معركة خاسرة
المعركة الإعلامية الرديئة التي اندلعت بين صحف قومية مصرية وأخرى عربية من جهة، ومعسكر مقابل ضم مطبوعات بعضها مصري مدافع عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله من جهة أخرى، عكست أننا لانزال في المربع واحد، عام 1960 مثل عام ،2009 وزمن جبهة الصمود والتصدي مثل عصر الاعتدال والممانعة، والعربي هو العربي، كائن بشوش حتى تبدأ خلافاته، ولحظتها يتحول إلى البدائية الأولى صراخاً وتشويهاً وتشويشاً على كل ما عداه.
فقد غابت المهنية عن المعركة وتلاها اختفاء الموضوعية، وتخطى مستوى تدني القاموس المستعمل في الدرجة الأولى من السلم، إلى ألفاظ التخوين والعمالة، ثم انتقل في الدرجات التالية إلى ما هو أبشع من ألفاظ اختفت من فرط منافاتها للآداب العامة من معارك الحواري الصغيرة، لتعود مجدداً إلى مانشيتات الصحف العربية. كانت المجابهة السياسية العربية الأخيرة ـ فرصة لو أحسن استخدامها ـ لإدارة حوار راقٍ ومطلوب بين طريقتين في التفكير على الساحة العربية عن حدود فاعلية المفاوضة أو المقاومة في ظل المعادلة المعاكسة الحالية، كما كانت فرصة أيضاً لترسيم خارطة طريق رداً على أسئلة جوهرية ومشروعة في الشارع العربي، عن الحدود الفاصلة بين تأييد حق الكفاح الوطني المشروع من دون الوقوع في براثن نفوذ اقليمي، أو تبني منطق التسوية السلمية من دون الاستسلام لأجندة هيمنة كبرى، وعن مستوى التمييز بين مصالح الدولة الوطنية العربية، وحقها في سيادتها من جهة، والإيمان بالحلم العربي الواسع وقضاياه المركزية، بل حتى فرصة وبلا حرج، لإدارة حوار متزن عن بعض التباسات الدور المصري، ما انطلق من التزام عربي أو من مصلحة وطنية مصرية أو من محاذاة لتعهدات كا مب ديفيد.
لا يمكن بحثاً عن الحقيقة، تحميل كل الأطراف مسؤولية متساوية، لكن في المقابل يسهل القول إن الجميع أسهم بقدر، وأن شارع الصحافة العربي حتى ما ابدى منه مستقلاً، أخفق في تقديم خطاب إعلامي جديد يلتزم الحرفية والدقة والحيادية والبعد عن البروباغندا وأسلوب الحملات.
كان الكاسب من المعركة جماعات مصالح وأشخاص وأجنحة في السلطة، لكن قبل هؤلاء القوة الأكثر تطرفاً في دولاب الحكم الإسرائيلي الحالي، ربما لأن هذه القوة بالذات، فشلت في أن تقنع العالم بأن تناقضها مع الوطن العربي والعالم الإسلامي أقل أهمية من التناقض داخلهم، فجاءت «المناحة الصحافية العربية».. متطوعاً مجانياً للقيام بالمهمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news