<p align=right><font size=1>اكتشف السادات بعد التوقيع أن لغة السياسة هي المصالح وليس حسن النوايا أرشيفية ـ أ.ف.ب</font></p>

30 عاماً على المعاهدة المصرية الإسرائيلية: لا حرب.. لا سلام.. لا حقوق عربية

عندما أطلق الرئيس المصري الراحل أنور السادات مبادرته المثيرة للجدل لزيارة القدس المحتلة في 19نوفمبر 1977 ،اعتبرت قطاعات في الشارع العربي أن طرحه سابق لعصره ،وتعزز موقف هولاء بإطار الخطاب الذي ألقاه السادات أمام الكنيست، والذي طالب فيه بالإنسحاب الكامل من الأراضي العربية ومنح الشعب االفلسطيني حقه في تقرير مصيره ،فيما عارضت قطاعات أخرى المبادرة معتبرة أنها طريقا للحلول الجزئية والاستسلام أمام الة العدوان الاسرائيلية . اليوم، بعد مرور 30 عاما على معاهدة السلام، تبدو وكأنها وقعت بالأمس.فحديث الحرب والسلام لازال مستمرا ،ولازال العرب غير قادرين علي تحقيق ولو جزء من مطالبهم، لا بالحرب التي أصبحت المسافة معها بعيدة، ولا على مائدة المفاوضات، والتي أصبح الوصول إلى تخومها أكثر صعوبة من الحرب .

«الكامب» حرب إسرائيل الرابعة على العرب
على الرغم من مرور 30 عاماً على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي بدأت بزيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس عام ،1977 فإن اللب الرئيس للمصالحة وخلفياتها لاتزال طي الغموض، سواء بالنسبة لأولئك الذين يؤكدون أن العملية وليدة ترتيبات ممتدة أسهمت فيها المغرب -جزئياً - ورومانيا الشيوعية بشكل مكثف -، بل والتي أرجع جذورها الصحافي الإسرائيلي ماتي حولاني في كتابه (المحادثات السرية لهنري كيسنجر) إلى عام 1972 (أي ما قبل حرب أكتوبر ذاتها)، أو حتى بالنسبة للذين يؤكدون أن الزيارة كانت بالبساطة التي رويت بها على لسان صاحبها (رواية جاءتني الفكرة وأنا فوق السحاب)، وأن أي تفسير غير ذلك يدخل في باب خزعبلات ووساوس نظرية التآمر.

والواقع أن الغموض المرمية به «مصالحة القدس»، ليس مرده فقط شخصية مطلقها نفسه -الرئيس أنور السادات - الذي كانت حياته مجموعة من الطلاسم سواء في علاقته بالألمان، والضابط الوطني عزيز المصري أو بحادث مقتل السياسي الموالي للإنجليز أمين عثمان، ثم محاولة اغتيال رئيس الوزراء المصري السابق مصطفى النحاس، أو في انتمائه لتنظيم الملك فاروق المسمى بالحرس الحديدي، أو فصله وعودته إلى الجيش، أو طبيعة علاقته بضباط يوليو وحقيقة ماحدث معه ليلة 32 يوليو .1952 لكن، مضافا إلى هذا غموض ملابسات إعلان المبادرة، ثم مساحة الهوّة بين ما أعلنه السادات كإطار لها «من التزام بحل شامل يستند إلى انسحاب إسرائيلي كامل من جميع الأراضي العربية ومنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره» - وبين المصير البائس الذي انتهت إليه في كامب ديفيد 1978 من انسحاب شكلي أو إعادة سيناء منقوصة السيادة ومشروع حكم ذاتي في الضفة، لم تضع عليه إسرائيل توقيعها، قبل أن تؤكد أنه يخص «السكان لا الأرض» ، وأنه «إداري لا سياسي ولا حتى تشريعي » وأنه غير مفتوح مستقبليا - أي بعد فترة الخمس سنوات المرحلية - لا على استفتاء ولا شبح تقرير مصير.

اللافت أن الموافقين على نظرية «الأبواب الخلفية» للمبادرة - والرافضين لها - يمكن أن يجدوا خلافهم هذا مجرد سجال نظري بمجرد متابعة تواليات رحلة المصالحة، بمنظور أن النتيجة واحدة، وأن الأهم راهناً قراءة كيفية تحول صلب الاتفاق وتآكل آليات الممانعة (بلغة 2009) والتبدل التدريجي لخطاب المفاوض المصري، وتبنيه لجل خطاب خصمه الإسرائيلي عبر شبكة معقدة من الضغوطات والمبادلات وأيضا الصياغات.

ترنحت مبادرة السادات، بمضمون شهادة وزير خارجيته محمد ابراهيم كامل، بفعل ثلاثة عوامل أساسية، هي اعتقاد السادات غير المبني على أسس بأن مجرد زيارته لإسرائيل ستقابل بتقديم الأخيرة لتنازلات جوهرية، وثقته المطلقة بمساندة الولايات المتحدة على الأقل بعد الانتقال بلا مقابل بمصر من فلك السوفيات وعدم الانحياز إلى المدار الأميركي، علاوة على تصور السادات أن وضعه «كزعيم محنك» لا يجعله بحاجة لخبرة أو مشورة مؤسسات صنع القرار السياسي في بلده والتي تعامل معها بوصفها جهات بيروقراطية معيقة، وخصوصا وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي .

فقد اعتبرت المؤسسة السياسية الإسرائيلية بدم بارد أن الهالة التي أحاطت مبادرة القدس لا تعنيها، وأن حصاد كسر حاجز التعامل معها أو فتح شق في جدار «الجيتو» يمكن كسبه ووضعه في المقطف من دون التوقف عنده، والأهم محاصرة المبادرة سياسيا ودبلوماسيا وامتصاص قوة دفعها، ثم إعادة انتاجها على مقاس المتطلبات الإسرائيلية.

ومن اللحظة الأولى، أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها مناحيم بيغن - ردا على خطاب السادات في الكنيست المطالب بإعادة كافة الحقوق العربية استنادا لقرارات أممية - بأن «كل شيء قابل للتفاوض، ولا يحق لأي طرف فرض شروط مسبقة».

كذلك تمسك بيغن قبل لقاء الإسماعيلية، وهو أول اجتماع بعد زيارة القدس، على تشكيل لجنتين عسكرية وسياسية، مصرية اسرائيلية مشتركة ، يكون مقرها القدس (بما يحمل اعترافا ضمنيا بوضعها)، كما أعلن في اللقاء «أن انسحابه من سيناء مرهون بنزع سلاحها، وأن إسرائيل تعتزم الاحتفاظ بربع شبه الجزيرة، بما في ذلك أراض تضم مستوطنات ومطارات عسكرية ومحطات إنذار مبكر». وعندما حاول المفاوض المصري عصمت عبدالمجيد مقاطعته، رد بيغن بشراسة «ألم تطالبوا بإلقاء إسرائيل في البحر - خضتم حربا عدوانية ومن حق إسرائيل قانونا الاحتفاظ بالأرض التي احتلتها دفاعا عن نفسها».

وتواصلت الهجمات الإسرائيلية على المبادرة من مسؤوليها بيغن وموشيه ديان وإرييل شارون، وركزت على أن قرار مجلس الأمن الدولي 242 لا يشمل من وجهة نظرهم الضفة الغربية، وأن السلام هو تنازلات إقليمية متبادلة. وظل هذا الدور في تصاعد، إلى أن وصل إلى ذروته برفض «الورقة الأميركية»، بعد شهور مضنية من التفاوض، وقبل أيام من توقيع الاتفاق وفرض جل نقاط الورقة الإسرائيلية، استنادا إلى تعهد أميركي لإسرائيل صاغه وزير الخارجية هنري كيسنجر عام .1975

على صعيد موازٍ، كان الموقف الأميركي نموذجا للرمادية والخداع، حيث ركز على مبدأ واحد، هو «استمرار المفاوضات حتى ينتج عنها حل وسط نتيجة تنازل الطرفين»، وتخلى خطوة فخطوة عن كل ما التزم به، سواء بشأن مرجعية القرار الأممي ،242 أو البيان الصادر عن البيت الأبيض عقب زيارة السادات لواشنطن في 8 فبراير .1978

أما الرئيس السادات، فظل يقفز من تراجع إلى آخر، فقبل صيغة «العرب الفلسطينيين في الضفة» بدلا من «الشعب الفلسطيني» في الأيام الأولى من التفاوض، ثم قبل عبارة «تعديلات طفيفةفي الضفة» ثم مشروع بيغن للحكم الذاتي بالكامل . وفي اللحظة المناسبة، وعبر تصدير موشيه ديان في المفاوضات، انتقل نقاش التنازلات إلى سيناء، واضعا السادات الذي كان ربما يعتبر مطالباته العربية سقفا للحفاظ على حد أدنى للحقوق المصرية في مأزق ، خصوصا أن الرئيس المصري كان دخل وقتها فيما يشبه الحرب مع خارجيته (التي استقال على التوالي وزيراها)، واستعاض بآلية «اللقاء الثنائي» مع كارتر أو بيغن عن «المفاوضات الموسعة».

انتهت كامب ديفيد إلى مأساة حقيقية، على الرغم من أن قطاعاً في الرأي العام المصري والعربي اعتقد أنها بداية ممكنة لتسوية. وفي حين حققت إسرائيل نصرا جديدا، بإخراج مصر من الصراع من دون كلفة وإعادة سيناء منزوعة السيادة، وإحباط أمل التوصل إلى حل عربي شامل وقطع الطريق على حل المشكلة الفلسطينية، وضعت السياسي العربي الوحيد الذي قفز في الهواء باسم صنع السلام في مأزق مع شعبه ومحيطه العربي وأطراف في المجتمع الدولي، بل وانتهى الأمر في خاتمة المطاف إلى أن يدفع الرجل حياته ثمنا تحصيليا لقراره وخياراته . والأهم من هذا أنها قطعت الطريق على تفكير شعبي ورسمي في العالم العربي كان في بداية تبلوره، بأن للسلم كما للحرب أفقاً وارداً في المنطقة العربية.

سفير مصر السابق في إسرائيل الاتفاقية خطوة نحو الحل الشامل

خالد محمد علي ــ القاهرة قال سفير مصر السابق في إسرائيل محمد بسيوني إن مصر تحترم التزاماتها التي جاءت في معاهدة كامب ديفيد عام ،1979 مشددا على أن نص الاتفاقية لا يلزم مصر بعقد احتفالات بذكرى مرور المعاهدة. وكانت الصحافة الإسرائيلية شنت حملة على مصر، بسبب استنكاف سفيرها عن المشاركة في احتفالات ذكرى توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية .

وقال بسيوني« لن نقوم بعمل علاقات ثنائية شاملة بين مصر وإسرائيل فقط، لكن ذلك يتم في إطار سلام شامل وعادل ودائم، واعتبرنا معاهدة السلام خطوة أولى على طريق السلام الشامل والعادل، ما يعني ضرورة التحرك في المسيرة السلمية على المسارات المختلفة. وإذا حدث تعثر في إحداها، فذلك يؤثر بالضرورة في العلاقات بين البلدين، وتأتي الاحتفالات فقط عند تحقيق السلام الشامل، خصوصاً أنه لم يأت بند في الاتفاقية متعلق بالاحتفالات» وتساءل بسيوني : هل المواطن المصري يستطيع العيش بعيدا عن الممارسات الإسرائيلية في المنطقة؟ وهل العدوان الإسرائيلي على غزة أخيراً يخلق مناخاً للاحتفال تحت أي مستوى؟ وهل الشعب المصري الذي يشاهد المذابح الإسرائيلية للأشقاء في فلسطين يمكن أن يسمح بعقد أي مظاهر احتفالية، حتى ولو كانت في الغرف المغلقة؟

وأكـــد أنه عندما تستجيب إسرائيل للنداءات المطروحة، خصوصاً مبادرة الســــلام العربية، من الممكن أن تجد علاقات طبيعية مع مصر. وأعرب عن تخوفه من الاتجــــاه اليميني المتطرف الذي بات سمة رئيسة للمجتمــــع الإسرائيلي وإفرازاتة التي وضحت في الانتخابات الأخيرة، وإن كـــان أكد ضرور الانتظار حتى يتم اختبار الحكومة الجديدة على أرض الواقع، إذ لا يمكن أن نحكم على تصريحات وأقوال.

وأشار بسيوني إلى رفض مصر لما يسمى بالسلام الاقتصادي الذي طرحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشددا على أن ذلك يتصادم مع الرؤية الدولية لحل الصراع، ويتناقض مع كل الاتفاقيات التي وقعتها حكومات إسرائيل المتعاقبة مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وآخرها خارطة الطريق، ويتعارض أيضا مع رؤية حل الدولتين الذي تتبناه الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية، مشددا على أن الموقف المصري سوف يتحدد بناء على تصرفات الحكومة الإسرائيلية الجديدة على أرض الواقع، بغض النظر عمن يحكمها .

  قالوا عن كامب ديفيد
« أسبوع إيه اللي انتظره في كامب ديفيد يا محمد. إيه انت فاكر نفسك دبلوماسي؟ ».
السادات لوزير خارجيته محمد إبراهيم كامل

«هاجمتني كوابيس بشعة عما قرأت بشأن ما تفعله المخابرات الأميركية والموساد، ماذا لو تخلصوا مني بشكل أو بآخر؟ ماذا لو انفض المؤتمر ومضى أصحابه.. وتركت بلا صاحب بلا مال ولا حتى جواز جواز سفر، وماذا عن مستقبلي وعائلتي وأولادي؟».
محمد إبراهيم كامل بعد استقالته من معسكر كامب ديفيد

«اتفاقات كامب ديفيد التي وقعتها مصر مع إسرائيل هي سبب كوارثنا داخليا، وتراجع دورنا خارجيا، وأتساءل: هل تتمتع مصر اليوم بسيادة حقيقية على سيناء، وهل هي مفتاح الحرب والسلام في المنطقة؟».
المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر مهدي عاكف

«لم تجن مصر شيئا من المعاهدة، بينما حققت إسرائيل مكاسب كثيرة، وأعلنت أكثر من مرة أنه يمكنها إعادة احتلال سيناء في أي وقت، ولم يتحقق أي حل للقضية الفلسطينية».
العضو المؤسس في الحركة المصرية للتغيير«كفاية»أحمد بهاءالدين شعبان

« إمكانية تعديل اتفاقات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واردة، ولكن شرط موافقة الطرفين، وخصوصا في ظل متغيرات عديدة تستدعي ذلك ».
وزير الدولة المصري السابق للشؤون الخارجية بطرس غالي

«كيف يستمر العمل بتلك الاتفاقات طوال تلك الأعوام، في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بالاعتداء على الشعب الفلسطيني ليل نهار، فهي سلاح ضد مصالح الأمة، وكشفت التجارب أن الإسرائيليين يبنون مجدهم على الحرب ونبذ الآخر والاستيلاء على الحقوق العربية».
مفتي مصر السابق نصر فريد واصل

«عدم احتفال النظام المصري بمعاهدة السلام مع إسرائيل محاولة منه لتحسين صورته أمام الرأي العام العربي والإسلامي».
عضو مجلس الشعب زعيم حزب الكرامة حمدين صباحي

«ادعاء النظام المصري بأنه يكره كامب ديفيد أمر مشكوك فيه، ذلك أن التعاون مع إسرائيل قائم على قدم وساق في العديد من المجالات، بشهادة رموز الحكم في كلا الجانبين».
زعيم حزب الغد المعارض أيمن نور

«اتفاقات كامب ديفيد ربطت مصر وإسرائيل بالنوايا الأميركية الحسنة».
رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي غاري أكرمان

«الالتزامات الدولية لمصر لا تمنعها من الدفاع عن أراضيها ضد كل من تسول له نفسه الاعتداء على أمنها، وهي قادرة بقواتها المسلحة وشعبها على الوقوف سدا منيعا، يردع كل معتد من دون تعديل لاتفاقات كامب ديفيد أو غيرها »
رئيس مجلس الشورى وأمين عام الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) صفوت الشريف

الأكثر مشاركة