أردوغان يحقق مزيداً من الانتصارات السياسية
مازال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يحقق المزيد من الانتصارات السياسية على الصعيدين المحلي والدولي. فبعد انسحابه من ملتقى دافوس الأخير احتجاجا على الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، تقول استطلاعات للرأي إن إقليم الأكراد التركي يفضل حزب اردوغان على بقية الأحزاب العلمانية.
ومن المتوقع أن يكتسح الحزب الانتخابات البلدية التي تنظم قريبا. في حين بدأ حزب الشعب الجمهوري العلماني فاقدا الأمل في الفوز، حتى إنه خفف من حدة لهجته في ما يخص ما أسماه خطر قوانين الشريعة الإسلامية ومخاطر انفصال الأكراد عن الدولة التركية، بل إنه لجأ إلى ترشيح نساء محجبات لخوض الانتخابات والمطالبة بالاحتفال بالسنة الكردية الجديدة كعيد وطني. إلا أن تلك المواقف الجديدة للحزب العلماني لن يكون لها أثر كبير على الناخبين الأتراك الذين سيظل معظمهم على ولائهم لحزب العدالة والتنمية.
وتوجه انتقادات لأردوغان، منذ إعادة انتخابه بفارق كبير في الأصوات في انتخابات ،2007 بأنه بات يميل للاستبداد أكثر فأكثر، مبتعداً بذلك عن البرنامج الإصلاحي الذي جعل حزبه ينفرد بالسلطة للمرة الأولى عام .2002 ومما يزيد الطين بلة، كما يقول خصوم اردوغان، ان الاتحاد الأوروبي لايزال يراوغ في المحادثات المطولة بشأن طلب تركيا الانضمام إلى عضويته، ما قد يضعف همة رئيس الوزراء للإصلاحات في أنقرة.
وكخطوة أخرى نحو الاستبداد، يشير هؤلاء النقاد إلى الجدل الحاد والمستمر بين أردوغان وآيدين دوغان، أحد أبرز أقطاب الإعلام في البلاد، الذي كشفت مجموعته عن فضائح الفساد التي تورط فيها أفراد مقربون من الحكومة.
ويعتقد دوغان أن الكشف عن تلك الفضائح وراء دعوى ضده بالتهرب عن دفع ضرائب بقيمة 500 مليون دولار أميركي، وهو ما ينفيه جملة وتفصيلا. من جانبه يشكو مدير تحرير صحيفة ميليت، التابعة لمجموعة دوغان، صيديت إرغين من أن «تركيا أصبحت جمهورية الخوف».
وعلى الرغم من كل ذلك يظل أردوغان الزعيم الأكثر شعبية وجاذبية في نظر الناس العاديين في تركيا، منذ رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية الأسبق تورغوت أوزال. وتلخص سيدة كردية هذا المزاج العام بالقول إن أردوغان «واحد منا، فهو يعاملنا جميعا سواسية». بل إن شعبيته أرغمت حتى أعداءه، خصوصا الصقور من جنرالات الجيش التركي الذين حاولوا مرارا الإطاحة بحكومته، على تغيير منهجهم.
ومهما يكن تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد ودخل المواطن التركي، فإن اردوغان يبدو واثقا من نفسه جدا. هذا على الرغم من إدراك الزعيم التركي لمشكلة تخص صورته أمام الناس، الأمر الذي دفعه إلى تعيين متحدث جديد باسمه، أكثر جرأة وجاذبية، وأصبح أكثر احتكاكا بالصحافيين الأجانب.
وسعيا من الحكومة لدعم إصلاحاتها الاقتصادية والاجتماعية تقرر افتتاح أول قناة تلفزيونية ناطقة باللغة الكردية. كما دعت إلى تأسيس كليات للأدب واللغة الكردية في الجامعات الحكومية، ما يفتح الآفاق للمزيد من الإصلاحات. وبعد سنوات من العداء الذي ساد العلاقات بين أنقرة والأكراد العراقيين، بدأت أخيرا المحادثات بين الطرفين. ويقال إن صفقة أعدتها الحكومة، أصبحت جاهزة، تهدف إلى إنهاء القتال مع عناصر حزب العمال الكردستاني الذين يقاتلون الجيش التركي منذ ،1984 إلا أن القيادة العسكرية لاتزال مترددة في الموافقة.
وعلى صعيد المفاوضات للانظمام إلى الاتحاد الأوروبي فقد عين أردوغان اغمين باجيس، الذي يتحدث الانجليزية بطلاقة، كبير المفاوضين مع الأوروبيين، ما يعني أن الحكومة تنوي إطلاق جولة جديدة من المحادثات الجدية على الرغم من الشروط الصعبة التي وضعتها أوروبا.