الطفرة الاستهلاكية طويلة الأمد في أميركا تتراجع

شغف المستهلك الأميركي بالعلامات التجارية العالمية ينحسر. رويترز

هناك كثير من الأدلة تظهر أن شغف المستهلك الأميركي بسلسلة الوجبات السريعة الأميركية التي تمثل علامات تجارية كبرى، بدأ ينحسر. وكشفت شركة ماكدونالدز، هذا الأسبوع، أن عدداً أقل من رواد المطعم، يزورون نحو 13500 مطعم أميركي. وبشكل عام، انخفضت المبيعات المماثلة للمرة الأولى منذ عام 2020 والعام الأول من الوباء. وقالت شركة هيرشي للأغذية، والمشهورة بإنتاج ألواح الشوكولاتة، يوم الخميس الماضي، إن المستهلكين «يتراجعون عن الإنفاق»، بعد أن كشفت عن انخفاض صافي المبيعات العضوية بمقدار السدس. وألقت شركة كرافت هاينز المنافسة باللوم على «تراجع معنويات المستهلك»، حيث أعلنت عن انخفاض حجم المبيعات في جميع أنحاء أميركا الشمالية. وكشفت سلسلة مقاهي ستاربكس، خلال الربع الثاني، عن انخفاض المبيعات في الولايات المتحدة، مقارنة بالعام السابق.

ويمتد هذا الاتجاه إلى ما هو أبعد من الأغذية والمشروبات، فقد تراجعت أسهم شركة بروكتر آند جامبل هذا الأسبوع، بعد أن أعلنت الشركة التي تقف وراء العلامات التجارية المنزلية مثل فرشاة الأسنان «أورال بي» والمناشف الورقية «باونتي» عن ضعف نمو المبيعات. ويقول المدير المالي لشركة أمازون، بريان أولسافسكي، إن المتسوقين في أميركا الشمالية كانوا يبحثون عن منتجات أرخص، في حين أن إنفاقهم «لم يكن قوياً كما كان في الاقتصاد الطبيعي».

وكانت شركات السلع الاستهلاكية في قلب الموجة التضخمية التي اجتاحت الولايات المتحدة في الأعوام الثلاثة الماضية. فبعد خروجها من الجائحة، واجهت خطوط إمداد متشابكة، وارتفاع أسعار الطاقة، إضافة إلى سوق عمل قوية، شجعت العمال على المطالبة بأجور أعلى. وتحرك معظمها بشكل حاسم لرفع الأسعار، ما أسهم في زيادات تزيد على الربع في محال البقالة والسلع الاستهلاكية وأغذية المطاعم منذ عام 2019، وفقاً للإحصاءات الحكومية. وارتفعت مبيعات الشركات وأرباحها في كثير من الحالات بالتوازي. كما ساعد المستهلكون في الولايات المتحدة في تغذية الموجة. فمع تدفق المدخرات الفائضة، بفضل عمليات الإغلاق ومدفوعات التحفيز الحكومية للوباء، ثم بدعم من سوق العمل القوي، واصلت العديد من الأسر الإنفاق بحرية حتى مع ارتفاع أسعار السلع. وحتى الأسر الأكثر فقراً، والتي عادة ما تكون أولى ضحايا التضخم، تمكنت من مواكبة ارتفاع الأجور بشكل أسرع من معدل التضخم عند مستويات الدخل المنخفضة. والآن يتعثر الاستهلاك. ولهذا التحول آثار مهمة على أكبر اقتصاد في العالم، والذي يعتمد ثلثاه على الإنفاق الاستهلاكي.

يقول ديفيد ويلكوكس، الذي قاد قسم الأبحاث والإحصاءات في بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى عام 2018: «أصبحت العلامات واضحة بشكل متزايد على أن الزخم في الاقتصاد الحقيقي يتباطأ». ولكن أغلب خبراء الاقتصاد يعتقدون أن هذا لن يشكل هبوطاً حاداً للاقتصاد الأميركي. ويشير البعض أيضاً إلى أن المبيعات الأضعف التي تم تحديدها هذا الأسبوع، ترجع جزئياً إلى التطبيع بعد الوباء، حيث يتحول بعض الإنفاق الاستهلاكي مرة أخرى إلى الخدمات بدلاً من السلع. ويقول دين ماكي، من شركة بوينت 72 لإدارة الأصول: «إذا جمعت بين النمو الصحي للدخل ومستويات عالية من الثروة، فمن الصعب للغاية بالنسبة لي أن أرى تراجعاً حاداً في الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي».

عن «الفايننشال تايمز»

تويتر