القضـاء ينظــر قضيــة عقـار قــتــل 9 أطفال نيجيريين
قضية طلاق كانت السبب الذي نقل الإثارة إلى مكتب ريتشارد التشولرز للمحاماة، في ولاية كونكتيكات الأميركية، عندما رن جرس الهاتف قبل تسع سنوات، وكان على الطرف الآخر للخط المتحدث المحامي الشاب اتيغو اوو من نيجيريا، الذي كان يحمل قصة غير عادية تتعلق بشركة «فايزر».
وكان المدعي العام في لاغوس يريد أن يدعي على أكبر شركة دواء في العالم، في حادثة غير مسبوقة لاختبار الآباء الأفارقة على شركة أميركية عملاقة. وإنه أراد المساعدة واختار اتيغو مكتب لاسيد التشولر، لأنه في عام ،1979 تمكن هذا المحامي من الدفاع عن صديق في نيجريا. وكان الاثنان على وشك الشروع في رحلة ماراثونية في عالم «شركات الدواء الضخمة».
وبعد مرور تسع سنوات، تكللت جهودهما بالنجاح وحققا تسوية بقيمة 50 مليون دولار، والتي سيتم نشر شروطها الأسبوع الجاري. ودفعت القصة الشبيهة بقصص أفلام هوليود أحد الكتاب إلى كتابةقصة فيلم .
وبالعودة إلى الحياة الواقعية، ففي 1996 احتاجت الشركة إلى اختبارات بشرية من أجل ما أملت منه أن يكون «نجاحا دوائيا كبيرا»، وهو مضاد حيوي يمكن أن يتم تناوله على شكل حبوب. وأرسلت الشركة التي مقرها الولايات المتحدة فريقا من أطبائها إلى مدينة كانو النيجيرية مع انتشار وباء التهاب السحايا المرعب، لإنجاز ماقالت إنه «مهمة انسانية»، لكن المدعين على الشركة يقولون إنها كانت اختبارا طبيا غير مرخص على أطفال يعانون من أمراض خطرة.
ووصل طاقم أطباء «فايزر» إلى المدينة في قمة انتشار المرض الذي قتل 11شخصا على الأقل. واتخذوا قاعدة لهم قريبة من محطة طبية، تديرها جماعة «أطباء بلا حدود» التي كانت تستخدم وسائل علاج مجربة لتخفيف المرض . ومن الذين تجمعوا في مستشفى كانوا للأمراض المعدية، تم اختيار 200 طفل مريض وأعطي نصف هؤلاء المرضى عقار «فايزر» التجريبي الذي يدعى تروفان، في حين عولج الباقون بمضاد حيوي مثبت من شركة منافسة لـ«فايزر». وكانت النتيجة وفاة 11طفلا، و من ثم زادت نسبة الوفيات .
وعانى أطفال آخرون من آثار جانبية تراواح بين فشل بعض الأعضاء إلى أضرار في الدماغ. وعلى الرغم من انتشار مرض التهاب السحايا والكوليرا والحصبة وتقاطر الناس إلى المستشفى، جمع أفراد فريق «فايزر» أمتعتهم بعد أسبوعين و غادروا المكان.
وربما كان ذلك نهاية للقصة، لولا موظف «فايزر» جوان والتربيل. وبعد نحو 18 شهرا على ذلك الاختبار الطبي، كتب الرجل رسالة إلى المدير التنفيذي للشركة وليام ستير، وقال له إن الاختبار شابه انتهاك لـ«القواعد الأخلاقية». وكان والتربيل قد طرد من عمله بعد يوم من رسالته، لكن الشركة أكدت أن سبب طرده ليس له علاقة بالرسالة.
وادعت الشركة أن خمسة أطفال ماتوا فقط، بعد أن أخذوا عقار تورفان وستة ماتوا بعد أخذهم حقن دوار روسيفين. وتقول شركة «فايزر» إن التهاب السحايا هو الذي اضرّ بالاطفال، وليس عقار التجربة. لكن السؤال المطروح هل كانالآباء يعرفون أن أطفالهم كانوا تحت اختبار طبي.
وقال الأب النيجيري مابام موسا زانغو «لا»، وادعى أن ابنه سومايلا الذي كان عمره 12 عاما أصبح أصمّ وأبكم، بعد مشاركته في التجربة. وأنكرت «فايزر» ذلك، وتقول إنها حصلت على موافقة الدولة النيجيرية وعائلات جميع الأطفال الذين شاركوا في الاختبار. وأبرزت الشركة رسالة إذن من لجنة أخلاقية في مستشفى كانو. واتضح أن تاريخ الرسالة يرجع إلى عام كامل قبل تشكيل اللجنة التي أنشئت بعد عام كامل من تاريخ التجربة.
وفي مرحلة معينة من العام الماضي، كانت الشركة على المحك لدفع عقوبات تصل إلى ثمانية مليارات دولار عن الأضرار التي سببتها، إضافة إلى احتمال صدور عقوبات بالسجن على بعض موظفي «فايزر» . وقال اتيغو «كان هناك شبكة معقدة من القضايا في كونكتيكتن ونيويورك، ولاغوس ، وأبوجا، وكانو». وأضاف «تتمثل استراتيجية الشركات الضخمة عندما تتعامل مع عناصر اصغر في توسيع العملية الى اكبر حد ممكن لإرهاقنا وجعلنا نقبل بأي شيء تعرضه علينا».
ولم يتحول تروفان إلى نجاح باهر كما أملت شركة «فايزر»، ولم تعمل على إنتاجه. وحظر الاتحاد الأوروبي العقار، وتم سحبه من أسواق الولايات المتحدة. ويبدو أن شركة «فايزر» أنهت كابوس العلاقات العامة بتسوية تمت الجمعة الماضي، لكن معركة تروفان لم تنته بعد. وفي نهاية يناير ،2009 قررت محكمة استئناف في نيويورك أن قضية اتيغو والتشولر يمكن طرحها في الولايات المتحدة. ويقول المدعي العام في كونكتيكتان أن هذه المحكمة يمكن أن تستمر .
لفقر آبائهم وجهلهم.. الأطفال الأفارقة ضحايا شركات الأدوية. رويترز