لم يكن «مليارديراً عصامياً».. وإسهام والده بلغ نصف مليار دولار
كتاب جديد.. مسيرة ترامب التجارية لم تكن «ناجحة»
يتحدث كتاب «لكي لوزر» وترجمته إلى العربية «الفاشل المحظوظ» عن قصة مسيرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التجارية التي لم تكن ناجحة، وكيف تمكّن من تصويرها على أنها «نجاح».
ألّف هذا الكتاب صحافيان متخصصان في الصحافة الاستقصائية في صحيفة «نيويورك تايمز»، هما روس بيترنر، وسوزان كريغ. وكلاهما فاز بجائزة «بوليتزر» للصحافة عن تحليلاتهما السابقة عن ترامب. وقد رفع ترامب دعوى قضائية ضدهما، كانت نتيجتها الخسارة.
لا يعتبر روس بيترنر، وسوزان كريغ، الوحيدين اللذين قاما باستكشاف خدعة إمبراطورية ترامب التجارية، فقد جاءت رواية من داخل الأسرة، من ابنة أخت ترامب نفسه، عالمة النفس، ماري ترامب التي كشفت أن منشأ ثروة دونالد هو والده، فريد.
حظوظ ترامب
لكن كتاب «لكي لوزر» المؤلف من 500 صفحة، منها 40 صفحة من الملاحظات حول المصادر، هو الأكثر شمولاً، فهو مفصّل ومكتوب بوضوح، وتمت مراجعته جيداً في الصحافة المالية من قِبل المؤرخ الاقتصادي الأميركي براد دي لونغ.
ويهدف المؤلفان إلى الاستعانة بالبيانات المالية والمقابلات لتصحيح «الهجوم الفوضوي من التضليل الذي يشنه دونالد ترامب».
ويكمن جزء كبير من «أسطورة» ترامب في مسألة أنه ملياردير عصامي. ففي المناظرة الرئاسية التي جرت مع المرشحة الديمقراطية السابقة، هيلاري كلينتون، سعى ترامب إلى التقليل من أهمية إسهام والده، قائلاً: «لقد أعطاني والدي قرضاً صغيراً للغاية».
ويكشف الكتاب أن قيمة إسهام والده بالعملة الحالية كانت نحو نصف مليار دولار أميركي.
وتمثل حظ ترامب الأول في أنه ولد ابناً لمطور العقارات السكنية المجتهد والحذر والكفؤ، فريد ترامب، وهو ابن مهاجر ألماني، فيما كان حظه الثاني أن الابن الأكبر لـ«فريد ترامب» لم يكن لديه الدافع الصلب ليصبح خليفة لوالده، فضلاً عن أن الأب لم يعتبر بناته «خليفات محتملات»، لذا وعلى الرغم من بعض السمات التي كانت تناقض شخصية والده، فقد أصبح دونالد وريثه.
يستعرض الكتاب بعض التفاصيل في مسيرة فريد ترامب، إذ تدور الصفحات الـ100 الأولى حوله في الغالب. وبمجرد أن تراجع الأب، بدأ دونالد ترامب بتنويع شركة والده لتشكيل ما أطلق عليه المؤلفان «تكتلاً انتقائياً غير مقيد بأي كفاءة أساسية».
ثمة جزء آخر من الحظ، وهو اختياره ليصبح نجماً في المسلسل التلفزيوني الذي يحمل عنوان «المتدرب»، والذي جمع كثيراً من الأموال من خلاله، بما فيها صفقات الترخيص، مقابل الوقت الضئيل الذي كان يمضيه في هذا المسلسل.
وكان منتجو هذا المسلسل مسؤولين عن كثير من الأمور، حيث أرادوا تقديم نجمهم باعتباره رجل الأعمال الماهر الذي لم يكونوا يعرفون حقيقة فشله. وكما قالوا، لم يكن هذا المسلسل «فيلماً وثائقياً»، لكنه رفع مكانة دونالد ترامب بشكل هائل ومضلل.
أرباح تلتها خسائر
يصف المؤلفان في كتابهما كيف أن بعض مشروعات ترامب مثل تطوير «برج ترامب»، سار على نحو جيد في الوقت الذي كانت فيه أسعار العقارات في مانهاتن مزدهرة. كما أنه تكسّب من بعض «الابتزاز الأخضر»، والمقصود به شراء الأسهم في إحدى الشركات بنية معلنة أو ضمنية للاستحواذ عليها، ثم بيع الأسهم بسعر أعلى، لكن ترامب استغل كثيراً من الأرباح لنجاحه البسيط، من أجل تغطية الخسائر في مجموعة مشروعات أخرى.
وكان من بين إخفاقاته البارزة «جامعة ترامب» التي دفع فيها 37 مليون دولار لتسوية دعاوى قضائية بتهمة الاحتيال، كما لم تحقق العديد من المشروعات العقارية الأخرى - مثل «ملاعب الغولف الأسكتلندية»، و«مياه ترامب» المعبأة في زجاجات، و«رهن ترامب» العقاري - أي أرباح.
وفي وقت كان فيه ترامب يكافح من أجل بقاء ذلك طي الكتمان، اتضح من الإقرارات الضريبية وجود سلسلة من الخسائر الضخمة، إلا أن ثمة معضلة لم يتم تناولها في الكتاب، وهي سبب استعداد العديد من المصرفيين لإقراضه.
ويركز الكتاب على مسيرة ترامب قبل انتخابات عام 2016، عندما حوّل النظام الانتخابي الذي تشوبه النواقص في الولايات المتحدة، من خسارته نحو ثلاثة ملايين صوت في التصويت الشعبي، إلى فوز في «المجمع الانتخابي».
وعندما أصبح ترامب رئيساً، تجاهل تضارب المصالح. وكما لاحظ الكاتبان كانت الأطراف التي تنوي التأثير في الرئيس، تدفع له المال عن طريق حجز كثير من الغرف في فندقه.
أداء ضعيف
وبعد أن صوّت نحو 81 مليون أميركي لاستبعاده، بات أداء أعمال ترامب ضعيفاً. وقدرت مجلة «فوربس» ثروة ترامب بـ5.7 مليارات دولار (أي أقل مما كانت عليه قبل نحو عقد من الزمن). ويأتي نصف هذا المبلغ تقريباً، مع حصته ذات الأغلبية في شركة «تروث سوشيال» التي يتم الترويج لها بوصفها بديلاً يمينياً لـ«إكس» حالياً. ويمكن القول الآن إنها منتدى أكثر يمينية من «إكس»، ولديها الآن عائدات ضئيلة ومتراجعة وتتكبد خسائر كبيرة، وإذا خسر ترامب الانتخابات فمن المحتمل أن تقترب قيمتها من الصفر.
وخلص بيترنر وكريغ إلى أن ترامب سيكون في وضع أفضل، لو راهن على سوق الأسهم، بدلاً من الاعتماد على نفسه والخوض في الأعمال. وتوصل التحليل الذي استشهدت به مجلة «إيكونوميست» في عام 2018 إلى أنه إذا وضع ترامب الأموال التي حصل عليها من والده في محفظة مؤشر سوق الأسهم حينئذ، فسيحصل على 2.9 مليار دولار في عام 2018.
ونظراً للارتفاعات اللاحقة في سوق الأسهم الأميركية، فإن ثروته كانت ستنمو إلى نحو 5.9 مليارات دولار بحلول الآن، وهو ما يزيد عن معظم التقديرات لثروته.
كما توصلت «فوربس» إلى استنتاج مشابه، وكذلك المعلق السياسي الأميركي البروفيسور روبرت ريتش.
إلا أنه يبدو أن هذا الرجل الذي وصف نفسه بأنه «عبقري» في مجال الأعمال، دمر الأعمال بدلاً من أن يصنعها. عن صحيفة «ذي كونفرزيشن» البريطانية
الأسوأ في الإدارة الاقتصادية
ينعكس السجل التجاري السيئ في أعمال ترامب، على الأداء الاقتصادي له كرئيس، فقد ورث أكبر اقتصاد في العالم من الرئيس السابق باراك أوباما. وبحلول نهاية ولايته، كان الاقتصاد أصغر بنسبة 10% من اقتصاد الصين.
ويصنّف المؤرخون ترامب واحداً من أسوأ الرؤساء أداء في الإدارة الاقتصادية، كما أن الأميركيين منحوه أدنى معدلات القبول خلال فترة رئاسته.
وبالفعل كان ترامب «المحظوظ الفاشل»، لكن إذا عاد هذا الرجل مرة أخرى إلى منصب الرئاسة الأميركية، فسيكون العالم برمته «محظوظاً خاسراً».
• تمثل حظ ترامب الأول في أنه ولد ابناً لمطور العقارات السكنية فريد ترامب.
• 5.7 مليارات دولار ثروة دونالد ترامب وفقاً لمجلة «فوربس».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news