موسكو تطالب واشنطن بمقابل لمساعدتها في أفغانستان

طفل أفغاني يمر أمام مروحية وسيارة من مخلفات الحرب السوفييتية. رويترز

روسيا مستعدة كي تلعب دوراً أنشط في المساعدة في مكافحة حركة «طالبان» في أفغانستان، إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لتخفيف حدة خططها لنشر درع الدفاع الصاروخية وتوسيع نطاق حلف شمال الأطلسي.

وتحل اليوم الذكرى السنوية العشرين للانسحاب المذل للجيش السوفييتي من أفغانستان، وروسيا التي تشارك الغرب مخاوفه بشأن تمرد «طالبان» مستعدة لتقديم دعم لوجيستي للقوات التي تقودها الولايات المتحدة هناك.

ويُنظر في موسكو إلى خطط الولايات المتحدة لمكونات درع الدفاع الصاروخية في بولندا وجمهورية التشيك، ومسعاها لضم أوكرانيا وجورجيا، الجمهوريتين السوفييتيتين السابقتين، لعضوية حلف شمال الأطلسي؛ على أنها «خطوط حُمر» يجب الا تنتهكها واشنطن.

وقال مندوب روسيا لدى حلف شمال الأطلسي ديمتري روغوزين «روسيا مستعدة لمساعدة الولايات المتحدة في القضايا ذات الأولوية بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب في أفغانستان». وأضاف «لكننا نريد أن تعتبر علاقاتنا في السياق الأعم أننا اذا ساعدنا الولايات المتحدة في مسألة ما فيساعدوننا في مهامنا ذات الأهمية».

وتود إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما من روسيا المساعدة في إمداد القوات الإضافية التي تعتزم إرسالها الى أفغانستان بالمعدات، خصوصاً أن المسلحين هاجموا قوافل باستخدام طريق للإمداد عبر افغانستان، لكن روسيا تتوقع ثمناً كبيراً في المقابل، خصوصاً أنها تشعر بأنها خُدعت في الماضي.

وبعد هجمات 11 سبتمبر ،2001 دعمت روسيا إنشاء قواعد جوية أميركية في جمهوريات سوفييتية سابقة قرب أفغانستان التي تراها موسكو جزءاً من دائرة اهتمامها.

في المقابل، أملت روسيا في شراكة على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، لكن بدلاً من هذا راقبت بغضب، بينما دعمت واشنطن توسعة حلف شمال الأطلسي ليضم جارتيها اوكرانيا وجورجيا، وأعدت خططاً لإقامة درع صاروخية في اوروبا.

ويرى رئيس تحرير دورية «راشيا ان غلوبال افيرز» فيودر لوكيانوف أن الكرملين يشعر بتفاؤل حذر من أن البيت الأبيض في عهد أوباما قد يتصرف بشكل مختلف. وقال «روسيا ليست ساذجة إلى هذه الدرجة كي تعتقد أن واشنطن ستقبل بزعم روسيا أحقيتها في دائرة اهتمام، لكن على الأقل هناك إشارات إلى أن الإدارة الجديدة لن تكون بالضراوة نفسها التي كانت عليها الإدارة السابقة في محيط ما بعد الحقبة السوفييتية».

ورأى محللون أن إعلان قرغيزستان هذا الشهر أنها ستغلق قاعدة جوية أميركية تستخدم كنقطة انطلاق إلى أفغانستان؛ يظهر أن هناك حدوداً لتعاون روسيا. ونفت روسيا أن يكون لها أي دور في القرار، لكن رئيس قرغيزستان أعلن هذا القرار في موسكو عقب حصوله على قرض روسي، قيمته مليارا دولار لمساعدة بلاده على التخلص من تباطؤ الاقتصاد.

وفقد الاتحاد السوفييتي السابق آلاف الجنود في أثناء القتال في أفغانستان في الثمانينات، وما زالت هذه الدولة تعني الكثير للزعماء الجدد في الكرملين.

ويشعر مسؤولون أنه إذا لم يتم كبح جماح «الإسلام المتشدد» في أفغانستان، فقد يمتد عبر الدول السوفييتية السابقة الضعيفة في آسيا الوسطى نحو حدود روسيا.

ويقول مسؤولون في مجال مكافحة المخدرات إن روسيا أكبر مستهلك للهيروين الذي تنتجه أفغانستان، وإن تدفق هذا المخدر لن يتوقف ما لم يعد النظام إلى أفغانستان. وراقبت موسكو بنفاد صبر متزايد إخفاق القوة الدولية في أفغانستان في التعامل مع تمرد «طالبان». ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001 ،قتل نحو 1100 من أفراد قوات الائتلاف في أفغانستان، وبلغ عدد الخسائر في صفوف القوات الأميركية حتى 12 فبراير 647 فرداً.

وصرح مسؤول روسي بارز له صلات وثيقة مع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بأنه «مرت سبع سنوات وماذا حدث؟ النتيجة الوحيدة أن الناس يموتون.. نحن نتلقى الخسائر فحسب».

وقال الكولونيل اوليغ كولاكوف المحاضر بجامعة الدفاع في موسكو، إن القوات التي تقودها الولايات المتحدة تحتاج الى تغيير نهجها. وأضاف «قوات الائتلاف لا تستطيع تحقيق أهدافها عسكرياً ولن يستطيع أحد أن يفعل هذا، وبالتالي يجب أن يحاولوا (استخدام) استراتيجيات أخرى».

لكن كولاكوف الذي خدم في الجيش السوفييتي في أفغانستان، قال إنه ليست هناك رغبة لدى موسكو في العودة إلى هناك، وأضاف «روسيا لن ترسل قوات إلى افغانستان تحت اي ظرف».

تويتر