مستقبل العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية «لا يبدو واعداً»
أعلن رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، أخيراً، أن «معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة» التي تم توقيعها حديثاً بين روسيا وكوريا الشمالية، وتمت صياغتها في يونيو، ترفع علاقة البلدين إلى «مستوى جديد وأعلى من التحالف».
وتنص المعاهدة، لاسيما في المادة الرابعة منها، على أنه «في حالة وضع أي من الجانبين في حالة حرب بسبب غزو مسلح من دولة فردية أو دول عدة، يجب على الجانب الآخر تقديم المساعدة العسكرية وغيرها، بكل الوسائل المتاحة لديه دون تأخير».
ويمثل هذا البند «تهديداً كبيراً» له آثار عميقة على استراتيجية الحرب الروسية في أوكرانيا، والنظام الإقليمي في أوروبا وشرق آسيا. ومع ذلك، هناك عوامل أساسية يجب مراعاتها في ما يتعلق بالتأثير طويل الأمد لهذا التحالف.
تغييرات
تاريخياً، تقلبت العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية بشكل كبير اعتماداً على المشهد الدولي، كما رأينا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. والمعاهدة الجديدة تحل محل «معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون» لعام 2000 التي لم تتضمن بند الدعم العسكري.
وكما عكست معاهدة عام 2000 العلاقة بين روسيا وكوريا الشمالية بعد الحرب الباردة، فإن المعاهدة الحالية تشير إلى ديناميكية جديدة أحدثها الصراع الدائر في أوكرانيا.
لقد خضعت العلاقات بين موسكو وبيونغ يانغ لتغييرات كبيرة على مدى العقود الثلاثة الماضية، فمنذ أوائل التسعينات كانت روسيا غير مبالية نسبياً بالقضايا المتعلقة بشبه الجزيرة الكورية. وفي ما يتصل بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية، غالباً ما تصرفت روسيا كقوة تمتلك حق النقض أكثر من كونها وسيطاً نشطاً.
تحالف
وفي حين زادت حرب أوكرانيا أهمية كوريا الشمالية بالنسبة لروسيا، فإنه لايزال من غير الواضح ما إذا كان هذا التقارب سيستمر بعد الحرب.
وبهذا المعنى، يبدو أن كوريا الشمالية تستخدم المعاهدة لإضفاء طابع رسمي على علاقتها مع روسيا، والحد من عدم اليقين بشأن التزامها.
ولكي يستمر هذا التحالف الأمني الجديد بعد حرب أوكرانيا، فإن درجة أعلى من المؤسسية ستكون ضرورية، لكن لا يوجد إطار قائم للتحالف بين روسيا وكوريا الشمالية يمكن مقارنته باتفاقات أمنية أخرى راسخة، مثل حلف شمال الأطلسي، أو التحالفات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.
الطابع المؤسسي
وتتخذ المعاهدة الجديدة خطوات نحو إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقة الأمنية الثنائية. جدير بالذكر أن المواد من التاسعة إلى 21 في المعاهدة، تغطي التعاون عبر مختلف القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع والتكنولوجيا والقانون، ما يعكس الجهود المبذولة لضمان جدوى المعاهدة واستدامتها.
من ناحية أخرى، قد لا يكون مستقبل العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية واعداً كما يبدو حالياً، نظراً للديناميكيات المتطورة بين الصين وكوريا الشمالية.
وقد أبرزت القمم الخمس التي عقدها كيم مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، في عامي 2018 و2019، تحسناً في العلاقات بين الصين وكوريا الشمالية، في أعقاب اجتماعات كيم مع الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.
فاعلية غير مؤكدة
قبل عام 2018، لم يلتق الرئيس الصيني بكيم، وكانت العلاقات بين الصين وكوريا الشمالية متوترة بعد التجربة النووية الثالثة لكوريا الشمالية في عام 2013، خصوصاً بسبب قرار الصين بعدم استخدام حق النقض ضد عقوبات الأمم المتحدة بحق بيونغ يانغ.
وتُظهر التقارير الأخيرة عن التوترات بين الصين وكوريا الشمالية عدم استقرار دبلوماسية بيونغ يانغ، ما يثير التساؤل حول ما إذا كانت هذه المعاهدة الجديدة مع روسيا، قد صيغت دون مراعاة حرب أوكرانيا.
وإضافة إلى ذلك، تظل فاعلية المعاهدة على المدى الطويل غير مؤكدة، خصوصاً بالنظر إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (72 عاماً)، لا يمكنه البقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى. ودون سياق حرب أوكرانيا، يبدو الأساس الهيكلي للعلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية هشاً.
ويبدو أن كيم يستخدم التحالف الروسي كوسيلة ضغط لجذب الصين إلى تحالف أوسع نطاقاً، ومناهض للولايات المتحدة في شبه الجزيرة الكورية.
وقد أكد كيم مراراً إنشاء نظام جديد لما بعد الحرب الباردة ونظام متعدد الأقطاب، بهدف إنشاء كتلة أمنية تتكون من روسيا والصين وكوريا الشمالية، لمواجهة التعاون بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.
وتدعم المادة السادسة من المعاهدة الجديدة بين روسيا وكوريا الشمالية - التي تدعو إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب - هذه الرؤية.
ويبدو أن كيم ينظر إلى المعاهدة باعتبارها جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد لإشراك الصين في إعادة تشكيل العلاقات الدولية، في ما يتعلق بشبه الجزيرة الكورية. وفي حين أن بند المساعدة العسكرية في المادة الرابعة أمر بالغ الأهمية، فمن الضروري أيضاً النظر في التحولات الأوسع في النظام العالمي، والتحديات البنيوية داخل العلاقة بين روسيا وكوريا الشمالية، عند تقييم الآثار الكاملة للمعاهدة.
فجوة في التعبئة
وفي سياق متصل، كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال في وقت سابق، إن جيشاً من 10 آلاف كوري شمالي يستعد للانضمام إلى القوات الروسية في أوكرانيا، محذراً من أن تورّط بيونغ يانغ في الصراع سيكون «الخطوة الأولى نحو حرب عالمية».
جاء ذلك خلال حديثه في بروكسل قبل اجتماع مع وزراء دفاع «الناتو»، موضحاً أن القوات تتكون من «وحدات برية وتكتيكية».
وأضاف أن بعض الضباط الكوريين الشماليين وصلوا بالفعل إلى أجزاء من أوكرانيا، مبيناً أنه «بسبب الفجوة في التعبئة، والخسائر الروسية، والخشية من عدم قدرة روسيا على التعبئة، يحاول بوتين إشراك مقاتلين أجانب في هذه الحرب». عن «ناشيونال إنترست» الأميركية
الأمن الحقيقي لأوكرانيا
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال حديثه في بروكسل قبل اجتماع مع وزراء دفاع «الناتو»، إنه أخبر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الشهر الماضي، بأن العضوية في الحلف الأطلسي (الناتو) أو امتلاك الأسلحة النووية فقط، هو الذي يمكن أن يوفر لأوكرانيا الأمن الحقيقي.
وأضاف أنه قال لترامب في نيويورك: «إما أن تمتلك أوكرانيا أسلحة نووية (وعندها ستكون هذه حمايتنا)، أو يجب أن يكون لدينا نوع من التحالف، واليوم إذا استثنينا (الناتو) لا توجد تحالفات فعالة»، فرد عليه ترامب قائلاً: «لديك حجج عادلة».
ومن غير الواضح ما إذا كان زيلينسكي يعني أن أوكرانيا يمكن أن تبدأ في تطوير أسلحتها النووية.
وكانت أوكرانيا تمتلك ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لكنها تخلت عن رؤوسها النووية عام 1994، مقابل ضمانات أمنية من بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا. ولا يُعتقد الآن أن كييف تمتلك مرافق تخصيب اليورانيوم أو إنتاج البلوتونيوم التي ستكون ضرورية لإنشاء قنبلة نووية.
• المعاهدة الجديدة بين موسكو وبيونغ يانغ تتخذ خطوات نحو إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقة الأمنية الثنائية.
• كيم يستخدم التحالف الروسي كوسيلة ضغط لجذب الصين إلى تحالف أوسع نطاقاً ومناهض لأميركا.