اتهام تيم والز بـ «دمية الصين» يفتقد الأدلة
إذا دخلت أركان عالم المعلومات المحموم، فقد تسمع أن المرشح لمنصب نائب الرئيس الأميركي تيم والز عبارة عن دمية بيد الصين، إذ إن حاكم ولاية مينيسوتا، الذي اختارته المرشحة الديمقراطية الرئاسية كامالا هاريس ليكون نائبها، لديه بالفعل اهتمام قديم بالصين.
وبعد تخرجه في كلية نبراسكا (حيث تلقّى دروساً في دراسات شرق آسيا، من بين أمور أخرى)، أمضى والز العام الدراسي 1989-1990 في تدريس اللغة الإنجليزية والتاريخ الأميركي في مدينة فوشان بمقاطعة قوانغدونغ الصينية، كجزء من برنامج «ورلد تيتش» التابع لجامعة هارفارد. وقال الشاب البالغ من العمر 26 عاماً في حينه لأحد المراسلين بعد عودته إلى وطنه: إن «الصينيين أناس طيبون وسخيون وقادرون، لقد أعطوني، وأعطوني، وأعطوني. كان الذهاب إلى هناك أحد أفضل الأشياء التي قمت بها في حياتي».
قصة واعدة
وبعد ذلك، أمضى والز وزوجته جوين شهر العسل في الصين، ثم أطلقا شركة «مغامرات السفر التعليمية» التي نظمت رحلات طلابية إلى بكين وشنغهاي وأماكن أخرى في جمهورية الصين الشعبية.
ويرى البعض أن هذه القصة واعدة بالنسبة لرجل سياسي يعرف بالفعل شيئاً عن ثاني أقوى دولة في العالم، ولكن بالنسبة لآخرين، قد تبدو مثيرة للريبة، بل وربما مخيفة تماماً.
وأعلنت قناة فوكس نيوز التلفزيونية، أن والز لديه «شغف غريب» بالصين. وأعلنت صحيفة نيويورك بوست، أن المرشح لمنصب نائب الرئيس «يُحب الصين الشيوعية».
وقال مدير الاستخبارات الوطنية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب ريتشارد جرينيل، على قناة إكس: «لا أحد أكثر تأييداً للصين من الماركسي والز»، ووصف المؤثر المحافظ روغان أوهاندلي، زميل هاريس في الحزب الديمقراطي، والز بأنه «دمية في يد الحزب الشيوعي الصيني».
ما الدليل على ذلك؟
يبدو أن صقور الصين أكثر انزعاجاً من مقطع قصير من مقابلة مطولة أجريت في عام 2016 مع إحدى محطات الأخبار المتعلقة بتجارة المواد الزراعية، حيث كان والز عضواً في الكونغرس، وناقش التشريعات أمام لجنة الزراعة، ثم بعد أكثر من ست دقائق من الحديث، ناقش عمله في اللجنة التنفيذية للكونغرس بشأن الصين، حيث قال للمراسل إنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تكون لها علاقة «عدائية» مع شريكها التجاري الرائد آنذاك. ولكنه يواصل حديثه متحدياً سلوك الصين الذي وصفه بالعدواني المتزايد في بحر الصين الجنوبي.
وفي الحقيقة، فإن والز كان ينتقد الصين علناً، ففي عام 2009، بينما كان لايزال في الكونغرس، شارك في رعاية قرار ينتقد جمهورية الصين الشعبية.
وينظر بعض المنتقدين إلى أن والز، باعتباره حاكم ولاية سمح للصين بالتسلل إلى المؤسسات في ولايته، ويشيرون على وجه التحديد إلى معاهد كونفوشيوس المدعومة من بكين، والتي تدرس اللغة والثقافة الصينيتين لطلاب الجامعات في الولايات المتحدة. ولكن جامعة مينيسوتا أغلقت معهدها بعد تولي والز منصبه، كما أوقفت جامعة سانت كلاود معهدها في انتظار المراجعة.
قضية أوكرانيا
وعلى الرغم من أن الحاكم والز دعا إلى التعامل مع الصين، خصوصاً في ما يتصل بأزمة المناخ والتجارة، فإنه لم يخشَ أيضاً التشكيك في سياستها الخارجية، ففي العام الماضي، قال في مقابلة مع صحيفة يابانية، إنه «خاب أمله في أداء الصين الأخير في ما يتصل بقضية أوكرانيا، لأنها تقف إلى جانب روسيا». ولكن جميع هذه الادعاءات لا تؤيد أن والز دمية بيد الصين.
ويتوقع قلة من الصينيين أنه سيكون لوالز، كنائب للرئيس الأميركي تأثير مهم في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. وقال الخبير الصيني في العلاقات الدولية، جا داوجيونغ في جامعة بكين، لصحيفة واشنطن بوست، إنه في ما يتعلق بالسياسة الأميركية تجاه الصين، هناك «نموذج جاهز وغني بين الحزبين السياسيين في أميركا» ولن يتغير كثيراً بانتخابات واحدة.
وفي الواقع، فإن الضجة السياسية التي أحاطت باختيار المرشحة الديمقراطية هاريس، لوالز كنائب لها تخبرنا بالكثير عن أنفسنا أكثر مما تخبرنا عن المرشح لمنصب نائب الرئيس، ففي الولايات المتحدة الآن نزعة من الخوف والعداء غير المتوازنين تجاه جمهورية الصين الشعبية.
وتمتد هذه النزعة إلى العمق والاتساع إلى الحد الذي يجعل شريحة كبيرة من المعلقين الأميركيين يفقدون صوابهم إزاء ظهور سياسي يحمل ذكريات طيبة عن العيش في الصين وزيارتها في أيام شبابه، وهو سياسي تجرّأ على الدعوة إلى التعامل مع بكين، حتى وهو ينتقد الكثير من سلوكها اليوم. وأما نحن الباقين فعادة ما نستجيب كما لو كان هذا أمراً طبيعياً إلى حد كبير. عن «رسبنسبل ستيتكرافت»
• ينظر بعض المنتقدين إلى والز، باعتباره حاكم ولاية سمح للصين بالتسلل إلى المؤسسات في ولايته، ويشيرون إلى معاهد كونفوشيوس المدعومة من بكين، والتي تدرس اللغة والثقافة الصينيتين.
• والز وزوجته جوين أمضيا شهر العسل في الصين، ثم أطلقا شركة «مغامرات السفر التعليمية» التي نظمت رحلات طلابية إلى بكين.