تنامي المخاوف العالمية من تحوّل «أنفلونزا الخنازير» إلى وباء خطر
هرعت حكومات في شتى أنحاء العالم أمس للتحري عن معلومات بخصوص انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير الذي قتل ما يصل إلى 81 شخصا في المكسيك، وأعلنت في الولايات المتحدة حالة الطوارئ الصحية وقد أصيب نحو 10 أشخاص، وفي اسبانيا اعلن عن رصد ثلاث حالات في حين اكدت كندا تسجيل اربع اصابات.
وفي التفاصيل، تجمع المكسيكيون داخل منازلهم، في حين بدأت المستشفيات في الولايات المتحدة رصد المرضى الذين ظهرت عليهم أعراض أنفلونزا، كما بدأت دول أخرى في إجراء فحوص طبية في المطارات، مع تحذير منظمة الصحة العالمية من أن الفيروس يمكن أن يصير وباء عالميا، وأن يتطور ويصبح أشد خطورة بكثير .
وقال الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون في الوقت الذي رصد فيه مسؤولون في قطاع الصحة حالات إصابة مشتبه فيها في ست ولايات من الجنوب إلى الحدود الشمالية «نتابع لحظة بلحظة تطور هذه المشكلة في شتى أنحاء البلاد»، وأصدر الرئيس مرسوما رئاسيا بعزل المصابين.
أسئلة وأجوبة
دفعت « أنفلونزا الخنازير» التي تسببت في حالات وفاة في المكسيك منظمة الصحة العالمية إلى قرع ناقوس الخطر، ولكن ليست هناك «دواع للقلق بوجه خاص»على ما رأت الطبيبة البيطرية والبرفيسورة الفرنسية جان بروجير بيكو. -هل «أنفلونزا الخنازير» مرض خطر؟ --انه ليس مرضا نعتبره خطرا،«اتش1ـ ان1» يسبب أنفلونزا عادية لدى الخنزير وليست خطرة، إن انتقل الفيروس إلى الإنسان. وفي مجمل الأحوال، إنه ليس مرضا يعتبر إعلانه إلزاميا لدى الخنزير. ينتقل الفيروس عن طريق العدوى بين الحيوان الحي والإنسان، لكنها في الأغلب أعراض لانفلونزا غير خطرة. وفي حال أصبحت« أنفلونزا الخنازير» خطرة على الإنسان سيكون مربو الخنازير على رأس المصابين. فإن أصبحوا مرضى حقا عندئذ يمكن أن نقلق. وليست هي الحال الآن في المكسيك، فلم يحصل انتشار وبائي لأنفلونزا الخنازير، ولم يصب أي مربي خنازير، إنه في الوسط المديني، وليست مشكلة مربي خنازير. -هل هناك خطر انتشار وبائي على نطاق واسع؟ --هل يمكن القول إن هناك فعلا خطر انتشار وبائيا عاما، منذ شهر، ومحدد المكان، ولم ينتشر على نطاق واسع؟ أي وباء عام ينتشر بسرعة كبيرة، هذه الأنفلونزا مضت، بلغت أوجها في أبريل وباتت في مرحلة تراجع، وليست في مرحلة انتشار مع خطر وباء عام. فبالنسبة لأزمة الالتهاب الرئوي الحاد اللانمطي (في 2003) كان هناك ثمانية آلاف مريض و800 وفاة. كانت هناك فعلا دواع للقلق، أما الان فالفيروس هو «اتش1ـان1» لأنفلونزا خنازير عادي وليس من دواع للقلق، لا أرى أن هناك دواعي للقلق بشكل خاص». -كيف يفسر هذا العدد المرتفع للوفيات في المكسيك؟ --قد يكون هناك فيروس جديد، لكن يوجد ربما عوامل تؤدي إلى تفاقم الوضع، مثل تلوث الهواء في المكسيك، لا نعرف شيئا لتفسير هذه النسبة من الوفيات، لكن 20 وفاة ليست عددا هائلا، يجب ألا ننسى أن الأنفلونزا الموسمية تقتل أيضا، ويمكن طرح السؤال لماذا هؤلاء الشبان الذين هم في مقتبل العمر أصيبوا؟ هل الأمر يتعلق فعلا بفيروس «اتش1 ان 1» لأنفلونزا الخنازير؟ هل هناك تركيبة جديدة للفيروس؟ هنا يكمن الخطر. يجب معرفة هوية الفيروس، معرفة لماذا حصلت وفيات مرتفعة أكثر مما هو الأمر بالنسبة لأنفلونزا عادية، ومعرفة ما إذا حصلت وفيات مرتفعة بشكل غير طبيعي. باريس ــ أ.ف.ب |
وقال وزير الصحة المكسيكي، خوسيه أنجيل كوردوبا، إن التفشي الجديد لفيروس «أنفلونزا الخنازير» ربما يكون أودى بحياة ما يصل إلى 81 شخصا في المكسيك، ويخضع 1300 شخص لفحوص للاشتباه في إصابتهم . وتتراوح أعمار معظم من لقوا حتفهم بين 25 و45 عاما، وهي إشارة مثيرة للقلق، لأن عدد ضحايا الأوبئة العالمية التي ظهرت من قبل كان مرتفعا بين الشبان. وخصصت الحكومة المكسيكية 450 ألف دولار، لتغطية تكاليف محاربة المرض، ومنح كالديرون الحكومة صلاحيات خاصة لإجراء فحوص على المرضى وإصدار تعليمات بعزلهم. وأغلقت كل المدارس في مكسيكو سيتي والمناطق المحيطة بها وفي ولاية سان لويس بوتوسي حتى السادس من مايو، كما تعتزم شركات مطالبة العاملين فيها بالعمل من المنزل.
وقالت المفوضية الأوروبية أمس إنه لم ترد تقارير بشأن ظهور حالات من سلالة جديدة لأنفلونزا الخنازير. وقالت متحدثة باسم المفوضية الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي التي تشرف على السياسة الصحية للإنسان والحيوان في التكتل الذي يضم 27 دولة «لم ترد إلينا حتى الآن تقارير عن حالات إصابة في أوروبا، نتابع الموقف عن كثب». وأضافت «الاتصالات المستمرة مع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والولايات المتحدة والمكسيك ومنظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء مستمرة، ونعكف على تقييم المعلومات التي حصلنا عليها بالفعل.
وفي نيوزيلندا، يعالج 10 تلاميذ من مدرسة في أوكلاند عادوا لتوهم من المكسيك من أعراض الأنفلونزا، ورجحت السلطات الصحية أن تكون أنفلونزا الخنازير، لكنها أضافت أن حالتهم جميعا غير خطرة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن ظهور الأنفلونزا «حدث متعلق بالصحة العامة يثير قلقا دوليا». وحثت مديرة منظمة الصحة العالمية مارجريت تشان العالم على تشديد إجراءات الترصد الوبائي، تحسبا ليث ظهور غير عادي لأمراض شبيهة بالأنفلونزا.
وفي القاهرة، شددت السلطات إجراءاتها الصحية لمراقبة القادمين من المناطق المصابة بالأنفلونزا.
وسارعت دول في أنحاء آسيا، والتي اضطرت لمكافحة فيروسين قاتلين، هما أنفلونزا الطيور من سلالة «اتش 5 ان 1 »والتهاب الجهاز التنفسي الحاد «سارس» في السنوات الأخيرة، إلى التحرك، فمسؤولو المطارات وغيرها من نقاط التفتيش الحدودية في هونغ كونغ وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان تفحص المسافرين، لبيان ما إذا كانوا مصابين بأعراض تشبه الأنفلونزا.
وألزمت الصين الأشخاص القادمين من مناطق ظهرت فيها أنفلونزا الخنازير بالإبلاغ عن أية أعراض تشبه الأنفلونزا عند أي ميناء للدخول.
وأعلنت الأرجنتين حالة تأهب صحي يطالب أي من يصل على متن طائرات قادمة من المكسيك توضيح ما إذا كان يعاني من أعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا، ونقل أحد أفراد طاقم قمرة قيادة طائرة تابعة للخطوط الجوية البريطانية إلى مستشفى في لندن، بعد ظهور أعراض عليه تشبه الأنفلونزا خلال رحلة من المكسيك.
وفي القدس المحتلة، أدخل إسرائيلي قادم من المكسيك إلى المستشفى للاشتباه في إصابته بأنفلونزا الخنازير، وأجريت له فحوص لمعرفة ما إذا كان مصابا فعلا بالفيروس الجديد. وتشتبه السلطات الفرنسية أيضا في احتمال إصابة شخصين عائدين من المكسيك بأنفلونزا الخنازير . وفي موسكو، أصدرت الحكومة الروسية تحذيرا لرعاياها من السفر إلى المكسيك.
والسلالة الجديدة للأنفلونزا خليط من فيروسات أنفلونزا الخنازير وأنفلونزا الطيور والأنفلونزا التي تصيب الإنسان، وتمثل أكبر خطر لانتشار وباء عالمي على نطاق واسع منذ ظهور أنفلونزا الطيور عام 1997 الذي تسبب في مقتل مئات.
ووصل فريق خبراء أميركيين إلى المكسيك للعمل مع السلطات الطبية المحلية على احتواء انتشار وباء أنفلونزا الخنازير، وأعلنت السفارة الأميركية في مكسيكو أن الخبراء وصلوا بدعوة من الحكومة المكسيكية. مشيرة إلى أن واشنطن لم تفرض قيودا على المسافرين بين الولايات المتحدة والمكسيك. وذكرت السفارة أن واشنطن تكتفي بتشجيع المسافرين على التقيد بتعليمات السلطات الصحية المكسيكية للحد من خطر انتشار الفيروس.
وفي واشنطن، أعلنت السلطات الصحية المختصة حالة الطوارئ الصحية في عموم الولايات المتحدة . وأكدت سلطات ولاية كنساس الأميركية أن شخصين أصيبا بفيروس أنفلونزا الخنازير في الولاية. وقالت وزيرة الصحة والبيئة في كنساس أن شخصين أصيبا بالفيروس، وشفي أحدهما والآخر لايزال يعاني من المرض.