«الكــلاب» تعني الكثيـر في سيــاسة أميركا

لعل الرئيس باراك أوباما، الأحدث بين الرؤساء الأميركيين الذي يكتشف إخلاص وصداقة الكلب وقوة رمزيته السياسية. ولعله أيضاً اتبع نصيحة الرئيس الاميركي الأسبق، هاري ترومان، «إذا أردت صديقاً في واشنطن فاقتنِ كلباً».

وقد طبق أوباما هذه النصيحة الأسبوع الماضي ليجلب كلباً برتغالياً جميلاً الى البيت الأبيض، أطلقت عليه العائلة الرئاسية اسم «بو»، ويتميز الكلب الاميركي الأول إذا صح التعبير - البالغ من العمر ستة أشهر - بفرو حريري اسود طويل وناعم.

والأهم من ذلك ان عائلة اوباما ادركت ما يعنيه الكلب في السياسة الاميركية، وان بامكانه ان يضعف او يقوي المستقبل السياسي لصاحبه. وتعلمت ايضاً من درس ترومان الذي فقد شعبيته اثر قراره غير الموفق في التخلص من كلبه «فيلر» والذي جاءه هدية في أعياد الكريسماس عام ،1947 حيث أهداه بدوره إلى طبيب البيت الأبيض، وكانت النتيجة استياء محبي الكلاب من الأميركيين من هذا القرار، وأصبح «فيلر» يعرف بـ«الكلب غير المرغوب فيه».

وخلال مناسبتين على الأقل استطاعت الكلاب أن تنقذ سمعة الرئيس الأميركي (أو الرئيس المتوقع)، ولعل أشهر واحد من بين تلك الكلاب هو ذلك الذي يخص الرئيس السابق ريتشارد نيكسون «تشيكرز»، الذي استخدمه في خطاب أدلى به في التلفزيون عام 1952 ليدافع به عن نفسه أمام الأمة الأميركية بعد الاتهامات بالفساد التي وجهت إليه. وكان نيكسون في ذلك العهد سيناتوراً ومرشحاً نائباً للرئيس في الانتخابات الرئاسية، وتعرض لاتهامات بإساءة استغلاله أموالاً كانت مخصصة للنفقات السياسية، وردّ نيكسون على ذلك بتقديمه في التلفزيون خطاباً مسّ شغاف قلوب الامة الأميركية، نافياً احتفاظه بأي اموال تبرعات لنفسه، وأكد «أن التبرع الوحيد الذي احتفظ به لنفسي هو كلبي تشيكرز»، ومنذ ذلك الوقت أصبح «خطاب تشيكرز» يرمز لكل خطبة سياسية تستغل المشاعر لحد يثير الغثيان.

وجاءت فكرة ذلك الخطاب، كما يقر نيكسون، من حديث ناجح قدمه الرئيس فرانكلين روزفلت قبل ثماني سنوات من ذلك، ولم يكن روزفلت خطيباً بارعاً، لكن واتاه الحظ في خطاب عرف في ما بعد بخطاب «فيلا» نسبة لكلبه، والذي ألقاه عام .1944

ولعل الكلب «فيلا» من أشهر الكلاب الأميركية الرئاسية احتفاءً به، وله نصبه الخاص في واشنطن دي سي، وخلال معركة «بلج» كان الجنود يختبرون هوية الألمان المتسللين بان يطلبوا منهم ذكر اسم كلب الرئيس. وجاءت فكرة خطاب «فيلا» عندما روج الجمهوريون شائعة مفادها بأن الرئيس نسي كلبه خلفه خلال رحلة إلى جزر اليوتيان وأرسل في ما بعد مدمرة لجلبه، حيث اعتبروا ذلك تكلفة عالية يتحملها دافع الضرائب، وأصبح ذلك فضيحة وطنية.

وأعلن روزفلت ساخراً أمام الأمة، «إنني لا امتعض من الهجوم ولا حتى عائلتي تمتعض لكن (فيلا) يمتعض من ذلك»، وأضاف «تعلمون ان (فيلا) كلب اسكتلندي، وكونه اسكتلندياً فإن روحه الاسكتلندية استشاطت غضباً عندما علم بالقصة الخيالية التي نسجها الجمهوريون في الكونغرس وخارجه».

ومن بين رؤساء أميركا الـ44 لم يحتفظ بالكلاب في البيت الأبيض سوى رئيسين هما تشيستر ايه ارثر وفرانكلين بيرس.

وعودة الى عهد الرئيس جورج واشنطن كانت هناك ثلاثة كلاب رئاسية من نوع صائد الثعالب: درنكارد، وتبلر، وتبسي. ويقول الطبيب البيطري والمؤلف، بروس فوغل، «ينبغي أن يقتني الرئيس الاميركي كلباً» ويضيف، «إذ إن الكلاب ترسل إشارات قوية للناخب الاميركي، ففي الثمانينات كانت هناك لائحة جمهورية تأمر المرشحين بان لا يضيعوا أي فرصة للتصوير بجانب كلابهم، والامتناع منعاً باتاً بالتصوير بجانب قططهم، لأن الكلب يرمز للملازمة والرجولة والاستقرار والخلفية الأسرية، وان القطط تقترن أكثر بالفساد والأنوثة».

وكان للرئيس أبراهام لينكولن كلب مخلص أسماه «فيدو»، ولدى الرئيس وارن جي هاردينغ آخر أطلق عليه «لادي بوي» والذي يجلس على كرسي مخصص ليجلس عليه خلال الاجتماعات رفيعة المستوى. وكان للرئيس ليندون جونسون كلب خلاسي يغني معه في شكل ثنائي «دويتو».

واحتفظ جيرالد فورد بكلبة تم تدريبها لتنبه مساعديه بذيلها على نهاية الاجتماع في الوقت الذي يريده هو. وفاقت مبيعات السيرة الذاتية لكلبة بوش الأب مبيعات السيرة الذاتية لصاحبها.

وفي الوقت الذي تشتهر فيه العائلة البريطانية المالكة بحبها للكلاب فإن رؤساء الوزراء البريطانيين لا يحبون اقتناءها.

ويقول فوغل إن مالكي الكلاب يحسون بالشعور نفسه الذي ينتاب الأطفال بجانب أمهاتهم، «وان الكلاب تعيدنا للحظات الأولى من طفولتنا المبكرة»، ويرى أن ذلك يقترن بما يمكن تسميته بـ«الحب المفرط»، وهو الشيء الذي يعتقد أصحاب الكلاب أن كلابهم توفره لهم.

تويتر