منزل العائلة وسط مستوطنة »القناه«. الإمارات اليوم

عائلة فلسطينية محاصرة بين الاستيطان والجدار

تعيش الطفلة الفلسطينية ميساء عامر البالغة 11 عاماً هي وعائلتها في منزل محاط بأسيجة وأسلاك شائكة وبوابات حديدية وإلكترونية. ويقع المنزل خلف جدار الفصل العنصري في قرية مسحة غرب مدينة سلفيت في الجانب الذي تحتله إسرائيل من الأراضي الفلسطينية. كما أن منزل ميساء هو الوحيد الذي تحيط به منازل المستوطنين في مستوطنة «القناة» المقامة في تلك المنطقة، بل إن دخولها وخروجها يكون عبر بوابة الجدار وبإذن من الجنود الإسرائيليين.

وتعاني ميساء الوحيدة في منزلها من عزلتها عن العالم، حيث تحرم من اللعب مع أصدقائها الأطفال الذين ينتابهم الخوف من زيارتها، بسبب البوابات الحديدية ومنظر الجنود المدجّجين بالأسلحة. كما أنها تقطن في منطقة بعيدة عن المدرسة التي تتعلم فيها، والتي تصل إليها يومياً بعد أن تقطع مسافة أربعة كيلومترات على قدميها، حيث لا توجد طريق معبدة لوصول السيارات،فضلاً عن عدم سماح إسرائيل بدخولها إلى تلك المنطقة.

وقالت ميساء «قرر الاحتلال بناء الجدار الفاصل على أرضنا، وسلخنا عن بلدتنا مسحة غرب محافظة سلفيت، ووضع سياج بين منزلنا ومستوطنة «القناة» المحاذية لمنزلنا، وشق جيش الاحتلال طرقاً عسكرية وأقام جداراً أسمنتياً يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار من الشرق، كما وضع أسيجة وبوابات ضخمة من الشمال والجنوب حول منزلنا، محولاً منزلنا إلى ثكنة عسكرية طوال الأربع والعشرين ساعة».

وأضافت «الكوابيس تلاحقنا كل يوم وخصوصاً في الليل، فأرتعب وأصرح عندما يلقي المستوطنون على بيتنا الحجارة في الليل وتنهمر كالمطر».

وذكرت أن المستوطنين يدخلون إلى مستوطنتهم من جانب منزلها، حيث تراهم كل يوم، ويعتدون عليهم بألفاظ نابية، لافتة إلى أن هدف ذلك إخراجهم من ديارهم بفعل ممارساتهم الاستفزازية.

وتابعت الطفلة التي تعيش بين المستوطنين «إن صديقاتي في المدرسة يرفضن زيارتي، لأنهن يخفن من منظر الجنود الاسرائيليين المدججين بالسلاح والملازمين لمنزلنا، وفي إحدى المرات دعوت بعض التلميذات في المدرسة إلى زيارتي، لكنهن رفضن، خشية الجنود وهجوم المستوطنين علينا في أثناء زيارتهن».

وتساءلت ميساء «ما ذنبي أن لا أكون كبقية أطفال العالم، ألهو وألعب وأعيش حياة سعيدة؟».

وذكرت أنه في إحدى المرات كانت تلعب وإخوتها في محيط منزلها الذي يعد شارعاً بمحاذاة الجدار الأسمنتي، حيث توقفت عن اللعب عندما أتت مصفحة تابعة لجيش الاحتلال، وترجّل جندي إسرائيلي من المصفحة، وفتح البوابة من الخارج، ليتسنى للمصفحة العسكرية المرور على الشارع الذي يلعب فيه الأطفال نفسه.

وقال هاني عامر والد الطفلة ميساء «قبل خمس سنوات وصل بناء جدار الفصل العنصري، إلى المنطقة التي أسكن فيها، واخترق منزلي، فقد أقيم الجدار بشكل أحاط المنزل الذي أعيش فيه أنا وأسرتي من جهاته الأربع، مع ترك مساحة بسيطة لمدخل حديدي لا يزيد عرضه على متر واحد للسماح لنا بالتنقل».

وأضاف «في البداية كان العرض بأن يسمحوا لي بالمرور ربع ساعة في اليوم الواحد، لكني رفضت وواصلت الدفاع المستميت، حتى تمكنت من انتزاع مفتاح دائم لهذا المدخل البسيط، كونه أضعف الحقوق بأن أدخل وأخرج إلى منزلي المحاط بعالم موحش من الاستيطان والظلم».

وكشف عامر عن محاولة للمخابرات الإسرائيلية أخيراً لإجباره على الرحيل من منزله، فقد هدده ضابط إسرائيلي بهدم منزله، بذريعة تعرض المستوطنة لإطلاق نار من شخص وهو يخطط له للقيام بذلك.

وذكر أنه أثناء بناء الجدار فقد مشتلاً زراعياً، ومزرعة دواجن كانت مصدر رزق لأسرته، بالإضافة إلى تدمير مطعم شعبي بسيط كان يمتلكه وخزانات المياه، لافتاً إلى أن ذلك كان ضمن ممارساتهم لإجباره على ترك المنزل.

وتبدو السفوح الخضراء المترامية في أطراف مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، وكأن الاحتلال شوّهها بفعل عشرات الطرق والتجمعات الاستيطانية، التي تربّعت فيها، فيما التجمعات الفلسطينية تعاني من إهمال وحصار بعيداً عن الأضواء.

ويخيّل إلى القادم إلى سلفيت بأنه يمرّ في منطقة إسرائيلية، فالشوارع مصممة لخدمة المستوطنين ومداخل مستوطناتهم، فيما مداخل البلدات الفلسطينية مغلقة بالسواتر، كما أن اللافتات تكتفي بالكتابة بالعبرية.

الأكثر مشاركة