العداء لليهود وجه آخر للتناقضات في فرنسا
تسببت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة في تجدد أعمال العنف ضد اليهود في فرنسا، الأمر الذي أثار مخاوف باريس التي تقوم بتحقيقات واسعة محاولة منها لاحتواء الموقف.
ويتعرض اليهود إلى مضايقات عقب كل تصعيد في الأراضي المحتلة، حتى أصبح العداء لليهود من طرف المسلمين في فرنسا وجهاً آخر للتناقضات الاجتماعية في البلاد. وتكتسب فرنسا خصوصية في هذا السياق، حيث يوجد في البلاد ملايين المسلمين من أصول عربية، ويعتقد هؤلاء أن الجالية اليهودية تلقى معاملة أفضل منهم رغم عددها القليل مقارنة بـ10 ملايين مسلم، حسب التقديرات غير الرسمية. ويوجد الآن نحو 700 ألف يهودي في فرنسا من أصل 15 مليون يهودي في العالم.
وتعود بداية ظهور النفوذ اليهودي في فرنسا إلى الثورة الفرنسية، إذ أصدر البرلمان الفرنسي «الجمعية الوطنية» في عام ،1791 قانوناً لتحرير اليهود الفرنسيين ومنحهم حقوقاً مساوية لغيرهم مثل المواطنين، وألغيت القوانين المقيدة لحرياتهم ونشاطاتهم.
وكان نابليون بونابرت أول من فكر عملياً في إنشاء دولة يهودية تابعة للإمبراطورية الفرنسية في فلسطين، طمعاً في مساعدتهم له في حملته لغزو الشرق. ومن أشهر هذه المنظمات «الحركة الصهيونية في فرنسا»، و«مجلس المثقفين اليهود من أجل إسرائيل».
ودخل العديد من المنظمات اليهودية في تنظيم موحد منذ عام 1977 تحت اسم «المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا» الذي يرأسه آلان روتشيلد.
وعلى الرغم من النفوذ اليهودي القوي في فرنسا، والمتداخل في مجالات عدة، فإنه أقل من نظيره في الولايات المتحدة. ويعود ذلك إلى عدد اليهود في كل بلد. إلا أنه من الملاحظ أن النفوذ اليهودي في فرنسا هو أكبر نفوذ يهودي في أوروبا. وهذا النفوذ قديم ومرتبط بالحياة اليهودية في المجتمع الفرنسي، وقد ازداد بعد قيام إسرائيل ومشاركتها في العدوان الثلاثي مع فرنسا وبريطانيا على مصر.
وتوجه أطراف غير فرنسية انتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي نيكول ساركوزي الذي يقولون انه متحيز لما يسمى «اللوبي اليهودي في فرنسا»، كونه من أصول يهودية. وفي ذات السياق شارك الرئيس الفرنسي في العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا «كريف»، قبل أسابيع، حيث قال «ان مسألة سلامة الجالية اليهودية تعني كل الجمهورية الفرنسية».
وتابع ساركوزي «لا مكان للمعادين للسامية والمناهضين للإسلام والعنصريين على اراضي الجمهورية الفرنسية، من مسؤوليتي ومسؤولية وزير الداخلية والسلطات ضمان سلامة الجميع. ولسوء الحظ أحياناً تتسبب احداث دولية في بعض التوتر، وهذا امر مؤسف».
عن «لوموند»