هاريس تواجه سخرية ترامب بالضحك 

حدث أمر مضحك في الساعات التي تلت خروج الرئيس جو بايدن من سباق الرئاسة الأميركي ودخول نائبته كامالا هاريس مكانه، تمثل في موجة هائلة وحقيقية من الإثارة لمرشحة فشلت سابقاً في انتخابات سابقة. وفي غضون 48 ساعة بعد أن أصبحت هاريس المرشحة المفترضة للديمقراطيين، وصلت التبرعات لها إلى ما يزيد على 100 مليون دولار، وكان هناك ارتفاع بنسبة 700% في تسجيل الناخبين، وكان الأمر ساحقاً ومثيراً، وهو الشعور بأن هاريس يمكنها الفوز بالفعل.

وأغرب ما في كل هذا كان التغير الذي جرى بسرعة البرق في قبول هاريس من قبل الناخبين، على الرغم من أنه لم يتغير أي شيء ظاهرياً حول هاريس منذ ترشحها الفاشل للرئاسة في عام 2020، وكانت لاتزال عرضة للحظات من الحرج.

خروج بايدن المؤلم

ولم يكن من الواضح تماماً أين تتركز سياساتها، وعلى الرغم من هذا المشهد وأمام الدراما التي أحاطت بخروج بايدن المؤلم، كان هناك شباب هاريس النسبي وطاقتها وتماسكها المطلق الذي جعل المرء يرغب في التصفيق لها من الفرح. ولأسباب جعلت العديد من اليساريين يشككون في هاريس قبل أربع سنوات، تبدو المرأة البالغة من العمر 59 عاماً فجأة وكأنها المرشحة المثالية لمحاربة دونالد ترامب وهزيمته.

وبالتأكيد فقد استوعب فريق المرشح دونالد ترامب هذه المشاعر، وكان التدافع لمواجهتها بمثابة كوميديا خالصة، حيث سارع الكثير من أفراد حملة ترامب للعثور على كلمات سيئة لوصف سيدة سياسية. وفي غضون أيام من صعود هاريس، كان ترامب يصفها بـ«المجنونة» و«الغبية»، وهي الاستجابة التلقائية التي ربما بدأ حتى أنصاره في الخلف يدركونها على أنها خط هجوم عام.

تعثر أنصار ترامب

وفي الوقت نفسه تعثر أنصار ترامب بالأسلوب نفسه، فعندما أشار جون كينيدي عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية لويزيانا إلى هاريس على قناة «فوكس نيوز» هذا الأسبوع بأنها تمثل «نوعاً من الغباء»، كان الكلام محرجاً للغاية لدرجة أنه حتى مذيعة «فوكس» شعرت بأنها ملزمة بالرد على هذا الكلام. وبلاشك ستضيق هذه الهجمات، ولكن في ضوء الأدلة التي ظهرت في الأيام الـ10 الأولى من ترشح هاريس، فإن الآلة الجمهورية تكافح من أجل إيجاد وسيلة عملية للتخلص منها، فقد اضطر الشخص الذي اختاره ترامب نائباً له واسمه جيه دي فانس، وهو رجل كريه إلى الحد الذي جعله يبدو كأنه أفزع حتى أولئك الذين يعتقدون أن ترامب شخص جيد؛ للدفاع هذا الأسبوع عن تصريحات أدلى بها قبل سنوات عدة هاجم فيها هاريس لعدم إنجابها أطفالاً، عندما قال «إنها زوجة أب لطفلين».

وهناك ظروف لايزال هذا النوع من السخرية ينجح فيها، ولكنه لا ينجح هنا، وبدا فانس، البالغ من العمر 39 عاماً، سخيفاً مثل صورة ثلاثية الأبعاد من العصر الفيكتوري على استعداد لإطلاق كلمة «عانس» من أجل تشكيل أغنية ورقصة تتعلق بالأمومة.

ومن بين الأسباب التي تجعل هذه الأساليب غير مجدية، ملف هاريس نفسها، فالطريقة التي يلجأ إليها ترامب عندما يواجه خصماً أنثى هي دائماً في المقام الأول الإذلال الجنسي، وقد فعل ذلك مع الصحافية الأميركية إي. جين كارول عندما قال عنها: «أنت لست ممن يعجبونني».

مقاييس ترامب

ولكن هذه الترهات لا تنجح مع هاريس، فوفقاً لمقاييس ترامب الخاصة، فهي ببساطة أصغر سناً من اللازم، ومهذبة للغاية، ومتفوقة عليه كثيراً في التصنيفات التي يولي لها أهمية كبيرة ويستخدمها عادة لتشويه سمعة النساء. ومن خلال نظام القيم هذا الخاص بترامب، يبدو ترامب نفسه، الذي يكبرها بعقدين من الزمان، أشبه بالرجل الجالس على الأريكة محاولاً القيام بعملٍ ما فتأتي النتيجة عكسية.

وتبدو هاريس كأنها تشبه تلك المرأة التي اعتبرها أسوأ كابوس بالنسبة له، وهي المدعية العامة السابقة لولاية كاليفورنيا، مرتديةً حذاءً بكعب عالٍ، وأنيقة، وجذابة على شاشات التلفزيون، ولديها صورة مؤسسية وسياسات كانت في الغالب وسطية، ولهذا عندما قال ترامب «إنها مجنونة يسارية متطرفة ستدمر بلدنا»؛ كان يبدو سخيفاً.

وعلى الرغم من أن هاريس لم تكن تلك السياسية الواثقة بنفسها جيداً، فإنها تعرف غريزياً كيف تتعامل مع ترامب. وبابتسامة ساخرة أكثر فاعلية من كل محاولات المرشحة الأميركية السابقة هيلاري كلينتون الجادة لمناظرته، تلتقي هاريس بترامب على المستوى الشعبي وتصرح بالأمر الواضح: «هؤلاء الرجال غريبو الأطوار»، وهذا ينجح لأنها حقيقة، ولكن أيضاً لأنها تفعل الشيء الذي يكرهه ترامب قبل كل شيء: إنها تضحك عليه. عن «الغارديان»

• على الرغم من أن هاريس لم تكن تلك السياسية الواثقة بنفسها جيداً فإنها تعرف غريزياً كيف تتعامل مع ترامب.

• أغرب ما في كل هذا كان التغير الذي جرى بسرعة البرق في قبول هاريس من قبل الناخبين، على الرغم من أنه لم يتغير أي شيء ظاهرياً حول هاريس منذ ترشحها الفاشل للرئاسة في عام 2020.

الأكثر مشاركة