دعوة أوروبية لـ «مواجهة عملية» ضد الاحتلال
شعر ملايين الأوروبيين بالغضب والعجز لمشاهدة المجزرة التي تجري في قطاع غزة، ومن سلوك وسائل الإعلام التي تصفها بأنها «انتقام من الارهاب» او انها ممارسة لـ«حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها».
ولقد وصلنا الى مرحلة باتت الاجابة عن الطروحات الصهيونية بلا طائل وبعيدة عن الانسانية، طالما انه من المعترف به ان القذائف التي تقع على عسقلان هي من صنع ابناء ذلك الجيل الذي تم طرده من ارضه على يد الصهاينة عام .1948
لكن ما الذي ينبغي فعله الآن؟ أهو القيام بحوار آخر بين «المعتدلين» العرب والتقدميين الاسرائيليين؟ أم خطة سلام اخرى ليتم تجاهلها؟ أم إعلان مهيب آخر من الاتحاد الأوروبي ؟
وتعتبر كل هذه الأعمال مجرد صرف للانتباه عن الاختناق الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
فالدعوة الى تشكيل محكمة دولية لمحاكمةجرائم اسرائيل لن تحقق اي شيء فالمحاكم الحالية تعكس علاقة القوى في العالم، ولن يتم استخدامها ضد الحلفاء المدللين للولايات المتحدة. ولابد من القول ان هذه العلاقة بين القوى هي التي ينبغي تغييرها، وهذا لا يتم الا بالتدريج.
ولا ريب ان ما يجري في غزة وضع أليم، لكن الصحيح ايضاً انه لا يمكن القيام بأي شيء فعال الآن لايقافه، وذلك لأن العمل السياسي الذي كان ينبغي القيام به في السابق لايزال في طور الانتظار. وثمـة اقـتراحات ثلاثـة يمكن العمل بها منها اثنان يتصلان بالموضوع الايديولوجي والثالث بالموضوع العملي تتلخص في ما يلي:
1- التخلص من الوهم بأن اسرائيل مفيدة للغرب، فهناك قطاعات عدة في مقدمتها اليساريون تعتقد بأن اسرائيل هي مجرد مخلب للرأسمالية، او الاستراتيجية الامبريالية للسيطرة على الشرق الأوسط.- وهذا غير صحيح بالمرة.
إن اسرائيل غير مفيدة لأي شخص أو طرف سوى لأوهامها في السيطرة. ليس هناك نفط في اسرائيل أو لبنان أو الجولان أو غزة. فالحروب التي تم خوضها باسم النفط في الشرق الأوسط في الأعوام 1991 و2003 قامت بها الولايات المتحدة من دون مساعدة اسرائيل. وفي عام 1999 كان هناك مطلب صريح من الولايات المتحدة لاسرائيل بأن تبقى بعيدة عن ميدان الحرب. لأن مشاركة الأخيرة كان بمقدرورها تقويض التحالف الأميركي العربي.
لقد أسهمت اسرائيل بسياستها السخيفة في ظهور حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهي مسؤولة الى حد كبير عن ظهور التشدد الإسلامي.
وتشير الحقائق البسيطة الى ان الرأسمالية تحقق ارباحاً اكبر في السلم وليس في الحرب.
ويكفي المقارنة بالأرباح التي حققها الرأسماليون في الصين وفيتنام بعد تحقيق السلام فيهما، مع الصين الشيوعية التي كانت معزولة من قبل الولايات المتحدة. ولا يهم رجال المال من هو الشعب الذي ستكون القدس عاصمة له، ولكن عندما يحل السلام فإنهم سيذهبون للاستثمار في الضفة وغزة. ويدرك اي اميركي ان استعداء مليار مسلم من اجل ارضاء نزوات اسرائيل في القتل ليس استثماراً عقلانياً في المستقبل.
2ـ مواجهة «فزاعة» العداء لليهود: إذا لم يكن دعم اسرائيل يستند إلى المصالح الاستراتيجية والاقتصادية، فلماذا تقبل الطبقة السياسية والإعلامية بصورة سلبية كل ما تقوم به اسرائيل. وإذا كانت النخبة السياسية الغربية توجه انتقاداتها لمعظم النظم الشمولية في العالم الثالث، فلماذا تتعامل بنعومة فائقة عندما يتعلق الأمر بالكيان العبري؟
يفسر متابعون وخبراء ذلك بأن الغرب يحاول ان يكفر ما تعرض له اليهود من ظلم في أوروبا، ولكن الفلسطينيين ليس لهم اي علاقة بكل ذلك فكيف يدفعون ثمن ما قام به غيرهم.
الأمر الذي يدعو للاستغراب انه مطلوب منا كـ(أوروبيين) أن نشعر بالندم على جرائم حدثت في الماضي والتي لا يمكن ان نفعل اي شيء حيالها.
نحن نريد ان نشعر بالإثم حيال جرائم تجري الآن امام اعيننا من قبل حلفائنا الاميركيين والاسرائيليين الذين يمكننا ان نؤثر فيهم.
٣ـ يمكن تلخيص المبادرات العملية ضد اسرائيل بالمقاطعة، ورفض الاستثمار، وفرض العقوبات: نظراً الى ان العقوبات تؤيدها كل المنظمات المؤيدة للفلسطينيين، وإلى ان هذه الإجراءات تتخذ من قبل الدول، فإنه ليس من المتوقع حدوثها قريباً. وأما بالنسبة لرفض الاستثمار، فإن هذا الاجراء يمكن ان تقوم به النقابات والكنائس، وبالطبع فإن المشروعات التي تتعاون بصورة وثيقة مع اسرائيل، فإنها لن تغير سياستها إلا اذا تعرضت الى ضغط العامة المتمثل في المقاطعة. وهذه المقاطعة لا تتعلق بالمنتجات الاسرائيلية، وإنما بالمعاهد الثقافية والتعليمية. لقد تم استخدام هذا التكتيك في جنوب إفريقيا ضد نظام الابارتهيد العنصري في وضع مشابه تماماً لإسرائيل.
ترجمة: حسن عبده حسن
عن «كاونتربانش»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news