تساؤلات حول دور الصين القيادي في الجهود العالمية لمواجهة تغيُّر المناخ

اختتم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 29» أعماله في العاصمة الأذربيجانية باكو الأحد الماضي، بعد أسبوعين من المناقشات والاتفاقيات، بمشاركة 106 من رؤساء الدول وأكثر من 50 ألفاً من قادة الأعمال والناشطين وممثلي الحكومات من كل أنحاء العالم.

ووافقت الدول المشاركة في المؤتمر على مضاعفة تعهداتها المالية ثلاث مرات سنوياً من 100 مليار إلى 300 مليار دولار على الأقل بحلول عام 2035 لمساعدة الدول النامية، التي كانت تطالب بمبالغ أكبر بكثير لمكافحة التغير المناخي، حيث إن هذه الدول تقول إنها بحاجة إلى 1.3 تريليون دولار سنوياً لتطوير اقتصادات الطاقة النظيفة.

ويمكن أن تأتي الأموال من مصادر متنوعة، فالدول النامية تريد منحاً وليس قروضاً من شأنها أن تزيد من ديون العديد منها، والتي أصبحت مرهقة بالفعل. وبموجب الاتفاق الجديد، يمكن للدول أن تحسب التمويل الذي يأتي من الاستثمارات الخاصة والقروض من البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية، فضلاً عن الأموال العامة.

وكانت المهمة الأساسية للمؤتمر هي التوصل إلى اتفاق لجمع التمويل اللازم لمساعدة البلدان النامية، كي تصبح أكثر مرونة في مواجهة آثار تغير المناخ والانتقال إلى نمو اقتصادي أكثر استدامة.

دور متنامٍ

ويشكل حجم الدور القيادي الذي تلعبه الصين في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ سؤالاً مهماً في المستقبل، لاسيما في ظل التوقعات بأن يخفض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب دعم واشنطن لسياسات المناخ والتمويل الدولي لمواجهة التغيرات البيئية.

وعلى الرغم من أن الصين تعد حالياً أكبر الدول المنتجة للغازات الدفيئة في العالم، كما أنها ثاني أكبر اقتصاد عالمي، فإنها ستستفيد في الوقت نفسه من كونها المزود الأكبر لمعظم الأسواق حول العالم بتقنيات الطاقة الخضراء، بما في ذلك الألواح الشمسية وطواحين الهواء والبطاريات والمركبات الكهربائية.

ويبدو أن الصين تبوأت مكانة قيادية عالمية في نشر الطاقة المتجددة، إذ تستثمر مليارات الدولارات في مشاريع الطاقة الخضراء في الدول النامية، فيما تلجأ الدول الفقيرة بصورة متزايدة إلى بكين طلباً للمساعدة في الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري.

أسلوب جديد

ومع وعود ترامب بانسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاقية باريس للمناخ، فمن الممكن أن تنتقل قيادة المحادثات حول التغير المناخي إلى الصين، والتي قد تجلب أسلوباً جديداً من حلول المناخ إلى الطاولة، حيث كان واضحاً خلال مؤتمر «كوب 29» تزايد نفوذ الصين خلال المحادثات، مقابل تلاشي دور الولايات المتحدة.

وكان قادة صينيون ألقوا بثقلهم الاقتصادي وراء التحول إلى الطاقة النظيفة لأسباب اقتصادية وبيئية وجيوسياسية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن «الصين مستعدة للعمل مع الأطراف الأخرى لدعم أهداف ومبادئ ونظام اتفاق الأمم المتحدة الإطاري في شأن تغير المناخ واتفاق باريس»، غير أنه في السابق كانت الدول المدرجة على قائمة الأمم المتحدة التي تقدم التمويل للدول النامية في مواجهة التغير المناخي هي «دول متقدمة»، لكن الصين ليست منها.

3 عقود من المفاوضات

وخلال ثلاثة عقود من المفاوضات العالمية حول المناخ، اتفقت دول العالم على تقليص الانبعاثات الغازية الضارة، وتقليل استخدام الوقود الأحفوري، ووقف إزالة الغابات، إضافة إلى العديد من الأمور التي تقلل من شدة الاحتباس الحراري.

واعترفت هذه الدول منذ قمة ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1992 بأن انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي الناتجة عن الأنشطة البشرية، ستشكل ضرراً للمناخ والنظم البيئية، وأن حكومات العالم يجب أن تعمل معاً لحل الأزمة. عن «كونفرزيشن»

فشل

بلغت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مستويات قياسية مرتفعة خلال عام 2024، ولايزال العالم يفشل في الحفاظ على عدم ارتفاع درجات الحرارة لتتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية مقارنة بمرحلة ما قبل الصناعة، وهو الهدف الذي تم تحديده بموجب اتفاقية باريس لعام 2015 لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ.

وأصبحت الظروف الجوية المتطرفة، مثل موجات الحر القاتلة والأعاصير المدارية، والفيضانات المدمرة، أكثر شدة مع ارتفاع درجات الحرارة. وواجهت أفقر البلدان أسوأ الأضرار الناجمة عن تغير المناخ على الرغم من أنها تسببت بأقل قدر من الأضرار للبيئة.

• الصين ستستفيد من كونها المزود الأكبر لمعظم الأسواق العالمية بتقنيات الطاقة الخضراء.

الأكثر مشاركة