هيلاري وزيرة للخارجية.. تشدّد يريده أوباما
من المستحيل ان يجد الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما شخصاً موالياً لإسرائيل حتى النخاع، اكثر من هيلاري كلينتون، ليتولى وزارة الخارجية، وهي المرأة التي يبدو انها ستحظى بهذا المنصب بعد عيد الفصح مباشرة.
خلال الحملات الانتخابية الأولية للحزب الديمقراطي، أكدت كلينتون أن الولايات المتحدة قد «تمحو» ايران اذا ما شنت هجوماً على إسرائيل، وقالت أيضا إنه ينبغي الا تتفاوض الولايات المتحدة مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس» «ما لم تتخلى الأخيرة عن «الإرهاب»، وأعلنت أمام ذلك المنبر الموالي لإسرائيل (ايباك) في مؤتمره في يونيو الماضي، ان «الولايات المتحدة تقف بجانب إسرائيل في الوقت الحاضر، والى الأبد».
وعلى الرغم من ذلك، فإن كلينتون هي أيضاً السيدة الأولى السابقة، التي اختلفت في الرأي مع إدارة زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1998وعلقت بأن الفلسطينيين ينبغي أن تكون لهم دولتهم الخاصة بهم. وبعد 10أعوام من ذلك بدا ذلك التعليق بعيد النظر، الا ان البيت الأبيض اضطر في وقتها ان يدعي ان السيدة الأولى كانت تعبر عن نفسها.
وستبين الأسابيع القليلة المقبلة بالتفصيل آراء كلينتون في السياسة الخارجية، ولكن كما بدا من تعليقاتها عن الشرق الأوسط فإن لهذه المرأة سجلاً جيداً من شأنه ان يوفر أرضية جيدة لتكهنات عديدة قد تدور حول دبلوماسيتها في الشرق الأوسط. في ظل أن العرب، لا سيما الفلسطينيون منهم، يشعرون بالقلق حيال تقديم اوباما هذا المنصب الدبلوماسي الرفيع لسيناتورة من نيويورك قضت ثمانية اعوام ترعى دائرتها الجغرافية الموالية لإسرائيل، لو انها من هذا المنطلق ستصبح مستعدة لمواصلة الطريقة الأميركية المجحفة نفسها في معالجة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ونظراً للهجتها القاسية حيال إيران وتأييدها من حيث المبدأ للحرب على العراق، فإن بعضهم يرى أن اوباما يرمي من تعيينها في هذا المنصب تبني سياسة خارجية أكثر شراسة مما أعلن عنه خلال حملته الانتخابية.
ويعتقد دبلوماسيون وخبراء في السياسة الخارجية أن كلينتون ستجلب لوزارة الخارجية طاقماً أكثر شراسة في الدبلوماسية الأميركية، ويرون ان هذا الطاقم سيدفع بشدة من اجل اتفاقية سلام في الشرق الأوسط، تتماشى مع الدور الذي تبنته إدارة كلينتون في سنواتها الأخيرة.
يقول السيناتور ايفان بايا، الذي سافر كثيرا مع كلينتون في مهام تقصي حقائق لصالح لجنة القوات المسلحة «الأمر الأول الذي ينبغي ان نعلمه عن هيلاري كلينتون هو انها عملية، اذ انها تريد ان تعرف الجانب العملي من الأمر، وتعتقد في الدبلوماسية وفي الحلول المتعددة الجوانب، لكنها تبغض استخدام القوة اذا كانت هي السبيل الوحيد لحماية مصالح امننا القومي».
ويعتقد آخرون ان «لها حضوراً جسدياً وعقلياً قوياً يمكنها استغلاله، ولديها الكثير من الجلد أيضاً» كما يعتقد مفاوض الشرق الأوسط السابق بوزارة الخارجية ارون ديفيد ميلر، الذي عمل مستشاراً لستة من وزراء الخارجية السابقين، ويواصل قوله «ما لا نعرفه عنها: هل تتمتع بعقلية المفاوض؟ ونعلم ايضا انها لم تنل بعد تلك الثقة من الرئيس، التي تعتبر ضرورية للغاية». القرار الذي اصدره اوباما بشأن تعيين كلينتون في هذا المنصب مثير في جوانب منه للسخرية اذا وضعنا في الاعتبار الجهود الكبيرة التي بذلها بعض مساعديه خلال الحملات الانتخابية للنيل من خبرتها في السياسة الخارجية. ولكن في الحقيقة ان كلينتون أُغمست بعمق في الشؤون الخارجية منذ انهيار خطة الرعاية الصحية التي قادتها خلال اول عامين من عمر ادارة زوجها».
وخلال عملها كسيناتورة ركزت كلينتون اكثر على ما يعرف بـ«سلطة القوة» بوصفها عضوا في لجنة القوات المسلحة، حيث اكتسبت معرفة بالعراق وأفغانستان وحلف شمال الاطلسي (الناتو) وجميع هذه القضايا قد تشغل اهتمامها عندما تتولى حقيبة الخارجية. واكتسبت شهرة بوصفها شخصاً يتعاطف مع احتياجات واهتمامات القوات المسلحة، عندما كانت تؤيد الرئيس المنتهية رئاسته جورج بوش في افغانستان والعراق. وعلى الرغم من كلينتون جاءت في ما بعد لتنتقد اداء الحرب في العراق ودعت لانسحاب قوات بلادها، فإن تصويتها لصالح مشروع يخول بوش للذهاب للحرب اصبح اضعف نقطة في حربها مع اوباما لنيل تشريح الحزب الديمقراطي.
ستدخل كلينتون عالم الدبلوماسية مستفيدة من الاحترام الكبير الذي يلقاه زوجها حول العالم، حيث يقرن الكثيرون ادارة بيل كلينتون بالدبلوماسية القاسية في الشرق الأوسط واي مكان اخر في العالم.