بيوت الطين بديل لـ«مشردي غزة» في انتظار إعادة الإعمار
لم يقف سكان قطاع غزة ممن تهدمت بيوتهم في الحرب الإسرائيلية الأخيرة، أو طوال فترات عدوان الاحتلال السابقة، مكتوفي الأيدي، في انتظار رفع الحصار وفتح المعابر من أجل إدخال مواد البناء لإعادة الإعمار، فقد لجأ عدد منهم إلى بناء بيت من طين في محاولة لإيجاد بديل مؤقت لمنازل الخرسانة.
وجاءت فكرة لجوء «مشردي غزة» إلى بناء المنزل الطيني، بعد أن طال انتظارهم لرفع الحصار وإعادة الإعمار، ولم يجدوا مأوى لعائلاتهم وأطفالهم، وما عزز هذه الفكرة لديهم هو انتهاء أحد المواطنين في مدينة رفح جنوب القطاع قبل فترة بسيطة من بناء منزل من طين، والذي انتظر طويلاً فتح المعابر من أجل بناء منزل يؤويه هو وأطفاله.
فقد لجأ المواطن يوسف الحمايدة الذي هدم الاحتلال الإسرائيلي منزله في مدينة رفح جنوب القطاع، إلى بناء منزل من طين، بعد أن ضاقت به سبل إيجاد مأوى له ولأسرته، حيث قال لـ«الإمارات اليوم»: إن «قوات الاحتلال هدمت منزلي، وتشردت أنا وأطفالي، ولم أتمكن من إيجاد مأوى يحمي أطفالي من برد الشتاء وحر الصيف المقبل، فما كان أمامي إلا أن أبني منزلا من طين مثل ما فعل أحد المواطنين».
وأضاف «بدأت أستفيد من المواطنين الذين بنوا منازلهم من طين، وبعض كبار السن الذين عاصروا منازل الطين، التي هي جزء من تراثنا الفلسطيني، كما استفدت من خبرات عمال البناء، الذين يساعدونني في تجهيز منزلي الطيني».
وأوضح الحمايدة أن احتياجات بناء منزل من الطين لا تكلف كثيرا، مقارنة ببناء المنازل الأسمنتية، حيث إن مدينة رفح وعدداً من مناطق القطاع تتميز بتربتها الطينية، إضافة إلى أن الرمال التي تجلب من حفر الأنفاق الأرضية على الحدود الفلسطينية المصرية، تصلح لبناء منازل الطين.
وذكر أن المرحلة الأولى من بناء المنزل الطيني انتهت، حيث وضع قاعدة طينية في الأرض، وبنى فوقها عدة حجارة من طين، مشيرا إلى أن مدة بناء المنزل كاملا تستغرق ما يقارب الشهرين.
كما لجأ أيضا المواطن نضال عبيد من سكان رفح، والذي هدم الاحتلال منزله إلى بناء منزل من طين، حيث قال لـ«الإمارات اليوم»: «لم يكن أمامي طريق إلا البناء بالطين، لأن الوضع الذي نمر به لا يطاق، والانتظار أكثر من ذلك يعني مزيداً من التشرد لأطفالي، لقد استأجرت منزلاً بقيمة 150 دولاراً شهرياً، ولكن لم أتمكن من توفير المبلغ، فقررت أن أبني منزلاً من طين، فقمت بإزالة أنقاض منزلي بمساعدة الأقارب والأصدقاء من عمال البناء، وبدأت أبني فوقه بيتاً من طين».
وقال المواطن جهاد الشاعر من سكان مدينة رفح، والذي انتهى قبل عدة أيام من بناء منزل من الطين لـ«الإمارات اليوم»: «لقد انتظرت أكثر من عامين حتى تفتح المعابر لإدخال مواد بناء، فأنا أعيش في منزل والدي، وقد كبرت أسرتي، حيث لدي ستة أبناء، وكان من المفترض أن ألجأ إلى البناء، ولكن حتى الآن لم تدخل المواد الأساسية لذلك، فقررت أن أبني بالطين، خصوصاً أنه لا يكلفني كثيرا مقارنة بمنازل الخرسانة».
وأضاف « انتهيت من بنائه قبل فترة بسيطة، وكل ما بداخله من طين حتى سرير النوم، كما أقمت مكتبة داخل جدار المنزل الطيني، واستخدمت أخشاباً مستعملة في صناعة النوافذ والأبواب، كما أن هذا المنزل متماسك ومتين، فقد تم تغطية جدرانه بطين مخلوط بـ«شعير ناشف» أو ما يسمى بـ«التبن»، وهو ما يساعد على تماسك الجدران.
وأوضح أن مساحة المنزل المصنوع من طين 120 متراً، ويضم غرفتي نوم، وصالة، وحماماً ومطبخاً صغيري الحجم.
وأضاف أن البيت الطيني يتميز بأنه دافئ في الشتاء، وبارد في فصل الصيف، لافتا إلى أنه مزود بشبكة كهرباء، وخط مياه.
يذكر أن عدد الأسر المشردة التي هدمت منازلها بشكل كامل خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بلغ أكثر من 5000 عائلة فلسطينية، معظم أفرادها من أطفال ونساء باتوا بلا مأوى، في حين بلغ مجمل البيوت السكنية التي دمرت بشكل كامل أثناء الحرب، والتي باتت غير صالحة للسكن وصلت إلى 20 ألف وحدة سكنية.