رائد في الجيش الأميركي: أسلوب التعذيب غير مجدٍ
قال رئيس فريق التحقيق الأميركي في العراق الرائد ماتيو ألكساندر إنه ثبت بأن استخدام أسلوب التعذيب من قبل الولايات المتحدة غير مجدٍ، وأنه ربما أدى إلى مقتل عدد من السجناء، يعادل ما قتل من المدنيين في 11 سبتمبر 2001 .
وأضاف «السبب الذي جعل المحاربين الأجانب ينضمون إلى تنظيم القاعدة في العراق، يرجع إلى المعاملة السيئة التي تعرض لها السجناء في معتقل «غوانتانامو» وسجن «أبوغريب»، وليس نظراً إلى أيديولوجية إسلامية».
وكان الرائد ألكساندر أجرى أكثر من 300 تحقيق في سجون العراق، حيث حصل وفريقه على المعلومات التي ادت إلىتمكين الجيش الاميركي من العثور على زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق أبومصعب الزرقاوي.
وقام الجيش الأميركي بقتل الزرقاوي عن طريق قصف المزرعة التي كان يقيم بها في بغداد في السابع من يونيو عام 2006 .وقال الرائد ألكساندر إنه عرف أين كان يقيم الزرقاوي بعد ست ساعات من التحقيق مع سجين كان رسخ معه علاقات ثقة.
ويعتبر موقف الرائد الكساندر إزاء التعذيب الذي كان يقوم به الاميركيون عبارة عن خليط من الغضب الاخلاقي والاحتقار المهني. وقال «يظهر التعذيب مدى نفاقنا عندما نتحدث عن حقوق الانسان». واضاف هذا الرجل المعروف بذكائه وبراعته اللغوية، ويتمتع بخبرة كمحقق جنائي في الجيش الاميركي، ان اسلوب التعذيب غير فعال، اضافة إلى انه غير منتج. وقال «لن يخبرك السجناء إلا النزر اليسير من المعلومات لتخفيف الألم عنهم. وهم يمكن ان يبلغوك بمكان يستخدمه المقاتلون ولكن ليس بطريقة تفيد باعتقالهم».
وذكر الكساندر في كتابه الذي يحمل عنوان «كيف تجعل إرهابياً ينهار»، ان السجناء الذين يخضعون للمعاملة السيئة عادة ما يرفضون الحديث في البداية، أو انهم يقدمون لك معلومات مضللة.
ورفض الرائد في الأميركي في مقابلة معه فكرة «القنبلة الموقوتة» التي يستخدمها كل من يحاول تبرير استخدام التعذيب. وتفترض هذه الفكرة ان هناك قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر في حافلة ركاب أو في شارع، وبالتالي يمكن ان تقتل عددا من المدنيين، والسلطات تعتقل الشخص الذي يعرف مكان القنبلة، فهل يجوز لهم تعذيبه من اجل معرفة الوقت المحدد لانفجارها؟
وقال الرائد الكساندر انه واجه «القنبلة الموقوتة» يوميا في العراق، لاننا «نعتقل اشخاصا يعرفون الكثير عن العمليات التفجيرية». وأكد الكساندر انه لو وضعنا المسألة الاخلاقية جانبا، فإن اساليب التعذيب كانت فاشلة.
واضاف «انها تزيد من اصرار السجناء ورفضهم التكلم، مشيرا إلىان مكتب التحقيقات الفدرالية (إف بي أي)، يستخدم اساليب عادية لبناء الثقة، حتى عند التحقيق في قضية اختطاف، ويكون الوقت عاملاً حاسماً في الموضوع.
وقال الكساندر «حتى لو كانت امي تركب حافلة وعليها قنبلة موقوتة مفترضة، فإنه ليس صحيحا ان نتخيل ان التعذيب هو اسرع طريقة للحصول على المعلومات».
وكان الكساندر أمضى 14 عاما في القوى الجوية الاميركية، حيث بدأ بقيادة مروحية في القوات الخاصة. وشاهد المعارك في البوسنة وكوسوفو، وعمل في مكافحة التجسس في القوى الجوية ومحققاً جنائياً، كما عمل في مكافحة الارهاب في المملكة العربية السعودية، خلال الغزو الاميركي للعراق عام 2003 .وبعد مرور عدة سنوات عانى الجيش الاميركي من نقص في المحققين، فتطوع للمساعدة في تطوير العراق .
وعاد الكساندر إلىالعراق عام 2006 ،واكتشف ان الفريق الذي يعمل معه مؤلف من اشخاص تتراوح اعمارهم ما بين 18 و25 عاما. وبعضهم لم يخرج من الولايات المتحدة في حياته. وكانت المرة الاولى في حياتهم التي يرون فيها شخصا مسلما. ويقول الكساندر انه كان هناك أيضا محققون «من الحرس القديم»، يحققون مع السجناء على طريقة سجن غوانتانامو.
ورفض الكساندر المشاركة في التعذيب والمعاملة السيئة، ومنع الفريق الذي يعمل معه من تلك الممارسات، حيث استخدم وسائل عادية متبعة لدى شرطة الولايات المتحدة. وقبل ان يبدأ التحقيق مع السجناء في العراق، قيل له إنهم على درجة عالية من الأدلجة وانهم مصممون على اقامة الخلافة الاسلامية في العراق، لكنه اكتشف ان الدافع وراء مشاركة مقاتلي القاعدة الأجانب هو ما سمعوه من تعذيب في معتقل غوانتانامو، وما شاهدوه في سجن ابوغريب. اما العراقيون فكان دافعهم لحمل السلاح سياسياً وليس دينياً. ومع نهاية عام 2006 انهى الرائد الكساندر عمله في العراق، وهو يعتقد الآن أن الحرب ضد أساليب التعذيب الاميركية أكثر اهمية من الحرب في العراق، كما يرى ان اعلان الرئيس الأميركي باراك اوباما ضد التعذيب «نصراً تاريخياً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news