روسيا وأوكرانيا تستخدمان أساليب حربية جديدة للمرة الأولى
يبدو أن تهديدات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، النووية تهدف بوضوح إلى كسب أي محادثات مستقبلية بين بلاده وأوكرانيا، كما يبدو أن أوكرانيا التي سئمت الحرب على نحو متزايد، مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفي الأسبوع الماضي، بدا أن كل طرف رئيس في الحرب يتنافس على استخدام ميزة محددة، في محاولة لإنهاء هذا الصراع بأفضل الشروط لنفسه.
فقد نشر الرئيس الروسي السابق، ديميتري ميدفيديف، على وسائل التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لرؤوس حربية صاروخية روسية تدكّ مواقع في أوكرانيا، وكتب معلقاً: «إذاً هذا ما تريدونه»، في إشارة إلى الأوكرانيين، مختتماً بقوله: «حسناً.. لقد حصلتم عليه تماماً».
ويوم الخميس الماضي، بثّ التلفزيون الروسي الرسمي خطاباً لبوتين أكثر اعتدالاً، سعى فيه إلى الرد بشكل قوي على ضربات أوكرانية على أهداف روسية، في وقت سابق من الأسبوع، بعدما سمح الرئيس الأميركي، جو بايدن، لأوكرانيا باستخدام الأسلحة المرسلة إليها من الغرب في ضرب أهداف بالعمق الروسي.
وبعد أن رأى بوتين أن أميركا تخرق الخط الأحمر الذي حدّده علناً في سبتمبر، كان عليه أن يفعل شيئاً، ولكن إطلاق نموذج أوّلي لصاروخ باليستي باهظ الثمن، ليس السلاح الأكثر دقة (لأنه مصمم لإحداث دمار هائل برؤوسه النووية)، ويعد لفتة وليس إشارة إلى بدء مرحلة أكثر تدميراً في هذه الحرب.
وفي تصريحاته العامة الأخيرة، يتوقع بوتين الآن مبادرات سلام من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ويقول إنه سيشارك بجدية، وما يؤكد ذلك أن مايكل والتز، الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، صرّح لقناة «فوكس نيوز»، الأسبوع الماضي، بأن تركيز الرئيس المنتخب الآن هو: «كيف يجعل الجانبين يجلسان على الطاولة لإنهاء هذه الحرب؟ مع تحديد الإطار للاتفاق، والأطراف التي ستجلس على تلك الطاولة».
ومع استمرار البحث عن إجابات لهذه الأسئلة، يحاول كل جانب استخدام القوة لتحسين موقفه، وقال وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، لأعضاء البرلمان، يوم الخميس الماضي، إن «الخط الأمامي أصبح الآن أقل استقراراً من أي وقت مضى، منذ الأيام الأولى للحرب بين أوكرانيا وروسيا في عام 2022، بسبب التصعيد الواضح جداً من جانب بوتين».
لقد فشلت محاولة أوكرانيا تأمين ورقة مساومة من خلال هجومها، قبل ثلاثة أشهر ونصف الشهر، على منطقة كورسك الروسية، في تغيير ديناميكيات الحرب، والآن خسرت بالفعل نحو نصف الأرض التي كسبتها في ذلك الهجوم، في حين لم تتوقف القوات الروسية عن تقدّمها في دونباس، وتتوقع القوات الأوكرانية الآن أن تتعرض لهجوم جديد في منطقة زابوريجيا إلى الجنوب.
إن الشعور بأن روسيا تكسب، وإن كان ببطء، في ساحة المعركة، إلى جانب التزام بوتين بمناقشة السلام مع ترامب، وغياب أي نشر للرؤوس الحربية النووية، كل هذا دفع محللي الاستخبارات الغربية إلى الشك في جدية تهديدات الكرملين النووية، وبالتالي فمن غير المرجح أن تتغير السياسة الجديدة المتمثلة في السماح للأوكرانيين بإطلاق أسلحة غربية متقدّمة على روسيا.
ويجب النظر إلى الضربات العميقة التي أحدثتها صواريخ «أتاكمز» و«ستورم شادو»، الأسبوع الماضي، في سياق هذه الصورة المروّعة لساحة المعركة في أوكرانيا، حيث يحاول القادة الغربيون القيام بشيء للمساعدة.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أن بلاده «لم تحدد أو تعبّر عن خطوط حمراء»، بشأن استخدام أوكرانيا للأسلحة التي زودتها بها، ما مهّد الطريق - على ما يبدو - لاستخدام صاروخ «سكالب»، وهو ما يعادل «ستورم شادو»، في توجيه ضربات عميقة، مع اعتقاد أن مخزونات «أتاكمز» و«سكالب» و«ستورم شادو» تبلغ العشرات على التوالي، ولكن لا أحد يتوقع معجزات.
وليس من المستغرب أن يشعر العديد من الأوكرانيين بالضجر من الحرب التي تجاوزت 1000 يوم، في الأسبوع الماضي أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة «غالوب» للمرة الأولى موافقة أغلبية 52% من الأوكرانيين على الاقتراح القائل إن البلاد يجب أن تدخل في مفاوضات لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، في حين حظي الاقتراح المضاد المتمثّل في القتال حتى النصر بدعم 38%، بعد أن انخفض من 63% عندما تم إجراء استطلاع مماثل في بداية عام 2023، هناك الكثيرون ممن يخشون ألا يتوقف بوتين عن القتال، لأنه يعرف هذه الحقائق المتغيرة جيداً.
إن التوقعات بشأن المفاوضات التي ستقودها إدارة ترامب الآن، هي أن العديد من الدبلوماسيين القدامى يقولون إن أياً من التصريحات العامة لبوتين أوالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لا يمكن أخذها على محمل الجد، فعندما يتحدث بوتين ومسؤولون آخرون في الكرملين عن منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فهذا أمر سهل لأنه ليس أولوية على جدول أعمال الحلف، ويقول الرئيس الأميركي المنتخب ترامب إن فكرة حدوث ذلك قريباً «غير محتملة»، ويعبّر المسؤولون الألمان عن مشاعر مماثلة.
أما بالنسبة للأراضي، فقد قال زيلينسكي، الأربعاء الماضي، لـ«فوكس نيوز»: «نحن نعترف بأننا لا نملك القوة بالوسائل العسكرية لدفع بوتين إلى العودة إلى خط عام 1991»، وعليه ستظل شبه جزيرة القرم، روسية، وربما جزء كبير من شرق أوكرانيا أيضاً، على الرغم من أن كييف لن تتنازل عن سيادتها. عن «التايمز» اللندنية
• محاولة أوكرانيا تأمين ورقة مساومة من خلال هجومها على كورسك الروسية، فشلت في تغيير ديناميكيات الحرب.
• بوتين يتوقّع الآن مبادرات سلام من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ويقول إنه سيشارك بجدية.