعياً عاماً لمقاطعة مدينة سان فرانسيسكو ومدعياً عاماً للولاية.

عثرات الماضي

وحتى في هذه اللحظة عالية المخاطر، ومع الضغط على بايدن للتنحي، فإن بعض أعضاء الحزب وكبار المانحين لديهم تحفظات بشأن ترشيح هاريس للمنصب الأعلى، مفضّلين عقد مؤتمر وطني ديمقراطي مفتوح أو حتى «انتخابات تمهيدية مصغرة» سريعة من شأنها أن تسمح لأفضل مرشح بالارتقاء إلى القمة.

وينظر النقاد إلى الحملة الرئاسية الفاشلة لهاريس في 2020، والتي انتهت قبل الانتخابات التمهيدية الأولى، على أنها ضوء أحمر وامض. ثم شاب حملتها الاقتتال الداخلي وفشلها في التعبير عن المواقف السياسية والأساس المنطقي لترشحها، كما عانى مكتب نائبة الرئيس في وقت مبكر ارتفاعاً في معدل تنقل الموظفين، لكن يبدو أنه استقر.

ومع ذلك، قد تواجه نائبة الرئيس تحدياً مستمراً لسمعتها بين الديمقراطيين المحترفين إذا أصبحت المرشحة. وفي ذلك يقول مستشار سابق لحملة هاريس: «يشعر الناس داخل دوائر المستشارين الديمقراطيين بقلق بشأن تواضعها وقدرتها على الحفاظ على الفريق معاً». ويضيف: «في هذه المرحلة المتأخرة من الحملة، فإن تغيير المرشح على رأس القائمة سيستلزم الاستقرار بين موظفي الحملة، والديمقراطيون الآخرون الذين تمت مقابلتهم على يقين بأن هاريس سترث فريق بايدن».

ارتداد بسيط

جدير بالذكر أيضاً أن بايدن أدار حملتين رئاسيتين فاشلتين (في دورتي 1988 و2008) قبل أن يصل إلى قمة الجبل. ولاشك في أن فترتيه نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما ساعدتاه في الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي، وتحقيق النصر النهائي على ترامب في عام 2020.

وقد يكون منصب نائب للرئيس الأميركي نقطة انطلاق إلى الوظيفة العليا، وعلى مدار تاريخ الولايات المتحدة، تم انتخاب سبعة نواب للرئيس (في الخدمة أو سابقين) للمنصب الأهم في البلاد.

لكن بعض النقاد يقولون إن الديمقراطيين يخدعون أنفسهم إذا اعتقدوا أن هاريس ستكون أفضل من بايدن في المنافسة المباشرة مع ترامب. ويقول مايك مدريد، وهو مستشار جمهوري مقيم في كاليفورنيا، إنهم يتركون عواطفهم، وليس الأدلة، لترشدهم. وتابع مدريد: «إننا الآن في فترة سياسية من التصويت ضد الأشياء، وليس لصالحها»، وهذا يجعل احتمالية احتشاد القاعدة خلف بايدن أو هاريس في الأسابيع الأخيرة «الشيء نفسه تقريباً». ويقول المستشار إن قضية عُمر بايدن تم حلها بالفعل، مشيراً إلى أن «متوسطات» استطلاع، قام به «فايف ثيرتي أيت»، لا تُظهر أي تحرك كبير بين ترامب وبايدن يتجاوز الارتداد البسيط بعد المناظرة.

ويقول الخبير الاستراتيجي الديمقراطي المخضرم، بيتر فين، الذي عرف بايدن منذ عقود: «(هاريس) تطورت كثيراً وأظهرت قدرتها على أن تكون رئيسة جيدة وقوية».

حوادث مؤسفة

ومنذ البداية تناولت هاريس مجموعة واسعة من القضايا، بدءاً من التطعيم ضد فيروس «كورونا»، ومعالجة الأسباب الجذرية لأزمة الحدود الجنوبية إلى حقوق التصويت، وحقوق العمال، والفجوة الرقمية، والمجلس الوطني للفضاء. ومنذ إسقاط قضية «رو ضد وايد» قبل عامين، والتي أنهت الحق في الإجهاض على مستوى البلاد، أصبحت أيضاً الشخص المسؤول عن الإدارة في ما يتعلق بالحقوق الإنجابية، وهي واحدة من أهم القضايا التي يواجهها الديمقراطيون لشهر نوفمبر، وهي القضية التي تتحدث عنها بطلاقة.

ويقال إن الحوادث المؤسفة التي تعرضت لها هاريس، بما في ذلك المقابلة الفاشلة مع مذيع شبكة «إن بي سي»، ليستر هولت، حول الحدود الجنوبية، جعلتها تشعر بقلق من البرامج التلفزيونية، على الأقل لبعض الوقت، لكن من الواضح أنها استفادت من الدرس. وبعد كارثة المناظرة التي تعرض لها بايدن، دافعت عنه بقوة على قناة «سي إن إن».

• خبير استراتيجي ديمقراطي يرى أن هاريس أظهرت قدرتها على أن تكون رئيسة جيدة وقوية.

• قد تواجه نائبة الرئيس تحدياً مستمراً لسمعتها بين الديمقراطيين المحترفين إذا أصبحت المرشحة.

• تفاقمت الضغوط بسبب وضعها كأول امرأة تتقلد هذا المنصب وأول نائبة رئيس سوداء.

الأكثر مشاركة