قلق أميركي من عودة ترامب إلى البيت الأبيض
في واحدة من المناظرات الرئاسية في الانتخابات الأميركية التي لا تُنسى، قالت المرشحة، كمالا هاريس، لمنافسها دونالد ترامب، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «سيأكلك على الغداء»، وهو تعبير مجازي عن مدى ضعف ترامب، وكانت تقصد من ذلك أن بوتين سيكون سعيداً إذا شاهد ترامب يعود إلى البيت الأبيض، وهو أمر لن يفاجئ أحداً.
وبات من المعروف أن ترامب لديه ميول نحو القادة الديكتاتوريين. ولطالما أعلن عن إعجابه بالرئيس بوتين. وفي عام 2015، أشار إلى بوتين بأنه سيد الكرملين «القوي»، وتجنب الإجابة عن سؤال يتعلق بمعاملة الكرملين المعارضة السياسية في روسيا، أو الحرب في أوكرانيا.
وبالنسبة لترامب الذي يدعي أنه ليس هناك من «هو أكثر صلابة من روسيا»، فإنه يجد من الصعوبة إدانة أي عمل سيئ يصدر عن الكرملين. وعند اندلاع الحرب في أوكرانيا لم يعلن ترامب إدانته للكرملين، وإنما اعتبر إعلان الكرملين أجزاء من أوكرانيا مناطق مستقلة، هو أمر رائع.
ترامب ليس صديقاً لكييف
ومع تحوّل حرب أوكرانيا إلى أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، كان بوتين يدرك أن ترامب ليس صديقاً لكييف. وخلال السنوات الأربع من وجود ترامب في البيت الأبيض، لم يتدخل في الموضوع الأوكراني سوى مرة واحدة عام 2019، عندما حاول ابتزاز الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن طريق اتهامه بالتدخل في الشؤون السياسية الداخلية للبيت الأبيض.
ولكونه يشك في إمكانية مواصلة الولايات المتحدة دعم أوكرانيا، تجنب ترامب الرد مرتين خلال المناظرة السابقة على سؤال عما إذا كان يريد أن تفوز أوكرانيا في الحرب. وكرر ادعاءه الغامض بأنه سيعمل على إنهاء الحرب خلال يوم واحد، على الرغم من عدم اهتمام الكرملين بأي مفاوضات مع أوكرانيا.
ويمكن إضافة ذلك إلى تهديدات ترامب لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويعتقد المستشار الثالث للأمن القومي لدى ترامب أنه سيسحب الولايات المتحدة من الحلف.
ترامب يتلقف الطعم بسهولة
خلال التحضير للمناظرة الرئاسية، قال المستشارون السياسيون لهاريس، إنهم يريدون منها أن تزعج الرئيس السابق ترامب. وقدمت نائبة الرئيس درساً بارعاً في رمي الطعم لترامب الذي كان يقفز كل مرة ويتلقفه بسرعة، والحقيقة أن ترامب الذي يمكن التلاعب به بسهولة، ستكون عودته إلى البيت الأبيض أمراً مثيراً للقلق للولايات المتحدة برمتها.
وأمضى بوتين سنوات عدة في العمل ضابط مخابرات في جهاز المخابرات الشهير «كي جي بي» خلال فترة الاتحاد السوفييتي، حيث كانت أكثر المهارات التي أتقنها أهمية، هي القدرة على التلاعب بالأشخاص من خلال المداهنة والوسائل الأخرى. وقد أثر الرئيس الروسي بوتين في نظيره الأميركي ترامب خلال لقائهما خلف الكواليس في قمة هلسنكي عام 2018. وخلال المؤتمر الصحافي الذي تلا اللقاء، أيد ترامب بوتين بشأن استنتاجات مجتمع الاستخبارات الأميركي، وهو الأمر الذي وصفته مجلة «الإيكونوميست» البريطانية بأنه «إهانة لترامب في هلسنكي».
رسائل كيم العظيمة
وفي حقيقة الأمر لا يتعلق الموضوع بالرئيس الروسي فقط، إذ إن ترامب يتحدث بحماسة عن «الرسائل الجميلة» مع ديكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الذي ادعى ترامب أنه أقام معه «علاقة عظيمة»، وقد تلاعب كيم أيضاً بترامب. وعلى الرغم من عقد ثلاثة اجتماعات (كانت بمثابة هدايا للزعيم الكوري الشمالي المنبوذ عموماً)، وتبادل العديد من الرسائل، زادت كوريا الشمالية ترسانتها النووية، واستمرت في تطوير القدرة على ضرب أميركا بالصواريخ الباليستية بعيدة المدى، خلال فترة وجود الرئيس السابق في منصبه.
وأظهر الرئيس السابق ترامب مدى سهولة التلاعب به، وهذا يؤكد ما يعرفه خصوم الولايات المتحدة، أمثال الرئيس بوتين وكيم جونغ أون، الآن، وهما يأملان عودته إلى الرئاسة كي يتمكنا من التلاعب به مرة أخرى. عن «ناشيونال إنترست»
• خلال السنوات الأربع من وجود ترامب في البيت الأبيض لم يتدخل في الموضوع الأوكراني سوى مرة واحدة عام 2019، عندما حاول ابتزاز الرئيس زيلينسكي عن طريق اتهامه بالتدخل في الشؤون السياسية الداخلية للبيت الأبيض.
• بوتين أمضى سنوات عدة في العمل ضابط مخابرات في جهاز المخابرات الشهير «كي جي بي»، حيث كانت أكثر المهارات التي أتقنها أهمية هي القدرة على التلاعب بالأشخاص من خلال المداهنة.