اليابان تتحسّر على أيام «عصابات الياكوزا»
اجتر رجل العصابات الياباني العجوز ذكرياته بحسرة قائلاً: «في تلك الأيام الخوالي تقدم الياكوزا-العصابات اليابانية-خدمة مفيدة للمجتمع، حيث تقوم بتسوية النزاعات المدنية وتجعل الشارع آمناً ونظيفاً من كل ما يعكر صفو السكان». ثم اخذ نفساً عميقاً من سيجارته، وكشف عن يد يزينها الوشم، وبدا بنصره المبتور بادياً للعيان، قبل ان يسترسل «فقدت الياكوزا هذه الأيام روح الساموراي وأصبح همها جمع الأموال».
الياكوزا عبارة عن مجموعات للجريمة المنظمة يعود تاريخها للقرن الـ17 الميلادي. وخلال الجزء الأكبر من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت هذه العصابات تعمل على المكشوف، ووجدت التسامح من افراد الشعب واستغلها السياسيون وقدمت لها الشرطة الحماية تحت مبرر ان الجريمة تحدث في جميع الاحوال، ولهذا من الافضل ان تعرف الشرطة المجرمين الذين تتعامل معهم لكي تستدعيهم عندما يتخطون الخطوط الحمراء.
في خمسينات القرن الماضي اعتمد الوزراء ومالكي المصانع على العصابات والمجموعات الوطنية لسحق النقابات والاشتراكيين. وكانت هذه العصابات لها كود سلوكي معين يصفه أنصار العصابات بالشهامة والرجولة والولاء- ضمنه مثلا التكفير عن خطأ عضو العصابة ببتر اصبعه.
بيد ان هذا النمط من العيش اندثر، حيث حدت الحركة الاقتصادية من مثل هذه الانشطة التقليدية التي تتطلب عضلات قوية وروح مغامرة.
ولتعويض هذا الفاقد لجأت هذه العصابات الى الاحتيالات المالية والجريمة الإلكترونية. وعلى الرغم من ذلك فإن الياكوزا تفخر بأنها لا تزال تحتفظ بأكثر من 84 الف عضو (نصفهم يعملون لنصف الوقت)، ويقدر ما يحصلون عليه من الاموال ما يعادل 21 مليار دولار في العام.
كما اصبح الجمهور اقل تسامحاً مع هذه العصابات بعد سلسلة اعمال العنف التي تعرض لها الشعب الياباني، والتي طالت أرواح الأبرياء. في عام 1992 حدد القانون المناهض للعصابات بوضوح السلوك غير القانوني وجرم الشركات المرتبطة بالياكوزا. كما شكل القانون مجموعة غير ربحية اطلق عليها «المركز الوطني لاجتثاث البريوكودان (مجموعات المجرمين)، لتقديم النصيحة للشركات حتى تتجنب الياكوزا وتشجيع المواطنين على تقديم الشكوى بهذا الخصوص. الا أن جهود القانون هذه لا يبدو أنها تعمل على اجتثاث المشكلة، ذلك ان المراكز التي شكلها في جميع انحاء البلاد تمنح وظائف وهمية لضباط الشرطة المتقاعدين، كما يؤكد كبار مسؤولي الشرطة. ويعتبر ذلك عودة لتقليد قديم يطلق عليه«اماكوداري»، أو منحة من السماء.