أسواق الهواتف الذكية تتحدى الركود

مبيعات أجهزة الهواتف الذكية نمت بنسبة 26.9٪ في العام الماضي. تصوير: باتريك كاستيللو

تواصل الهواتف الذكية، التي تدمج بين استخدامات الهاتف المتنقل التقليدية والكمبيوتر الشخصي، تحديها لأزمة ركود الاقتصاد العالمي، فعلى الرغم من التراجع الشديد المتوقع في أسواق أجهزة الهواتف المحمولة عالمياً فإن أسواق الهواتف الذكية تحقق معدلات نمو قوية.

وتشير تقديرات مؤسسة «إي دي سي لأبحاث السوق» إلى أن «الانخفاض في الطلب في أسواق أجهزة الهاتف المتحرك لن يطال كل شرائح وفئات تلك الأجهزة، وعلى سبيل المثال فإن أجهزة الموبايل الذكية ستزيد بنسبة 8.7٪، وهو ما يتناقض مع نسبة النمو السلبية المتوقعة في صناعة الهواتف المتحركة ككل».

وحسب إحصاءات «اي دي سي» فإن أجهزة الهواتف الذكية نمت في العام الماضي بنسبة 26.9٪، في حين نمت أجهزة الهاتف المتحركة التقليدية بنسبة 4.6٪، وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تحقق أجهزة الهاتف التقليدية نمواً سلبياً خلال العام الجاري يقدر بنحو 3.5٪، فإن أجهزة الهاتف الذكية ستنمو بنسبة 8.9٪، وهذا التفوق سيستمر أيضاً في عام ،2010 حيث من المتوقع أن تنمو أجهزة الهواتف التقليدية بنسبة 5٪، في حين تنمو أجهزة الهواتف الذكية بنسبة 24٪.

وتشير نتائج الدراسات التي أجرتها مؤسسة «أي ام اس ريسيرش» إلى أن «هاتفاً من أصل أربعة سيكون هاتفاً ذكياً حيث يتوقع أن يباع أكثر من 1.5 مليار هاتف ذكي في عام 2010».

وبحسب تقديرات مؤسسة «اي سبلاي» للأبحاث، فإن مبيعات الهواتف الذكية في العام الماضي وصلت إلى 341 مليون وحدة، بإيرادات إجمالية بلغت 3.4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تقفز مبيعاتها في 2013 إلى 833 مليون وحدة بإيرادات إجمالية 6.4 مليارات دولار، محققة بذلك نسبة نمو سنوي تزيد على 19.5٪.

عوامل الانتشار

وترى «إي دي سي» أن عدم تأثر شريحة الهواتف الذكية بأزمة الركود الاقتصادي العالمي يعود إلى أنها أصبحت الخيار المفضل للعديد من الأشخاص.

ويرى محلل تكنولوجيا الهواتف النقالة في «أي دي سي»، رامون ليلامز، أن «المستهلكين أدركوا أن هذه الأجهزة تستطيع أن تقدم لهم ما هو أكثر من نقل الصوت، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتشغيل التطبيقات، مثل: الألعاب، وخدمات الملاحة والخرائط وتحديد المواقع، ووسائط التسلية، وتصفح الأخبار، فضلاً عن تطبيقات الشبكات الاجتماعية».

ويلعب عنصر السعر دوراً حيوياً في استمرار نسب النمو الهائلة في أسواق الهواتف الذكية، فقبل سنوات عدة فقط كان سعر أرخص هاتف ذكي لا يقل عن 800 دولار، أما الآن فإن المستهلك يمكنه الحصول على هاتف ذكي بسعر 400 دولار، ما يعني أن المستهلك أصبح قادراً على شراء هاتف ذكي محمل بكل المزايا والتطبيقات وبسعر الهاتف التقليدي.

أما العامل الثالث الذي يدفع باتجاه استمرار النمو القوي في أسواق الهواتف الذكية، فيتمثل في التطور التكنولوجي الهائل الذي طرأ على تكنولوجيا الشاشات التي تعمل باللمس، والذي جعل وصول المستخدم إلى المحتويات والتطبيقات أمراً في غاية السهولة، وبالتالي إمكانية تعديل ومشاركة هذا المحتوى مع الآخرين، وقد تطلب تطوير تكنولوجيا الشاشات التي تعمل باللمس وضع استثمارات ضخمة من جانب الشركات المصنعة في مجال الأبحاث والتطوير.

الإمارات في المقدمة

وتقف الإمارات في مقدمة الدول التي تشهد طلباً هائلاً على الهواتف الذكية، فقد طرحت شركة «بلاك بيري» أخيراً هاتفين جديدين هما «بلاك بيري كيرف 8900» و«بلاك بيري فليب 8220»، اللذان يوفران مزايا استثنائية في الاتصال والوسائط المتعددة وتحديد المواقع.

وقال مدير المبيعات في شركة «بلاك بيري» لمنطقة الشرق الأوسط، خالد كيفل، إن «مبيعات الهواتف الذكية حول العالم ستتفوق لأول مرة على مبيعات أجهزة الكمبيوتر المحمولة (اللابتوب)».

ويرجع كيفل الزيادة الهائلة في الطلب على أجهزة الهواتف الذكية إلى التطور التكنولوجي الهائل الذي طرأ على هذه الأجهزة، والذي جعلها تقوم بدور أجهزة الكمبيوتر وتوفر لمستخدميها قائمة طويلة من حلول الاتصال والتراسل وعرض وتشغيل الوسائط وتصفح الإنترنت والتقاط الصور الثابتة المتحركة.

وأوضح أن «انخفاض أسعار الهواتف الذكية جعلها في متناول الكثير من الشرائح التي لم يكن في مقدورها من قبل شراء هواتف ذكية بسبب ارتفاع أسعارها»، مشيراً إلى أن «تطور التشريعات التي تحكم قطاع الاتصالات في العديد من الدول ساعد على انتشار هذا النوع من الأجهزة للاستفادة من السرعات العالية لنقل البيانات التي نتجت عن عملية تحرير القطاع وازدياد حدة المنافسة والرغبة في التفوق التكنولوجي».

بدوره، يرى مدير حلول الشركات نائب الرئيس لحلول الشركات في شركة «اتصالات»، عبدالله هاشم، أن «العديد من الشركات نجحت في تخفيض تكاليف التشغيل لديها من خلال الاعتماد على الهواتف الذكية بما توفره من حلول للرسائل كبديل للاتصالات».

وأوضح أن «عدد المشتركين في خدمة «بلاك بيري» وصل إلى 81 ألف مشترك»، مشيراً إلى أنه يتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 601 ألفاً خلال العام المقبل».

ظروف صعبة

تأتي التوقعات بازدهار سوق الهواتف الذكية في الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلى أن أسواق الهواتف المحمولة التقليدية ستشهد تراجعاً كبيراً بسبب الأزمة الاقتصادية.

وتتوقع مؤسسة «اي دي سي» للأبحاث أن تشهد أسواق الهواتف المحمولة التقليدية انخفاضاً بنسبة 1.9٪ في عام الجاري مقارنة مع نسبة النمو المتحققة في العام الماضي والتي تجاوزت 7.1٪، وهو الانخفاض الأول منذ عام 2001 الذي شهد انخفاضاً بنسبة 2.3٪.

وترجع «أي دي سي» الانخفاض الكبير المتوقع الكبير في مبيعات أجهزة الهواتف التقليدية إلى «وصول أسواق الدول الناشئة التي كانت المصدر الرئيس للطلب خلال السنوات الماضية إلى مرحلة النضوج».

وتجسد شركة «نوكيا» التي أعلنت أنها تتوقع تراجع مبيعاته بنسبة 15٪ نبرة التشاؤم السائدة في صناعة الهواتف المحمولة، سواء من جانب المصنعين والموردين أو من جانب مشغلي خدمات الاتصال. وقال كبير محللي مؤسسة «إي دي سي» لقطاع الهواتف المحمولة، رايان رين، إن «أخطر علامات التشاؤم جاءت من مصنعي الشرائح الإلكترونية مثل «كولكوم» و«ميدياتيك»، اللتين أعلنتا عزمهما تخفيض الإنتاج خلال السنوات المقبلة، ما آثار المخاوف حول مستويات الإنتاج والمخزون.

تويتر