10 ملايـين جائـع في موطــن أوباما الأول
لم يكد يمضي عام على الاضرابات العرقية الدامية التي شهدتها كينيا، حتى تطل عليها وبحضور قوي كارثة المجاعة التي تفشت بشكل متزايد في الأشهر الأخيرة حتى بلغ عدد الجوعى في هذا البلد الافريقي 10 ملايين شخص، ويعود هذا في بعض الأسباب الى المزارعين الذين فروا من منازلهم قرب المزارع العام الماضي هرباً من العنف ولم يعودوا إليها حتى الآن.
وكان من نتائج اعمال العنف تدني نسبة ثقة الشعب الكيني بحكومته التي انغمس معظم مسؤوليها، وغيرهم من كبار السياسيين في سلسلة طويلة من فضائح الفساد في السياحة والوقود والأسلحة والذرة وغيرها.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع دعا مسؤولون من الأمم المتحدة الى استقالة قائد قوات الشرطة والمدعي العام، بعد أن أظهرت تحقيقات أجرتها المنظمة الدولية ان أكثر من 500 شخص قتلوا على ايدي فرق الموت التابعة للشرطة، بينما يحث كثير من الكينيين المحكمة الجنائية الدولية على التدخل لمحاسبة مدبري اعمال العنف وتقديمهم للعدالة، لأنهم لا يثقون بالنظام القضائي وقدرته على ملاحقة سياسيين ومسؤولين بارزين متورطين في عمليات قتل منهجي.
وقال المدير السابق للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في كينيا مينا كياي، «هناك غضب كبير وعارم، وإذا لم نباشر العمل على حل هذه القضايا قريباً، فإن الامور قد تزداد تفاقماً وقد يحدث انهيار كامل»، وقد تم تشكيل حكومة ائتلافية العام الماضي من الحزب الحاكم والمعارضة بعد انتخابات كان هناك شبه اجماع وتأكد أنها مزورة، وقد نجحت تلك الحكومة في وقف اعمال العنف التي مزقت البلاد وأودت بحياة اكثر من 1000 شخص، لكن انجازاتها بقيت ضئيلة في مجالات اخرى، ومن الحقائق التي تبعث على الدهشة حقاً أن المسؤولين والسياسيين الكينيين هم بين من يتقاضون اعلى الاجور في العالم، على الرغم من ان بلدهم من أشد بلدان العالم فقراً.
وقال مدير معهد مكافحة الفساد في نيروبي جون غيثونغو «الفساد هو المادة اللاصقة التي تجمع هذه الحكومة وتبقيها متماسكة»، كما تراجع قطاع السياحة في كينيا بشكل ملحوظ، حيث لم تعد رحلات السفاري الأسطورية التي تميز كينيا، والتي تعد محرك الاقتصاد كما كانت عليه، إضافة الى انكماش عدد السياح الذين زاروا كينيا العام الماضي بنسبة 35٪ مقارنة بعام .2007
ولم يخف كثير من ابناء الشعب الكيني فرحتهم الكبيرة بفوز باراك أوباما المنحدر من أب كيني في انتخابات الرئاسة الأميركية واعتبروه منقذاً لهم، نظراً لشعورهم العميق بالاحباط وخيبة الامل تجاه قادتهم، بل وأقاموا الاحتفالات يوم تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة. ويشهد البرلمان الكيني جدلاً ساخناً بعيداً عن الاضواء حول قضايا العنف والاضرابات وضرورة الاصلاح الدستوري، والتصدي لسياسة الحصانة والافلات من العقوبة، ولكن من غير تحقيق تقدم، وبعد أن كانت كينيا من الدول الواعدة بالتقدم اصبحت بعد الانتخابات غير النزيهة، وأحداث العنف العرقية التي تلتها العام الماضي أرضاً للانقسام والنزاع تشد شعبها الى الوراء.