الحروب الإسرائيلية أثارت فزعاً داخلياً لدى سكانها اليهود. أرشيفية

1.5 مليون مهاجر يهودي مـن إســـرائيـل خلال عام

في الوقت الذي تتجه فيه الأحزاب الإسرائيلية لتشكيل حكومة يمينية متطرفة، هدفها القضاء على الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وجلب عدد أكبر من اليهود ليسكنوا فيها، كشف مركز الإحصاء الإسرائيلي للهجرة من إسرائيل وإليها وخلال إحصائية أصدرها أخيرا، أن 1.5 مليون يهودي مهاجرون خارج حدود إسرائيل، على الرغم من أنهم مقيدون في سجلات الحكومة.

وتعاني إسرائيل من انخفاض حاد في الهجرة اليهودية إليها، اشتد في عام 2008 في صورة لم تشهد مثيلا لها منذ 60 عاما مضت على احتلالها لأرض فلسطين . وبدأت ظاهرة الهجرة العكسية، وتدني التوافد إلى إسرائيل منذ الفترات الماضية، خصوصاً منذ بداية انتفاضة الأقصى، لكنها تعاظمت بشكل كبير عقب عدوان إسرائيل على لبنان في يوليو .2006

حقيقة مخفيّة

وقال النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي إبراهيم صرصور، رئيس « القائمة الموحدة والعربية للتغيير» ورئيس الحركة الإسلامية في أراضي فلسطين،48 لـ«الإمارات اليوم» خلال اتصال هاتفي « اشتدت هجرة اليهود العكسية من إسرائيل إلى دول العالم بشكل لافت عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان في يونيو ،2006 ومن المتوقع أن تزداد بشكل أكبر عقب انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة. وكانت الحكومة الإسرائيلية على علم بذلك، لكنها كانت تخفيه حتى لا يثير مشكلات داخلية، على الرغم من يقينها بخطورة ذلك، خصوصا مع زيادة حروبها».

وأوضح أنه مع تعاظم الهجرة بشكل لافت، خصوصا مع انخفاض حاد في هجرة اليهود إلى إسرائيل، كشف مركز الإحصاء الإسرائيلي للهجرة التابع لوزارة الهجرة الإسرائيلية ما كانت تخفيه الحكومة، وهو أن 1.5 مليون يهودي موجودون في سجلات الحكومة، لكنهم فعليا خارج حدود إسرائيل».

وذكر صرصور أن عدد سكان إسرائيل من اليهود ما يقارب 7.3 ملايين يهودي، أما السكان العرب فعددهم 1.2مليون مواطن عربي، وهاجر من السكان اليهود 1.5 مليون يهودي مسجلين مواطنين في سجلات الحكومة، لكنهم غير موجودين داخل حدود إسرائيل.

وقال رئيس قائمة الموحدة والعربية للتغيير في الكنيست « الأكثرية اليهودية التي تعيش في أراضينا المحتلة يجدون في الأرض مكانا للعيش والرفاهية، فارتباطهم بالأرض ليس فكريا، وإنما وجودي، لكن حينما يفاجأون بصورة عكسية في البلاد التي يقيمون فيها، ويتدهور الوضع الأمني وتكثر الحروب، فإن نظرتهم إلى الوجود في الأرض التي يحتلونها سوف تتغير، ويلجؤون إلى مغادرتها».

وأشار إلى أن عددا كبيرا من فئة الشباب اليهود يهاجرون من إسرائيل تهربا من التجنيد الإجباري والمشاركة في صفوف الجيش، تخوفا من هلاكه بسبب حروب حكومته، وأوضاعها الأمنية المتدهورة.

رفض العودة

وأوردت الناشطة السياسية وعضو جميعة الدفاع عن حقوق المهجرين في أراضي الـ،48 دارين طاطور، من الناصرة المحتلة، أن القناة الإسرائيلية الرسمية الأولى بثت الأسبوع الماضي تقريرا ظهر فيه رئيس الجالية اليهودية في كندا يوني غولدشتاين، والذي قال معقبا على نداء رئيس الوزراء المنصرف إيهود أولمرت ومخطط أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «يسرائيل بيتينا» المعلن عنه بتهجير العرب «على القادة في إسرائيل أن تنتبه إلى مشروعها لاستقطاب اليهود، والحذر من ملف التهجير المعلن من قبل ليبرمان للعرب، لأن فيه خطرا كبيرا على وجود إسرائيل».

وكشف غولدشتاين في التقرير أن ما يقارب 85٪ من يهود مونتريال التي يعرف عنها أنها تضم أكبر تجمع يهودي في العالم في كندا، هاجروا من إسرائيل ولا بفكرون في العودة إليها، ولا حتى تلبية النداءات المتكررة من قادة إسرائيل على الرغم من كل إغراءاتهم.

ولفت غولدشتاين إلى أن رفض ما يقارب 15 ألف يهودي دعوات إسرائيل خلال عامي 2007 ـ 2008 بالعودة إلى العيش داخل حدود الحكومة الإسرائيلية، بعد أن هاجروا منها.

وأفادت طاطور أن التقرير التلفزيوني تناول مشروع ليبرمان الذي يهدف إلى إحضار 700 ألف يهودي إلى إسرائيل من أنحاء العالم كافة، واختيار الأغلبية الساحقة البقاء، وعدم الهجرة إلى إسرائيل، وذلك بسبب اكتشافهم كذب المسؤولين فيها، وأن كل الإغراءات غير موجودة على أرض الواقع.

حقائق وأرقام

وكانت إحصائيات ودراسات إسرائيلية صدرت سابقا، حذرت من هجرة السكان اليهود خارج حدود إسرائيل، وخصوصا فئة الشباب، ففي منتصف مايو ،2008 نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نتائج استطلاع شامل للرأي في ذكرى قيام الدولة اليهودية (النكبة الفلسطينية) الستين، ومن أهم ما جاء فيها أن 33٪ فقط من الجمهور اليهودي لن يفكروا بالهجرة من إسرائيل، بينما أعلن 64٪ استعدادهم للهجرة العكسية لأسباب مختلفة.

وقال 24٪ إنهم يفكرون في الهجرة إذا لم تعد لديهم ثقة بمستقبل إسرائيل دولة تضمن مستقبل أبنائهم. وقال 12٪ إنهم قد يهاجرون بسبب توتر الأوضاع الأمنية ونشوب حروب، و10٪ إذا ما تلقوا فرص عمل مغرية في الخارج، و8٪ بسبب قوانين الإكراه الديني، و5٪ بسبب أزمة اقتصادية كبيرة، و5٪ بسبب وجود نظام مخالف لرأي مستطلع.

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي من بلدة الناصرة نظير مجلي أن الهجرة اليهودية إلى إسرائيل انخفضت في 2008 إلى أدنى حد لها منذ قيام إسرائيل قبل 60 عاما، حيث لم يصل إليها السنة الماضية سوى 13681 يهوديا، غالبيتهم من روسيا، مبينا ـ ومن خلال مقارنة بسنة 1990 التي تعد الأعلى في نسبة الهجرة ـ أن نسبة الهجرة تكون انخفضت بـ94٪.

وقال مجلي «يجري حساب الهجرة إلى إسرائيل، وفقا لنسبة المهاجرين من عدد السكان، ففي بداية قيام إسرائيل، بلغت نسبة المهاجرين إليها بمعدل ستة في الألف، وفي سنوات التسعين، لدى الهجرة الكبرى من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا (1989 ـ 1999)، ارتفعت إلى 43 مهاجرا لكل ألف مواطن، وفي سنوات الثمانين من القرن الماضي، التي تعد سنوات الحضيض، انخفضت النسبة إلى 3.8 في الألف».

وتابع «لكن في ،2008 بلغت نسبة المهاجرين 1.9 في الألف، وهذه أدنى نسبة خلال الستين سنة الماضية، وفي لغة الأرقام المجردة، تشير إحصاءات الوكالة اليهودية إلى أنه في الثمانينات راوح عدد القادمين إلى إسرائيل ما بين 9 و24 ألفا، لكن في التسعينات، وتحديدا منذ انهيار النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي السابق في 1989 وحتى ،1999 وصل إليها نحو مليون مهاجر على مدى عشر سنوات، غالبيتهم من روسيا وأوكرانيا وغيرهما من جمهوريات الاتحاد السوفييتي».

وأوضح أن الهبوط الحاد في هجرة اليهود إلى إسرائيل بدأ في العام ،2001 حيث بلغ عدد المهاجرين 43580 مهاجرا، ثم 21180 في ،2005 أما في 2008 الماضي انخفضت إلى 13681 مهاجرا. وأن معدل أعمار المهاجرين الجدد إلى إسرائيل يرتفع باستمرار، ما يعني أن نسبة الشباب اليهود من المهاجرين تنخفض، حيث في الهجرة الأخيرة سنة ،2008 بلغ معدل أعمار المهاجرين 29 عاما (27 عاما في السنة السابقة)، وبلغت نسبة المسنين من جيل 65 عاما فصاعدا 11.4٪.

الأكثر مشاركة