العنف يشوّش على خطط الانسحاب الأميركي من العراق
وجد منتقدو خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما الخاصة بالانسحاب من العراق، مع تصاعد وتيرة العنف أخيراً، حصناً يتمترسون فيه للدفاع عن مواقفهم، ويتخذون منه حجة يستندون إليها في مواصلة انتقاداتهم لإدارة أوباما وخطتها والتمسك بمواقفهم.
فمنذ الخامس من مارس الجاري، قتل أكثر من 70 عراقياً واصيب عشرات في موجة تفجيرات في بغداد وضواحيها . وما لا شك فيه أن استمرار الهجمات يعتبر منبهاً لتذكيرنا بأن العراق مازال بعيداً عن الاستقرار والهدوء، ولتذكير العراقيين بأن حكومتهم هي التي شاركت مع الجانب الأميركي في ترتيب مواعيد الجدول الزمني لمراحل انسحاب القوات الأميركية والتي تنتهي مع نهاية عام ،2011 وأنه ليس أمامهم متسع من الوقت لتبديده، ولابد لهم من استكمال الاستعداد لذلك اليوم الذي يجد فيه العراقيون أنفسهم وحدهم بلا سند أو معين في تحمّل مسؤولية أمن بلدهم واستقراره.
ولم يمنع انتشار 136 ألف جندي أميركي في العراق وقوع هجمات أو عمليات تفجير في الأسابيع الأخيرة تماماً، كما لم يمنع هذا الوجود العسكري الأميركي في الأعوام السابقة، مثلما أنه لن يمنع وقوعها مستقبلاً بغض النظر عن حجمه.
ويقول الضابط العراقي الرفيع، عبدالكريم خلف، «لا يمكن لأحد أن يمنع انتحارياً من تفجير نفسه وسط جموع المدنيين، لأنه قادر على فعل ذلك قبل وصوله إلى أي حاجز عسكري أو نقطة للتفتيش، ولا يمكن لأي قوة أمنية مهما كان حجمها توفير الحماية لحشود المدنيين في الشوارع والأسواق، والذين يعتبرهم «الإرهابيون» أهدافاً لهم، حتى وهم جالسون في بيوتهم.
ويعرب الأميركيون عن شعورهم بأن العنف في العراق لن يتوقف، وسيشهد قفزات أو طفرات بين حين وآخر، غير أن ذلك ليس مبرراً لتعديل خططهم الخاصة بالانسحاب أو إعادة التفكير في الأسباب التي دفعتهم إلى وضعها، لكن ما هو أساسي بالنسبة للحكومة العراقية هو تحقيق أكبر استفادة ممكنة من الوجود الأميركي خلال الفترة المتبقية في مجالات الحصول على التدريب العسكري والتجهيزات والمعدات اللازمة لقواتها، والمشاركة في الدوريات الأمنية والعسكرية، استعداداً لتولي المسؤولية الأمنية كاملة عن استقرار البلاد بعد انسحاب القوات الأميركية.
وكانت صحيفة «دالاس مورننغ نيوز» من بين من عارضوا الدعوات إلى تسريع الانسحاب الأميركي من العراق، بل فضلت أن يكون الانسحاب مدروساً ومتأنياً وتدريجياً، طبقاً لجدول زمني يسمح ببقاء عشرات الآلاف من القوات الأميركية لأغراض التدريب وعمليات مكافحة الارهاب . وقد تخلى الرئيس أوباما عن خيار الإسراع في الانسحاب، والذي كان يميل إليه حتى وقت قريب، واختار الانسحاب المتعقل والمدروس، استناداً إلى جدول زمني منطقي ومدروس. وهذه هي الخطة الصحيحة والمناسبة لعراق اليوم، فالانسحاب البطيء بخطى ثابتة وواثقة هو السبيل الأمثل لضمان عملية تسليم السلطة كاملة إلى العراقيين بيسر، وانتقال مسؤولية أمن بلادهم واستقرارها إلى أيديهم بشكل سلس.