500 روانـدي يسرقـون تعــويضات ضحايا الإبادة الجماعية

مذابح رواندا الفصل الأكثر سواداً في تاريخ البشرية. أرشيفية

تمر 15 عاماً على ذكرى مذابح رواندا التي راح ضحيتها 800 ألف مدني، وفيما واصل واقع البيروقراطية والفساد الذي يسيطر على البلد الإفريقي في تسريع وتيرة القصاص من الجناة، تكشفت أدلة على تورط أكثر من 500 شخص في السطو على أموال الضحايا.

ففي مثل هذا الشهر من عام ،1994 جرت جرائم الإبادة الجماعية والحرب ضد الإنسانية التي شهدتها رواندا - إحدى أشد الدول فقراً في العالم أجمع - والتي هزت مختلف أرجاء المعمورة، واقتضت بالضرورة تشكيل محكمة جنائية دولية خاصة بمحاكمة المتورطين في الفظائع التي امتدت لأكثر من 100 يوم، وعلى الرغم من وحشيتها، إلا أن محاكمات مرتكبيها لم تبدأ إلا في .1997

وبعد مضي تلك الفترة على المذابح، فإن عدد الحالات التي تم استكمال التعامل معها قضائياً حتى الآن لم يزد على 41 حالة، بعد أن أصاب الترهل تلك المحكمة بسبب الروتين واستشراء الفساد، حتى وصل إلى موظفيها، وخصوصاً الذين يقومون بعمليات الإعلان، والتبليغ بتجاهل القيام بمهام عملهم، مقابل تلقيهم شيكات بمبالغ دسمة على سبيل الرشوة.

ومن الصعوبات التي شابت عمل المحكمة، أنها اتخذت من مدينة أروشا التنزانية مقراً لعملها، وليس البلد الذي شهد المذابح، إلا أن هذا لا يعني الفشل التام، فقد تم تطبيق القصاص المناسب بعدد من أبرز منفذي المذابح العرقية والعقول المدبرة لها من أبناء الهوتو ضد أبناء قبائل التوتسي، في رسالة واضحة مفادها أن العالم لن يسمح بأن يواصل مرتكبو جرائم الإبادة ضد الإنسانية تحركاتهم وحياتهم بحرية.

ويتساءل صحافيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان عن أية مكانة ستكون في التاريخ لأولئك العاملين في هذه المحكمة إذا كانوا لا يكفّون عن محاولاتهم عرقلة بلورة أرشيف خاص، بشأن مذابح رواندا والحفاظ عليه أو الاحتفاظ بأدلة ومعلومات، مهما كانت غامضة عن تلك المذابح التي توصف على نطاق واسع بأنها الفصل الأكثر سواداً في تاريخ البشرية.

وهناك فساد من نوع ثانٍ، هو أن لجنة تحقيق خاصة تم تشكيلها في بوروندي أعلنت وجود فساد في كيفية صرف المساعدات والتعويضات المالية للناجين من ضحايا الإبادة الجماعية، وقالت إنه تبين لها أن عدد الطلاب الوهميين الذين استفادوا من غير وجه حق من الصندوق الخاص بتلك المساعدات ارتفع إلى 519 طالباً.

وقال الناطق باسم الإدعاء العام، أوغستين نكوسي، إن اللجنة التي تم تشكيلها الشهر الماضي « توصلت إلى أنه بعد عمليات تفتيش ميدانية لأكثر من 517 مدرسة وتدقيق في قوائم الأسماء أن 76 طالباً كانوا يتسلمون حصتين، بينما لم يكن هناك وجود حقيقي لـ443 آخرين، وأنهم مجرد أسماء وهمية».

وأضاف إن أعضاء اللجنة اكتشفوا أنه لم تكن هناك عمليات متابعة دقيقة لكيفية صرف المساعدات والتقويم والإشراف في المدارس، وهناك اختفاء لكميات كبيرة من الفراش والأثاث والمتاع، ولأكثر من 1966 كتاباً و1215 قلما، وأن مديري ومعلمي ومسؤولي تلك المدارس لم يتمكنوا من تقديم تفسيرات منطقية لكيفية اختفاء هذه المواد، بينما قال المدعي العام في رواندا «مارتن نغوغا» إن تحقيقات متعمقة وتفصيلية بدأت للتو، وستتم محاسبة كل من يثبت تورطه.

وثمة أنباء عن رواية ثالثة عن الفساد في رواندا، تقول إن الشرطة اعتقلت الاسبوع الماضي ثلاثة من كبار المسؤولين في مضرب كوديرفام للأرز في منطقة نياغاتار (شرق ) بتهمة سرقة 5282 طناً من الأسمدة ومواد زيادة الخصوبة والإنتاج كانت خصصت للمزارعين في قطاع روكو مو.

وذكر قائد الشرطة المحلية في المقاطعة داميان غاسانا إنه يجري التحقيق مع المتهمين الثلاثة، وأن البحث جارٍ عن المورّد جوزيف روسانغانو لاستجوابه. وأفاد رئيس جمعية التعاون الزراعي في المنطقة بأن شركة إيطالية قدمت هذه الأسمدة والمواد المخصبة على سبيل المساعدة من خلال وكالات الأمم المتحدة عوناً للمزارعين وتشجيعاً على زيادة إنتاج الأرز.

ويتذكر قائد القوات الدولية لحفظ السلام التي كانت في رواندا في فترة المذابح، الجنرال دوميو دالير، قائلاً «إن أحداً لم يعبأ بانقاذ حياة الروانديين، ومازلت أعتقد بأنه لو قررت منظمة ما إبادة حيوانات الغوريلا الموجودة هناك سوف يكون رد فعل المجتمع الدولي أقوى».

وقال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان إنه يشعر بالندم إزاء مذابح رواندا، ويعتقد بأنه كان بإمكانه عمل المزيد لحشد الجهود الدولية لوقفها، وأن المجتمع الدولي مثقل بذنب عدم التحرك، وأنه خذل رواندا، وأن ذكراها تركت آثارها العميقة في قرارات كثيرة اتخذها بعد ذلك كأمين عام للمنظمة الدولية».

واعترف مجلس الأمن في إبريل 2000 بمسؤوليته بشأن عدم الحيلولة دون وقوع تلك الإبادة الجماعية، لكن الأمم المتحدة أعلنت السابع من أبريل يوماً دولياً لتذكرها.
عن «نيوتايمز» الرواندية.

تويتر