مصير ترامب يتحدد خلال أيام.. البيت الأبيض أو السجن
عندما يصدر الناخبون الأميركيون حكمهم الأسبوع الجاري (الخامس من نوفمبر)، فإن المخاطر الشخصية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب ستكون عالية لدرجة كبيرة. وسيتأرجح مصيره بين دخول البيت الأبيض أو دخول السجن. وإذا انتصر فسيكون ترامب أول مرشح مدان يفوز بالانتخابات الرئاسية، وإذا فشل فسيواجه هذا المرشح البالغ 78 عاماً، محاكمات أكثر إذلالاً في قاعات المحاكم، وربما ينتهي به المطاف خلف القضبان. وستكون هذه نهاية سياسي تمكّن بطريقة ما دائماً، من الفرار من القانون والتهرب من المساءلة. وبالنسبة لترامب، فإن يوم الثلاثاء، هو يوم الحساب.
وقالت كاتبة سيرة ترامب، جويندا بلير: «لقد وصف نفسه بأنه الرجل الذي يفلت من العقاب»، مضيفة أنه «إذا خسر فسيواجه الكثير من لحظات الحساب. قد يذهب إلى السجن، وقد ينتهي به الأمر إلى أن يكون أقل ثراء بكثير مما هو عليه الآن».
وتابعت: «بغض النظر عما يحدث، وسواء فاز أو خسر، فسيكون هناك حساب على صحته. الموت، وسوء الصحة و(الخرف)، هذه أشياء لا يستطيع الهروب منها».
دعاوى قضائية
وأمضى مطور العقارات ونجم تلفزيون الواقع، حياته المهنية في دفع الحدود الأخلاقية والقانونية إلى أقصى حد، حيث واجه تحقيقات لا حصر لها، ومعارك قضائية وغرامات باهظة. وكانت حياته ملأى بالفضائح على نطاق هائل، وتستحق أن تصبح رواية.
وفي السبعينات، رفعت وزارة العدل دعوى قضائية ضد ترامب ووالده بتهمة التمييز العنصري بعد رفضهما تأجير شقق للسود في مبانٍ معظم سكانها من البيض، كما تقدمت أعماله العقارية وكازينوهاته، بما في ذلك تاج محل، وترامب بلازا، بطلب إشهار إفلاس مرات عدة في التسعينات وأوائل العقد الأول من القرن الـ21.
وواجهت «جامعة ترامب»، وهي شركة تقدّم دورات تدريبية في مجال العقارات، دعاوى قضائية متعددة بتهمة الاحتيال والتسويق المضلل، والادعاءات الكاذبة حول جودة برامجها. وفي عام 2016، توصل ترامب إلى تسوية بقيمة 25 مليون دولار دون الاعتراف بارتكاب مخالفات.
وخضعت مؤسسة «دونالد جيه ترامب» الخيرية للتحقيق والمقاضاة بتهمة استخدام الأموال الخيرية في نفقات شخصية وتجارية. ووافق ترامب في النهاية على حل المؤسسة مع تخصيص الأموال المتبقية للأعمال الخيرية. وأمرت محكمة في نيويورك ترامب وشركته بدفع أكثر من 350 مليون دولار في محاكمة احتيال مدنية، بتهمة تضخيم صافي ثروته بشكل مصطنع لتأمين شروط قرض. ومن المعروف أيضاً أنه دفع القليل من ضرائب الدخل الفيدرالية أو لم يدفعها على الإطلاق في سنوات محددة، والتي على الرغم من أنها قانونية من الناحية الفنية، فقد اعتبر البعض أنها تقترب من وصفها بغير الأخلاقية.
لكن ترامب أصبح من الشخصيات الثابتة في الصحف الشعبية في نيويورك، واستضاف برنامج «ذا ابرينتيس» أو ما يسمى تلفزيون الواقع. وقالت جويندا بلير: «كان إدراكه المبكر هو أنه إذا اشتهرت وإذا أصبحت كبيراً، فسيبتعد الخصوم عن طريقي. لقد أمضى الجزء الأول من حياته المهنية مطور عقارات، ما جعله يبدو وكأنه تجسيد للنجاح الهائل على مستوى الأعمال، على الرغم من أن العديد من الأشياء التي قام بها لم تكن ناجحة في الواقع، وكان والده يهبّ لإنقاذه في كل مرة».
وأضافت بلير: «لكنه ركب قطار الشهرة الذي صنعه لنفسه عبر عدد كبير من العقبات حتى وصل إلى برنامج برنامج (ذا ابرينتيس) الذي جعله بشكل دائم صورة للملياردير الذي لا يمكن زعزعته، والذي لا يزال في القمة، والناس في رهبة من ذلك. كل هذا يمكن وصفه بالعلامة التجارية».
لم تعد الحياة الخاصة لترامب أكثر رفاهية، فقد ورد أنه خان زوجاته الثلاث. وتقدمت أكثر من 20 امرأة، باتهامات بسوء السلوك الجنسي ضده، وأحدثهنّ عارضة الأزياء السابقة، ستايسي ويليامز التي قالت لصحيفة «الغارديان»، إن ترامب تحسسها في عام 1993. وفي العام الماضي، وجدت هيئة محلفين أن ترامب مسؤول عن الاعتداء الجنسي على الكاتبة الصحافية إي جين كارول في عام 1996، ومنحتها تعويضاً بقيمة خمسة ملايين دولار.
إدانات
لم تكن رئاسة ترامب وما أعقبها أقل خطورة من الناحية الأخلاقية. فقد قدّم أكثر من 30 ألف ادعاء كاذب أو مضلل على مدى أربع سنوات، وفقاً لإحصاء أجرته صحيفة «واشنطن بوست»، بدءاً من حجم الحشد في حفل تنصيبه وحتى نتيجة انتخابات عام 2020.
لقد أصبح ترامب أول رئيس نظرت المحاكم في عزله مرتين، أولاً بسبب حجب المساعدات العسكرية للضغط على حكومة أوكرانيا للتحقيق مع خصومه السياسيين، ثم بسبب التحريض على الانقلاب في السادس من يناير 2021 بعد هزيمته. كما أصبح موضوعاً، ليس لقضية واحدة، بل لأربع قضايا جنائية، أي واحدة منها كانت كافية لإحباط فرص أي مرشح آخر للبيت الأبيض.
وفي مايو أُدين ترامب بـ34 تهمة تتعلق بتزوير سجلات تجارية ودفع أموال مقابل صمت ممثلة الأفلام الإباحية، ستورمي دانييلز، عما فعله معها، ما جعله أول رئيس سابق يُدان بارتكاب جرائم جنائية. ومن المقرر النطق بالحكم في 26 نوفمبر (أرجأ القاضي الحكم من 18 سبتمبر، بعد أن طلب المرشح الجمهوري، الانتظار حتى بعد الانتخابات).
والواقع أن ما كان يعد محاكمة القرن قد بدأ بالفعل في التلاشي من الوعي العام ولعب دوراً متواضعاً نسبياً في الحملة الانتخابية. ويتذكر كاتب سيرة ترامب، جوناثان ألتر، الذي حضر جميع جلسات المحاكمة: «لقد غطيت بعض القصص الكبرى على مر السنين، لكن لم يكن هناك شيء مثل الدراما المتمثلة في مشاهدة رئيس هيئة المحلفين يقول: (مذنب مذنب مذنب) 34 مرة، ويبدو دونالد ترامب وكأنه تعرّض للضرب في البطن».
ويتأمل ألتر - الذي يصف التجربة في كتابه الجديد «الحساب الأميركي» - كيف تمكّن ترامب من الإفلات من العقاب لفترة طويلة. وقال: «إنه مزيج من الحظ والتحدي وسذاجة جزء كبير من الشعب الأميركي».
وأضاف ألتر الذي غطى المحاكمة لمجلة «واشنطن مونثلي»: «لقد كان لدينا كثير من (الديماغوجيين) والمحتالين والمخادعين في السياسة دون مستوى الرئيس، لقد كان ترامب محظوظاً لأنه أفلت من المساءلة، لكن الولايات المتحدة كانت محظوظة لأننا لم نواجه شيئاً كهذا من قبل، وكان المؤسسون قلقين للغاية بشأن هذا الأمر، لقد شعروا بأننا سنواجه شيئاً كهذا بالتأكيد».
كان نظام الضوابط والتوازنات في الولايات المتحدة يتسابق لمواكبة التطورات. فقد اتهم المستشار الخاص جاك سميث، ترامب بالتآمر لقلب نتائج خسارته في الانتخابات أمام المرشح آنذاك، جو بايدن في الفترة التي سبقت أعمال الشغب في السادس من يناير في مبنى (الكابيتول) الأميركي. كما اتهم المدعي العام لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، الرئيس السابق و18 آخرين بالمشاركة في مخطط لقلب خسارته الضيقة في جورجيا.
ووجّه سميث لترامب تهمة الاحتفاظ بشكل غير قانوني بوثائق سرية تضمنت أسراراً نووية، أخذها معه من البيت الأبيض إلى منتجعه «مار إيه لاغو» في فلوريدا، بعد مغادرته منصبه في يناير 2021، ثم عرقلة مطالب الحكومة بإعادتها. عن «الغارديان»
• ترامب أمضى حياته في دفع الحدود الأخلاقية والقانونية إلى أقصى حد، وواجه تحقيقات لا حصر لها، ومعارك قضائية وغرامات باهظة.
• لم تكن رئاسة ترامب وما أعقبها أقل خطورة من الناحية الأخلاقية، فقد قدّم أكثر من 30 ألف ادعاء كاذب أو مضلل على مدى أربع سنوات، وفقاً لإحصاء أجرته صحيفة واشنطن بوست.