المشرّدون في فرنسا يحرجون الحكومة
بعد انتقادات لاذعة وجهتها هيئات حقوقية، ظهرت هذه الأيام في فرنسا مشكلة المشردين الذين لايملكون سكنا، حيث يعاني آلاف الفرنسيين من هذه المشكلة، على الرغم من جهود الحكومات المتعاقبة من أجل القضاء على هذه الظاهرة، التي تعيب فرنسا، كونها دولة متقدمة ووجهة للمضطهدين والباحثين عن فرص عمل.
والغريب أن بعض المشردين يفضلون البقاء في الشوارع، عوض العيش في منازل أقاربهم أو المؤسسات المخصصة للفقراء. وفي هذا الصدد، أجرى معهد «إل إش دو» استطلاعا للرأي حول قضية المشردين، أو ما يطلق عليهم في فرنسا الأشخاص «الذين لايملكون مأوى ثابتا».
وعبر 73% من المستطلعة آراؤهم عن دعمهم للإيواء القسري لهولاء الذين يسكنون الشوارع ويشوّهون المنظر الحضاري للمدن الفرنسية. ويعاني المشردون من قساوة المناخ في الشتاء، حيث تتدنى الحرارة في المقاطعات الشمالية إلى 20 درجة تحت الصفر، ويتركز عدد كبير منهم في باريس والمدن الكبرى، مثل ليون ومرسيليا. وتعود أسباب بعض الحالات إلى عوامل نفسية وإحباطات اجتماعية أكثر منها مالية.
وتعد مشكلة المشردين في فرنسا مسألة معقدة للغاية، ففي الوقت الذي تدعو هيئات إنسانية إلى التكفل بهولاء الفرنسيين، علما بأن الدولة تتكفل بالمهاجرين الشرعيين وعائلاتهم، من خلال توفير المسكن وراتب شهري يسد حاجيات الشخص وأسرته، إلا أن جهات أخرى ترى أن العيش في العراء يدخل من الخصوصية والحرية الشخصية، ولاينبغي التعدي عليها.
ويدعو ناشطون إلى توفير أماكن مناسبة للمشردين في أوقات البرد القارس، حتى لاتتعرض حياتهم للخطر. ويتساءل أحدهم، «هل علينا أن نتركهم يموتون بفعل البرد الشديد والوحدة القاتلة».
ويؤيد سياسون فرنسيون فكرة إيواء المشردين بشكل قسري في أوقات البرد الشديد، ولا مجال للحديث البراغماتي في الوقت الذي يتعرض فرنسيون إلى خطر الموت، أو الأمراض الجسدية والنفسية.
وجاء في تقرير رسمي أن عدد المشردين الذين يفتقرون إلى مأوى ثابت يبلغ نحو نصف مليون شخص، ثلثهم دون الثلاثين من العمر. وعدا عن ارتفاع نسبة الشباب بين الذين لا يملكون عنوانا ثابتا، لاحظ التقرير أيضا تزايد عدد النساء بينهم، إذ بلغت نسبتهن في باريس 16% من المجموع، بينهن أعداد من الأجنبيات.
وتبين الأرقام أن 35 ألف شخص يعيشون في الملاجئ التي توفرها الدولة للطوارئ، وأن 45 ألفاً يقيمون حيثما كان، في العراء والحدائق العامة وتحت الجسور، وأن 100 ألف يلجأون إلى بيوت الأقارب والأصدقاء بشكل موقت، بينما يقيم 550 ألف شخص في الفنادق الرخيصة والغرف المؤثثة الخالية من مرافق صحية. ويصاب العشرات من المشردين بأمراض خطرة تفوت نسبها تلك المسجلة بين بقية السكان، في حين يعاني عدد منهم من اضطرابات نفسية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news