نتيجة الصعوبات التي يواجهها الشبان في الترشح
الطبقة السياسية في الولايات المتحدة أغلبيتها من المسنين
يبدو أنه ليس المرشحان لمنصب الرئاسة هما المسنان فقط، فاستناداً إلى المعلومات التي لديّ، فإن 20% تقريباً من أعضاء مجلس النواب والكونغرس متوسط أعمارهم في نحو 70عاماً أو أكثر، مقارنة بـ6% فقط ممن هم تحت سن 40 عاماً.
ووافق الناخبون في ولاية داكوتا الشمالية، أخيراً، على مبادرة اقتراع لوضع حد أعلى لسن المرشحين للكونغرس من هذه الولاية. وإذا تجاوزت هذه المبادرة تحديات المحكمة، فإن القانون الصادر سيمنع مَن هم في سن 81 عاماً أو أكثر من العمل في الكونغرس الأميركي من ولاية داكوتا الشمالية. وجاء الدافع وراء هذا القرار لتصحيح الخلل الكبير بين الأجيال في الكونغرس الأميركي.
وبالنظر إلى اقتراب عدد من السياسيين الأميركيين المشهورين من سن الـ80، بمن فيهم المرشحان الرئاسيان المفترضان من كلا الحزبين، فليس من المستغرب أن تحظى تدابير كالتي تقوم بها ولاية داكوتا الشمالية بمثل هذا الاهتمام.
ولكن ما الذي يوضح بالضبط أسباب تقدم أعضاء الكونغرس في السن؟ وما الذي يمكن أن يساعد على تقريب الأعمار بين الأجيال، هذا إن وُجد؟
يرجع تقدم أعضاء الكونغرس في السن إلى العديد من الأسباب بعضها لا يمكن تجنّبه.
فتشير البيانات إلى أن متوسط عمر عضو مجلس النواب قد ازداد بنحو 10% عما كان عليه في عام 1960، ووصل إلى 58 بعد أن كان 52 عاماً. وتحدث زيادة مماثلة لدى أعضاء الكونغرس، حيث إن متوسط العمر هو 63 عاماً بعد أن كان 57 عاماً.
ولكن متوسط عمر الأميركي المتوقع هو 79 عاماً بعد أن كان 70 عاماً، وارتفع هذا المتوسط أكثر في ما بعد بنسبة 13%. ووفق مكتب الإحصاء الأميركي، فإن متوسط عمر المواطن الأميركي ارتفع لأكثر من 30%.
وعلى الرغم من أن ولاية داكوتا الشمالية تقترح وضع سقف لسن المرشحين في الكونغرس، فإن الكونغرس الأميركي يفرض الآن حداً أدنى لعمر المترشح.
ويجب أن يكون الحد الأدنى لعمر المترشح لمجلس النواب 25 عاماً، في الوقت الذي يتم فيه انتخابه للمجلس، في حين يجب أن يكون الحد الأدنى لعضو الكونغرس 30 عاماً. وبناء عليه إذا كان معدل سن عضو الكونغرس المذكور سابقاً يبدو كبيراً، فإن ذلك يرجع إلى بعض التضخم المصطنع في حدود الأعمار المفروضة.
مرشحون صغار السن
التوجهات الطبيعية والمتطلبات الدستورية لا توضح بصورة شاملة أسباب نقص تمثيل أجيال صغيرة في الكونغرس. ويتمثل أحد الأسباب الكبيرة الإضافية في أن المرشحين المحتملين الصغار للكونغرس يواجهون صعوداً صعباً إلى المنصب، ويتعين عليهم تقديم تضحيات أكبر مما يقدمه المرشحون كبار السن.
وعلى سبيل المثال، حتى إذا كانوا مهتمين بالترشح للكونغرس، فإن الأميركيين ممن هم في العشرينات أو الثلاثينات ليس لديهم كثير من الفرص لتأسيس أنفسهم في وظائف آمنة، مثل الأجيال الكبيرة، وهذا يعني وصولاً أقل إلى الشبكات والعلاقات السياسية التي تقول أبحاث العلوم السياسية إنها ضرورية للنجاح في حملات الكونغرس.
والأمر الأكثر أهمية من ذلك هو أن هذا يعني وصولاً أقل إلى الأموال والمانحين المحتملين. وعندما تحدثتُ العام الماضي مع عضو مجلس النواب ماكسويل فروست، وهو ديمقراطي من ولاية فلوريدا، وأول شخص عضو في الكونغرس من «جيل Z» (الأشخاص المولودون في العقد الأخير من القرن الماضي، والعقد الأول من القرن الحالي) أوضح أن نجاحه يعتبر استثناء وليس قاعدة.
وقال فروست: «كان الأمر صعباً حقاً، فالنظام لم يوضع بالنسبة للشبان كي يترشحوا لعضوية الكونغرس أو مجلس النواب». وأضاف: «لأن ذلك يعني عاماً كاملاً من دون راتب، فإذا كنت في الأصل ثرياً، فهذا لا يهم، فأنت تملك مدخرات تكفيك، لهذا فإن الشبان الصغار لا يستطيعون الترشح للكونغرس أو مجلس النواب».
ويواجه المرشحون المحتملون الصغار أيضاً عجزاً في الوقت إضافة إلى المال، وبالمقارنة بالسنوات التالية، فإن سن العشرينات والثلاثينات يحوي عادة المزيد من الأحداث الكبيرة والتغيرات، مثل التغير في العمل، والتنقل الجغرافي في المسكن، وإنشاء عائلة.
ونتيجة لذلك لا تكون للسياسة مكانة مهمة في حياة الشبان، مقارنة بالأجيال من كبار السن الذين يمتلكون المزيد من الوقت، والاستقرار الشخصي والوظيفي والأمن المالي.
العمر له فوائده
ومن ناحية الأخرى، فإن كبار السن الأميركيين الذين يهتمون بترشيح أنفسهم للكونغرس يتمتعون ببضع مزايا انتخابية أساسية.
ويجلب عمر المتقدم معه حياة مهنية أطول، سواء كانت سياسية أو غير سياسية، والتي يفسرها الناخبون غالباً على أنها خبرة مثبتة، أو طول العمر في الوظائف الذي قد يترجم إلى فاعلية كعضو في الكونغرس. وبعبارة أخرى، كان لدى الأجيال الأكبر سناً المزيد من الوقت لإثبات مدى كفاءتهم في أعين الناخبين. وبالمقارنة يبدو المرشحون الأصغر سناً غير ناضجين بما يكفي.
وتثبت العلوم السياسية أيضاً صعوبة التغلب على أعضاء الكونغرس الموجودين أصلاً في مناصبهم. وينتهي الأمر بالمرشحين الأعضاء الموجودين في الكونغرس الذين ينوون إعادة ترشيح أنفسهم في الكونغرس، بفوزهم على الأغلب. ويساعد ما يطلق عليه «الوجود في المنصب» جميع أعضاء الكونغرس على الفوز، وليس التقدم في السن فقط، لكن ذلك يحد من عدد المقاعد الشاغرة التي على الأغلب يمكن أن تجلب الأجيال الأصغر سناً إلى الكونغرس.
هل هناك أي حلول؟
يؤكد فروست وآخرون أهمية التوازن بين الأجيال في الكونغرس في ما يتعلق بالتمثيل وسن القوانين.
وتتمثل الأخبار الطيبة في أن أي تقدم يجري إحرازه في هذا المجال سيؤتي ثماره في المستقبل. وتشير نتائج العلوم السياسية إلى أن رؤية أشخاص «مثلنا» في الكونغرس أو المناصب الأخرى يساعدنا على الشعور بالتمثيل المناسب والنظر إلى مؤسساتنا السياسية على أنها أكثر شرعية. ويشجع نجاح المرشحين الشبان، أقرانهم من السن ذاتها على القيام بالتجربة بأنفسهم، ما يؤدي إلى إطلاق دورة جيدة من التمثيل.
وعلى الرغم من أن بعض العوامل تميل إلى تفضيل المرشحين كبار السن لترشيح أنفسهم للكونغرس، فإنه هناك الكثير من الأشياء التي يمكن القيام بها لتشجيع الشبان على ترشيح أنفسهم للكونغرس. واقترح فروست خلال حوار أجريته معه، السماح للمرشحين بأخذ رواتب أكثر سخاء من أموال حملاتهم لتخفيف العبء عن المرشحين الشبان غير المؤهلين مالياً الذين لا يملكون المال الكافي لنفقاتهم اليومية.
وبالطبع فإن وضع حدود للسن، كما فعلت ولاية داكوتا الشمالية، يمكن أن يساعد على إفساح المجال أمام الأجيال الأصغر سناً كي يرشحوا أنفسهم للكونغرس ومجلس النواب.
• المرشحون الصغار للكونغرس يواجهون صعوداً صعباً إلى المنصب، ويتعين عليهم تقديم تضحيات أكبر مما يقدّمه كبار السن.
• فروست اقترح السماح للمرشحين الشبّان بأخذ رواتب أكثر سخاء من أموال حملاتهم لتخفيف العبء عنهم، لأنهم لا يملكون المال الكافي لنفقاتهم اليومية.
شارلي هانت أستاذ العلوم السياسية في جامعة بويز الحكومية في ولاية أيداهو.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news