العبودية لاتـــزال متجذّرة في إفريقيا

في سابقة قضائية بالنيجر.. محكمة تأمر بتحرير هاديغاتو ماني التي تعرضت للعبودية طوال 10 سنوات. أرشيفية - أ.ف.ب

في الوقت الذي ألغت الدول الغربية ممارسة الرق والعبودية وأصبح ذوو البشرة السمراء يتساوون في الحقوق والواجبات، لاتزال هذه الممارسات تجد لها صدى في إفريقيا، حيث يستعبد الإنسان أخاه، رغم أنهما لا يختلفان في العرق. وتشير بيانات غير رسمية إلى تفشي هذه الظاهرة رغم القوانين التي تمنعها في الكثير من الدول، منها الإفريقية.

وفي سابقة قضائية بالنيجر، البلد الواقع في قلب الصحراء الكبرى، أمرت محكمة بدفع نحو 20 ألف دولار لامرأة تعرضت للعبودبة. وعبرت السيدة هاديغاتو ماني، البالغة من العمر 24 عاماً، عن سعادتها الشديدة بحكم المحكمة. وكانت ماني بيعت بمبلغ يعادل 500 دولار أميركي عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها.

وقالت السيدة المحررة إنها أُجبرت على القيام بأعمال منزلية وزراعية طوال 10 سنوات، مشيرة إلى أنها اغتصبت عندما كانت تبلغ من العمر 13 عاماً. وقد عملت في منزل مالكها وأرضه دون أن تتلقى أي أجر. وتقدر الأرقام الرسمية عدد الأشخاص الذين يرسخون في قيود العبودية في النيجر وحدها بأكثر من ٤٣ ألفاً.

وكان تحقيق اجرته جمعية «تيميدريا» المستقلة في 2003 أحصى أكثر من 870 الف شخص من الرقيق في ست من ثماني مناطق في النيجر البلد الفقير الذي يضم نحو ١١ مليون نسمة.

وقامت السلطات التي تحتج على هذه الارقام بحبس رئيس الجمعية في 2005 بسبب اعتزامه تنظيم احتفال بتحرير 7000 عبد في اناتيس وهو مخيم للطوارق غرب النيجر وقرب مالي.

وقالت الباحثة في جامعة لايدن بهولندا، لوتي بيلكمانز، إن «العبودية في إفريقيا تتخذ أشكالاً عدة». وأضافت «ان مفهوم العبودية واسع للغاية يشمل أبعاداً عديدة. فهناك عبيد المنزل أو عبيد الخيمة، وهؤلاء هم العبيد الذين يعيشون مع العائلات النبيلة ويكون عليهم أن يقوموا بجميع أعمال المنزل، ويكون العبء الملقى على كاهلهم أكبر بكثير من العبيد الذين يعملون في الحقل».

وتعتبر هذه المرة الأولى التي تبت محكمة إفريقية في قضية تتعلق بالعبودية، التي تعتبر جريمة تعاقب عليها قوانين دول القارة السمراء. وكانت تلك الدول أدخلت تعديلات مهمة على اتفاقية الأمم المتحدة لحظر ممارسات الرق والعبودية الموقعة في 1926 وكان ذلك في1981 حين توصلت منظمة دول غرب إفريقيا إلى صيغة توافقية تحرم الظاهرة وتلاحق من يقوم بها قضائياً. إلا أن بعض البلدان، ومنها النيجر وبوركينا فاسو ومالي، أخفقوا في تطبيق هذه المعاهدة الأمر الذي ساعد في عودة ظاهرة العبودية إلى القارة السمراء بقوة. وطبقاً للقانون في النيجر فإن من يستعبد شخصاً ويستخدمه بطريقة مهينة لإنسانيته فإنه يتعرض إلى عقوبة قاسية تصل إلى 30 سنة من السجن.

ويعيش العبيد في النيجر ضمن طبقة تفتقد لأبسط الحقوق ويعملون لصالح أسيادهم وملاكهم الذين يسيطرون على كل شيء في حياتهم. ويعاني العبيد من الانتهاكات المستمرة التي تشمل الاعتداءات الجنسية والضرب، ولكن أسوأها سريان العادة على تفرقة المولود عن أهله حتى لا تتكون روابط أسرية تهدد مستقبل تجارة الرق. ويتم التصرف بالعبيد وكأنهم بضاعة تباع وتشترى وأحياناً يتم إرسالهم كهدايا إلى مالك آخر.

ويعاني أولئك العبيد من الأمية والانعزال عن كل ما يجري حولهم والقليل منهم يمتلك جهاز راديو يربطه بالعالم الخارجي، أما البقية فيعيشون في ظلمة الجهل. وقالت العاملة في منظمة مكافحة الرق الدولية «هذه أولى الخطوات نحو تخليص البلاد من العبودية وتحرير أولئك المساكين الذين يتعامل معهم الجميع وكأنهم حيوانات».

تويتر