الاتحاد الأوروبي على أعتاب مرحلة جديدة مع إعلان «أعضاء المفوضية» الجدد
بعد أسابيع من التكهنات، والمفاوضات التي جرت خلف الأبواب المغلقة، قدمت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أخيراً، قائمة المرشحين لمناصب مفوضي الاتحاد الأوروبي. والخطوة التالية الآن في عملية الموافقة، هي جلسات الاستماع التي يعقدها البرلمان الأوروبي للمرشحين. ومن المقرر أن تركز هيئة المفوضين الجديدة جهودها في المقام الأول على الأمن والتنافسية، بدلاً من حماية المناخ، وهذه الهيئة مستمرة في مهامها حتى انتخابات الاتحاد الأوروبي المقبلة في عام 2029.
وقالت فون دير لاين حينما شكلت المفوضية السابقة قبل خمس سنوات: «كانت قضية الاحتباس الحراري في الصدارة على نحو مطلق»، مضيفة أنها لاتزال تتسم بالأهمية على خلفية حرائق الغابات والفيضانات في القارة. وقالت رئيسة المفوضية: إن «مسألة الأمن التي أثارتها الحرب الروسية في أوكرانيا، وأيضاً قضية القدرة التنافسية، لهما تأثير أكبر بكثير» على تنظيم فريقها في قيادة المفوضية هذه المرة. وتنعكس هذه الاستراتيجية في منصب جرى استحداثه، وهو «مفوض الدفاع في الاتحاد الأوروبي»، الذي من المقرر أن يشغله رئيس وزراء ليتوانيا السابق، أندريوس كوبيليوس، الذي تتشارك بلاده حدوداً مع روسيا. وأوضحت فون دير لاين: «سيعمل (مفوض الدفاع) من أجل تطوير (الاتحاد الدفاعي الأوروبي)، وتعزيز استثماراتنا وقدراتنا الصناعية»، في إشارة إلى طموحات الاتحاد الأوروبي، لتوحيد سياسات الدفاع الوطنية.
بحثاً عن التوازن بين الجنسين، وضعت فون دير لاين النساء في العديد من المناصب العليا لفريقها الجديد بالمفوضية، ومن المقرر أن تتولى النساء أربعة من مناصب نائب الرئيس التنفيذي الستة، تيريزا ريبيرا من إسبانيا، وهينا فيركونن من فنلندا، وكايا كالاس من إستونيا، وروكسانا مينزاتو من رومانيا. وسوف يذهب المنصبان الآخران إلى الفرنسي ستيفان سيجورني، والمرشح الإيطالي المثير للجدل رافاييل فيتو.
انتقادات
ولم تفلح فون دير لاين، رغم جهودها، في تحقيق هدفها المتمثل في المساواة أو تحقيق التوازن بين الجنسين في هيئة المفوضين، وأوضحت أن 40% من المفوضين الجدد من النساء، و60% من الرجال. وتقترح المفوضية، وهي هيئة تشريعية يعمل بها نحو 32 ألف موظف، القوانين للاتحاد الأوروبي، وتراقب الامتثال للقانون الحالي للمفوضية. وتقوم هيئة المفوضين - التي تضم عضواً واحداً ممثلاً لكل دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (27 دولة) - بتنسيق عمل المفوضية، التي تمثل الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي.
تعيين فيتو يثير انتقادات، ومن المقرر أن يصبح الشعبوي اليميني الإيطالي رافاييل فيتو- وزير أوروبا في حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني - أحد نواب رئيسة المفوضية، ومفوض التماسك والإصلاحات.
وقالت فون دير لاين إن هذه الحقيبة تشمل سياسة التماسك - التي تهدف إلى دعم المناطق الأقل ثراء ضمن التكتل - والتنمية الإقليمية والمدن. وفي روما، رحبت رئيسة وزراء إيطاليا بترشيح فيتو، وقالت: «أخيراً صارت إيطاليا لاعباً رئيساً في أوروبا من جديد».
ولكن مجموعة «تجديد أوروبا» في البرلمان الأوروبي، عبّرت عن استيائها إزاء ترشيح فيتو. وقالت زعيمة المجموعة، فاليري هاير: «سنقوم بتقييمه استناداً إلى مهاراته والتزاماته المؤيدة لأوروبا، واستقلاله، وسيكون هناك أقصى قدر من اليقظة من ناحيتنا». وأضافت: «يتعين على القوى المؤيدة للاتحاد الأوروبي أن تتحد، «يجب ألا نفسح المجال للشعبويين من اليمين واليسار». وأعلن حزب الخضر أنه «لن يعطي رافاييل فيتو رحلة سهلة»، في المجلس التشريعي للاتحاد الأوروبي. وقالت تيري رينتكه، الرئيسة المشاركة لحزب الخضر: إن «تقديم مرشح ينتمي لحكومة يمينية متطرفة لمنصب نائب رئيسة المفوضية الأوروبية يظل مصدر قلق كبير لمجموعتنا».
ردود فعل
في بلجيكا: من المقرر أن تتولى وزيرة الخارجية البلجيكية السابقة الحاجة لحبيب حقيبة الاستعداد وإدارة الأزمات بالمفوضية الجديدة. وكانت أكثر الانتقادات انتشاراً في بلجيكا هي أن لحبيب لن تستطيع ممارسة نفوذ سياسي كبير بعدما انتظرت بلادها حتى اللحظة الأخيرة لترشيحها.
وقالت سارة ماتيو، النائبة عن حزب الخضر في الاتحاد الأوروبي: «أثقلت المماطلة والمساومات بلجيكا للأسف بحقيبة ضعيفة، حان الوقت لكي يبدأ ساسة بلجيكا تقدير منصب المفوض الأوروبي على نحو أفضل».
وفي جمهورية التشيك: أعرب النواب التشيك في الاتحاد الأوروبي بستراسبورغ عن رضاهم، وفي الوقت نفسه عن خيبة أملهم، إثر إعلان أورسولا فون دير لاين عزمها تكليف المرشح التشيكي جوزيف سيكيلا بقضايا الشراكة الدولية ومساعدات التنمية.
وبينما أشار ساسة المعسكر الحكومي إلى أن هذه هي أقوى حقيبة يتولاها مفوض تشيكي على الإطلاق، أشار كثيرون من صفوف المعارضة، وخارجها، إلى أن الحقائب الأقوى - مثل الطاقة أو التجارة - قوبلت بالرفض.
وفي البرتغال: من المقرر أن تتولى ماريا لويس ألبوكيرك منصب مفوضة الخدمات المالية واتحاد الادخار والاستثمار. وذكر رئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيغرو في بيان: «هذا أمر رئيس من أجل التقدم، واستدامة المشروع الاجتماعي والاقتصادي لأوروبا، وأيضاً لقدرة الاتحاد على تلبية توقعات واحتياجات ومصالح المواطنين الأوروبيين والبرتغاليين».
وفي سلوفينيا: قال رئيس الوزراء السلوفيني روبرت غولوب عن الحقيبة التي سيعهد بها إلى مارتا كوس: «تم تكليف مارتا كوس بمفتاح ضمان الاستقرار والسلام في جوارنا المباشر، وخارجه». ورحبت وزيرة الخارجية تانيا فاجون أيضاً بالقرار.
وفي إسبانيا: أبدت الحكومة الإسبانية رد فعل حماسياً على ترشيح تيريزا ريبيرا لمنصب نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، من أجل انتقال نظيف وعادل وتنافسي. وقالت مصادر الحكومة لوكالة الأنباء الإسبانية (إفي): «يا له من نجاح كبير لإسبانيا، إنها أهم حقيبة يشغلها إسباني في المفوضية الأوروبية على الإطلاق».
وفي السويد: جاء نبأ أن السويدية جيسيكا روسوال ستصبح مفوضة البيئة ومرونة المياه والاقتصاد الدائري بمثابة المفاجأة، حيث كانت الحكومة اليمينية في السويد دفعت باتجاه توليها دوراً يتعلق بالإنتاجية أو القدرة التنافسية.
وتتساءل أحزاب المعارضة، من الخضر واليسار، الآن عن كيفية تصرف روسوال إزاء دعم مبادرات مثل قانون استعادة الطبيعة الذي سعت الحكومة السويدية بشدة لتعطيله.
• رئيسة المفوضية أكدت أن «مسألة الأمن التي أثارتها الحرب الروسية في أوكرانيا، وأيضاً قضية القدرة التنافسية، لهما تأثير أكبر بكثير» على تنظيم فريقها في قيادة المفوضية هذه المرة.