باراغواي مرشحة لتكون «وادي سيليكون» أميركا الجنوبية

كانت باراغواي تاريخياً أقل شهرة من جارتيها الأكبر والأكثر شهرة، وهما الأرجنتين والبرازيل، ولكن كل هذا على وشك أن يتغير في الدولة الكبيرة نسبياً في أميركا الجنوبية، وهذا البلد غير الساحلي الذي يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة، والذي غالباً ما يتم الخلط بينه وبين أوروغواي التي تشبهه في الاسم، على وشك أن يصبح «وادي السيليكون» أميركا الجنوبية.

وباعتبارها أكبر مصدّر للطاقة النظيفة في العالم (99.9% من توليد الكهرباء لديها خالٍ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون)، وجدت باراغواي نفسها في وضع مثالي، حيث يواصل عالم التكنولوجيا البحث عن مصادر الطاقة الوفيرة والرخيصة والنظيفة اللازمة لتشغيل متطلبات المعالجة الهائلة للذكاء الاصطناعي.

ويولّد سدَّا الطاقة الكهرومائية في باراغواي، «إيتايبو» و«ياسيريتا»، المشتركان مع البرازيل والأرجنتين على التوالي، كميات هائلة من الطاقة المتجددة، التي يتم تصدير معظمها إلى جيرانها، وتجذب كل هذه الطاقة المتجددة، منخفضة الكلفة نسبياً، انتباه شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة في العالم، مثل «ألفابت» و«ميتا» و«إنفيديا» و«أوبن إيه آي»، من بين شركات أخرى، حيث يقوم العديد منها بالفعل باستثمارات كبيرة في البلاد.

وتحدثت مجلة «نيوزويك»، أخيراً، مع رئيس باراغواي، سانتياغو بينيا، أثناء وجوده في مدينة نيويورك، للحديث عن الدور الناشئ لبلاده لاعباً في مجال الذكاء الاصطناعي، وقال: «لقد زرت سان فرانسيسكو، المقر الرئيس لجميع شركات التكنولوجيا الكبرى، ونحن نتحدث مع (غوغل) و(أوبن إيه آي)، وشركات أخرى».

وأضاف بينيا، الذي يبلغ من العمر 45 عاماً، وهو أحد أصغر رؤساء دول أميركا اللاتينية سناً: «كما نتعاون مع تايوان بشأن تطوير قدرة إنتاج أشباه الموصلات والرقائق الدقيقة، ونهدف إلى جعل باراغواي المركز التكنولوجي للمنطقة والعالم من خلال الاستفادة من كهربائنا الرخيصة».

لكن ظهور باراغواي على الساحة التكنولوجية العالمية، لا يُعزى فقط إلى قدرتها الهائلة على توليد الطاقة النظيفة، بل خضع القطاع العام في البلاد لإصلاحات اقتصادية ومؤسسية كبيرة، جعلته جذاباً للغاية للمستثمرين الدوليين، وراوح معدل التضخم في نطاق 4% سنوياً.

وأشاد خبراء ضريبة الشركات في جميع أنحاء العالم بضريبة القيمة المضافة الثابتة بنسبة 10%، فضلاً عن الدخل الفردي والشركات، كما جعلت مجموعة من الإصلاحات القانونية الأخرى، إلى جانب الحماية القانونية القوية لرأس المال الأجنبي، البلاد وجهة مرغوبة بشكل متزايد للاستثمار الأجنبي في العديد من القطاعات.

ورفعت وكالة «موديز»، قبل أشهر، التصنيف الائتماني لباراغواي إلى الدرجة الاستثمارية، مشيرة إلى «نموها الاقتصادي القوي والمستدام، والتوقعات بأن الاقتصاد أصبح أكثر مرونة في مواجهة الصدمات، وسجلاً حافلاً بالإصلاحات المؤسسية»، وبقوى عاملة شابة، إذ يبلغ متوسط العمر 26 عاماً فقط، وقوى عاملة رقمية إلى حد كبير، يبدو أن البلاد لديها كل المواد الخام لتصبح بسرعة مركزاً للتكنولوجيا في أميركا الجنوبية.

وفي حين أن باراغواي قد تكون على لسان المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، وادي السيليكون بكاليفورنيا وشرق آسيا، إلا أن البلاد لاتزال لديها الكثير من العمل للقيام به، من حيث سرد قصتها لبقية العالم، وهو أمر يدركه الرئيس بينيا تماماً، وفي ذلك قال: «هناك فجوة بين الواقع وما نطمح إليه، ونحن بحاجة إلى سد هذه الفجوة»، موضحاً: «نحن بحاجة إلى القيام بمزيد من التسويق».

واتفق العديد من الخبراء على أن باراغواي لديها الكثير من المقومات للتجاوب مع الاهتمام المتزايد بالبلاد.

وقال الخبير الاقتصادي المخضرم، باتريك ميلان: «لا يعرف تسعة من كل 10 رؤساء تنفيذيين أميركيين موقع باراغواي على الخريطة»، وأضاف: «باراغواي لديها قصة رائعة في مجال التكنولوجيا الناشئة، ولديها أيضاً قصة قوية في مجال الزراعة والتكامل الإقليمي».

ويرى ميلان أن رئيس باراغواي «مسوّق ديناميكي ومبعوث رائع لبلاده، لكنّ هناك الكثير الذي يتعين القيام به»، متابعاً: «تحتاج باراغواي إلى تبني فكرة العلامة التجارية الوطنية تماماً كما فعلت دول أخرى صغيرة مصدّرة للطاقة بنجاح على مدى أكثر من 20 عاماً».  عن مجلة «نيوزويك»

• يبدو أن البلاد لديها كل المواد الخام لتصبح مركزاً للتكنولوجيا في أميركا الجنوبية، مع قوى عاملة شابة ورقمية إلى حد كبير.

الأكثر مشاركة