تقارب حذر بين تركيا والأرمن

لقاء قمة على الطريق الطويل للمصالحة بين تركيا وأرمينيا.                    أ.ف.ب  

أخفقت الجهود الدبلوماسية بين أرمينيا وتركيا في التوصل إلى نتائج جيدة، على الرغم من جو الثقة الذي بدأت به. وفي أثناء الحرب بين روسيا وجورجيا في السابع من أغسطس ،2008 شعرت أرمينيا بتأثيرات تلك المواجهة عليها، حيث توقفت وسائل المواصلات في شوارع مهمة تربط البلدين، ما أدى إلى توقف الإمدادات الحيوية عن أرمينيا.

ونظراً إلى أن أرمينيا واقعة بين أربع دول، منها اثنتان هما تركيا وأذربيجان، توجب على الشعب الأرميني الاعتماد على إيران وجورجيا من أجل الحصول على وارداته . ولكن، بالنظر إلى الأزمة الراهنة بين جورجيا وروسيا، يبدو أن يريفان ترى أنه حان الوقت لدفع الحوار مع تركيا إلى الأمام، بهدف تأسيس علاقات دبلوماسية وفتح الحدود بين البلدين.

وثمة سبب آخر وراء دفع الحوار مع تركيا، تمثل في انتخاب سيرج ساركسيان رئيساً للجمهورية، لكن المعارضة شككت في نزاهة الانتخابات، ووقعت اشتباكات بينها ورجال الشرطة، وقتل جراءها عدد من الأشخاص، وأبدى المجتمع الدولي انتقادات لاذعة لتلك الانتخابات . وأمل ساركسيان أن فتح الحوار مع تركيا يمكن أن يمنحه الشرعية في الخارج.

في الواقع، تدفع أوروبا وأميركا نحو تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا. فقبل الحرب بين روسيا جورجيا، حدث ما يسمى دبلوماسية كرة القدم بين البلدين، حيث دعا الرئيس الأرميني نظيره التركي عبدالله غول لحضور مباراة لكرة القدم بين بلديهما . وإثر ذلك، منح البلدان لذلك الحوار مزيداً من الزخم وراء الكواليس في لقاءات على مستوى وزراء الخارجية. ورحبت تركيا بالمبادرة، لسبب وحيد هو اتهامها بالإبادة الجماعية للأرمن.

وتكافح تركيا منذ عقود ضد قرارات برلمانات تتهمها بالإبادة الجماعية. وهو ما اعترفت به برلمانات 20 دولة، منها روسيا وفرنسا وسويسرا وهولندا وكندا والأرجنتين. وقال مؤرخون في هذه الدول بتورط تركيا في تلك الإبادة إبان الحقبة العثمانية، لكن المسؤولين في أنقرة يرفضون هذه الرواية والقبول بها أو ترويجها، كما تنفق تركيا ملايين الدولارات في حملتها المعارضة لها.

وكانت أهم الدول التي على وشك توصيف ما حدث مع الأرمن بالإبادة أخيرا هي الولايات المتحدة، عندما قرر غالبية أفراد الكونغرس إصدار قرار بهذه الصيغة ولكن تم تأجيل التصويت عليه في الدقيقة الأخيرة.

وفي ظل هذه الظروف، دار نقاش في تركيا بشأن إعادة النظر في العلاقة مع أرمينيا في وسائل الإعلام . وقال المتشددون إن أنقرة يجب أن تحجم عن إقامة علاقات مع يريفان، إلا إذا توقفت الأخيرة عن مطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بموضوع الإبادة. وقال المعتدلون إن أفضل استراتيجية لأنقرة تتمثل في تخريب التناغم بين أرمينيا، التي تعتبر الاعتراف بموضوع الإبادة هدفاً رئيساً في سياستها الخارجية، والأرمن الموجودون في الشتات، الذين سيؤدي التفاوض معهم إلى إحداث صدع بينهم وبين أرمينيا.

وينظر الأتراك إلى الأرمن ليس كجماعة متجانسة، وإنما باعتبارهم ثلاثة جماعات هي: الأرمن الموجودون في تركيا، من يعيشون في أرمينيا. و الأرمن الذين في الشتات .

وعلى الرغم من أن دبلوماسية الكرة القديمة لاتزال تتقدم الآن نحو الأمام، تم أطلق مفكرون في تركيا مبادة مهمة، ووقّعوا على عريضة يعتذرون فيها للشعب الأرمني عما أسموه «الكارثة العظيمة التي تعرض لها الأرمن » .

تويتر